صاحب الامر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

صاحب الامر

مركز البحوث الكونية والنشأة الاولى - صاحب الامر
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
المواضيع الأخيرة
» ماهية الامامة - أحد فروعها
سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Emptyالثلاثاء 01 سبتمبر 2015, 23:43 من طرف صاحب الأمر

» إلى أخوي رائـــــد
سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Emptyالسبت 25 أبريل 2015, 21:36 من طرف قراني حياتي

» سبوح قدوس رب الملائكة والروح
سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Emptyالإثنين 06 أبريل 2015, 22:56 من طرف عبدالله خورشيد

» نوسترادموس العرب الفلكى احمد شاهين
سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Emptyالأحد 08 مارس 2015, 08:03 من طرف عبدالله خورشيد

» صوت الحق
سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Emptyالجمعة 06 مارس 2015, 10:11 من طرف قراني حياتي

» اعلان الحرب على ابليس والماسونية العالميه 25 يناير
سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Emptyالإثنين 02 مارس 2015, 07:11 من طرف عبدالله خورشيد

» صفحة الإمام المهدي عليه السلام - لا علاقة لها بهذا الموقع -
سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Emptyالخميس 05 فبراير 2015, 01:21 من طرف المغربي

» عطر الولاية
سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Emptyالأحد 28 سبتمبر 2014, 10:37 من طرف قراني حياتي

» مــــــصـــــر والوطن العربى فـــي خــــــطـــــــر
سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Emptyالأحد 28 سبتمبر 2014, 08:11 من طرف قراني حياتي

المواضيع الأكثر نشاطاً
سيرة سيد الخلق
مناظرة المهديين عجل الله هداهم
مباهلة لكل من كذب بأمر الله وعنده الجرأة على يباهل
عطر الولاية
لعبة ورق
مواكب حسينية
مسجات وصلتني
حتى نضع النقاط على الحرف
يقتتل عند كنزكم ثلاثة
صوت الحق
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث

 

 سيرة سيد الخلق

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4 ... 10, 11, 12  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
المغربي
المراقبون
المراقبون
المغربي


عدد المساهمات : 1622
تاريخ التسجيل : 27/01/2014

سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة سيد الخلق   سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Emptyالأحد 08 يونيو 2014, 08:34

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://moons.ahlamontada.com
المغربي
المراقبون
المراقبون
المغربي


عدد المساهمات : 1622
تاريخ التسجيل : 27/01/2014

سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة سيد الخلق   سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Emptyالإثنين 09 يونيو 2014, 09:22

طلع البدر علينا



وصل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة المنورة
وأول ما يلفت النظر في المدينة ..هو رد فعل الأنصار لدخوله (صلى الله عليه وسلم) ..
فرح شامل بقدومه (صلى الله عليه وسلم)
واستقباله (صلى الله عليه وسلم) بالأناشيد والأهازيج..

"طلع البدر علينا من ثنيَّات الوداع..."

وغيرها من الكلمات التي كان يقولها الأنصار بحب حقيقي..
وفرح فطري في داخلهم...
وهذا الفرح بتحمل المسئولية أمر غريب يحتاج منا إلى وقفة...

إذ شتان بين من يبحث عن الدعوة ...وبين من تبحث الدعوة عنه..

شتان بين من يبحث عن الجهاد .. ومن يبحث الجهاد عنه...

شتان بين من يبحث عن التضحية .. ومن تبحث التضحية عنه...

كان الأنصار يبحثون.. أين وكيف نستطيع أن نخدم الإسلام؟

أين نستطيع أن نضحي لأجل أمة الإسلام؟

الأمر الآخر .. أن دخوله (صلى الله عليه وسلم) للمدينة المنورة.. له دلالات خطيرة جدا
ومعناه كما قال الأنصار من قبل .. حرب الأحمر والأسود من الناس..
ومعناه مفارقة العرب كافة
و معناه العداء المستمر مع اليهود الذين يسكنون داخل المدينة ولهم علاقات قديمة مع الأنصار
معناه تضحية
معناه بذل وإنفاق
معناه موت في سبيل الله ...

لكنهم مع ذلك .. فرحون .. مبتهجون بقدومه (صلى الله عليه وسلم) ..
ولو لم يكونوا متيقنين أنه حقا رسول من الله .. وأن الثمن هو الجنة ..
لما رأيتهم على هذا الحال .. وهم مقبلين على خسارة كل ما يملكون .. حتى أنفسهم ..

ولقد خلدهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كثيرا بأحاديثه ..

فقال (صلى الله عليه وسلم) ..

"آية الآيمان حب الأنصار .. وآية النفاق بغض الأنصار"

وما من شك أن هناك أعداء كثيرين في داخل المدينة المنورة وفي خارجها
يتمنون قتل رسول الله (صلى الله عليه وسلم)..
إذ لم يسلم كل أهل المدينة ..

لكن الأنصار منذ اللحظة الأولى يقولون.. نحن معك يا رسول الله
نفديك بأرواحنا وبكل ما نملك..

وتأمل .. كيف رفضت مكة الإسلام ..
وكيف رفضت الطائف الإسلام ..
وكيف رفضت كل القبائل الإسلام ..
ولم يقبل أحد الإيمان به (صلى الله عليه وسلم) .. إلا الأنصار ..

فما أعظم شأنهم ... عليهم رضوان الله أجمعين ..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://moons.ahlamontada.com
المغربي
المراقبون
المراقبون
المغربي


عدد المساهمات : 1622
تاريخ التسجيل : 27/01/2014

سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة سيد الخلق   سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Emptyالإثنين 09 يونيو 2014, 09:24

المسجد



من يتصور .. ما هو أول شيء فعله (صلى الله عليه وسلم)
حينما وصل إلى (قباء) .. أو إلى المدينة المنورة ؟!

وأريد منكم الانتباه جيدا للترتيبات النبوية.. فترتيبها مقصود ..
وكل شيء بحساب ..

(إنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)

وكذلك كل الإشارات في حياته (صلى الله عليه وسلم)..
وحركاته وسكناته بوحي من رب العالمين..
أما الاختيارات البشرية منه (صلى الله عليه وسلم) التي كانت لا تتوافق مع مراد الله..
فكان جبريل ينزل مباشرة ليعدل المسار للمسلمين وليوضح مراد رب العالمين..
فأصبحت السيرة النبوية من أولها إلى آخرها ..بوحي وتأييد من الله..

ولأن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) .. وصل إلى (قباء) أولا .. قبل المدينة..

فماذا فعل في (قباء) ؟!!

كانت أولى خطوات رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هناك .. هي بناء المسجد..

لكننا سنتكلم الآن عن ما حصل في المدينة المنورة .. ثم نعود إلى (قباء) مرة أخرى ..
للأهمية الشديدة ..

أولا .. بقي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في (قباء) لمدة 4 أيام ..
ثم انتقل منها إلى المدينة المنورة..
واستُقبل (صلى الله عليه وسلم) مرة أخرى ..استقبالا رائعا من أهل المدينة
بعد أن كان قد استُقبل (صلى الله عليه وسلم) في (قباء) أول وصوله إليها...

وكان الجميع في المدينة .. يرتقب اللحظة التي ينزل فيها النبي (صلى الله عليه وسلم) عنده
والكل يريد أن يأخذ بخطام ناقته (صلى الله عليه وسلم) ليحظى بشرف إقامته ..
لكن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال لهم كلمة ..
أصبحت بعد ذلك منهجا لحياتهم وحياة المسلمين..

قال عن ناقته .. "دعوها فإنها مأمورة"

نعم مأمورة من رب العالمين
وأنا أيضا مأمور
والمؤمنون مأمورون ...

(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ
وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُبِينًا)

والرسول (صلى الله عليه وسلم) يوضح لهم هذا الأمر جيدا
فهو (صلى الله عليه وسلم) لن يختر أي أمر... ما دام الله سيختار له
فربما يكون هواي أن أكون عند فلان أو علان ... ولكن الله يريد أمرا آخر ..
وعلينا جميعا أن نسمع ونطيع...

وكان من الممكن أن ينزل الوحي ويقول له.. انزل في بيت فلان
أو يقول له .. أقم المسجد في هذا المكان الفلاني.. أو كذا أو كذا
لكن هذا المشهد العلني المري .. وجميع الناس يتسابقون لاستقباله ..
فهو (صلى الله عليه وسلم) يُخرِج نفسه من الاختيار
ويجعل الاختيار الكامل لرب العالمين..

فالطاعة لله قبل محمد ... صلى الله عليه وسلم ..

وبركت ناقة النبي (صلى الله عليه وسلم) في مكان معين بالمدينة
وفي هذا المكان قرر الرسول (صلى الله عليه وسلم) أن يبني المسجد النبوي.

لذلك .. فأول عمل قام به الرسول (صلى الله عليه وسلم) في (قباء) ..
كان بناء المسجد...وهذه صورة قديمة لمسجد قباء ..



كما أن أول عمل قام به الرسول (صلى الله عليه وسلم) في المدينة
كان بناء المسجد...

وهذا الأمر لم يكن على سبيل المصادفة... ولم يكن مجرد إشارة عابرة.. هذا منهج أصيل..
فلا قيام لأمة إسلامية بغير المسجد
أو قل لا قيام لأمة إسلامية بغير تفعيل دور المسجد
لأن المساجد الآن كثيرة
لكنّ الكثير منها غير مفعل.. ولا يقوم بدوره المنوط به..

ويخطئ من يظن أن دور المسجد يقتصر على أداء الصلوات الخمس فحسب
بل إنه في بعض الدول الإسلامية ..يتم غلق المسجد بعد أداء الصلاة مباشرة
وكأن دوره الوحيد هو الصلاة فقط...

وفي الحقيقة ..دور المسجد في الأمة الإسلامية أعمق من ذلك بكثير
فليست قيمة المسجد في حجمه ولا في شكله ولا في زخرفته
ولا من الذي افتتحه أو قصّ الشريط
فهذه كلها شكليات فارغة لا قيمة لها..
بل على العكس من ذلك ..فالرسول (صلى الله عليه وسلم) كان ينهى عن هذه الشكليات
وينهى عن المبالغة في تزيين المساجد..

"لاتقوم الساعة حتى يتباهى الناس بالمساجد"

"يأتي على الناس زمان يتباهون فيه بالمساجد ثم لايعمرونها إلا قليلا"

فربما تجد إنسانا يقوم ببناء مسجد كبير...ثم لا تجد المصلين إلا صفا أو صفين...

وقال (صلى الله عليه وسلم) ..."ما أمرتُ بتشييد المساجد"

ومعنى التشييد ...الرفع فوق الحاجة..



وقال ابن عباس "لتزخرفنّها كما زخرفت اليهود والنصارى" ..

أي نهتمّ بالشكليات من رخام ومرمر وحلي ونجف ..وما إلى ذلك
ولا نهتم بالتربية في داخل المسجد...

والمسجد في حياة الأمة له أدوار في غاية الأهمية..
فأهم دورٍ للمسجد هو الحفاظ على إيمان المسلمين
وهذا هو الأساس الرئيسي الذي اجتهد النبي (صلى الله عليه وسلم)..
أن يغرسه في نفوس أصحابه في مكة
وفي نفوس الأنصار في بيعتي العقبة.. إنه الإيمان بالله..

والمسجد كما يظهر من اسمه أي مكان السجود لرب العالمين
والرضوخ الكامل له ... والطاعة المطلقة لكل أوامره
فإذا لم تكن تربيتي داخل المسجد فقد ضاع مني دور كبير جدا من أدوار المسجد
ومن الصعب جدا أن يجلس المسلمون في بيت الله ..
كي يأخذوا قرارا أو يعتمدوا رأيا .. ثم هم يخالفون ما أراده الله منهم...

و المسجد ... مكان التقاء المسلمين وتقوية الأواصر بينهم.
وإلا فقل لي بالله عليك.. لو لم تكن منتظما في صلاة الجماعة بالمسجد..
فكيف ستعرف من يصلون معك الجمعة؟!
إنك لا تكاد تراه إلا مرة كل أسبوع أو كل شهر
وهذا الأمر لا يقوي إطلاقا الأواصر أو الروابط بين المسلمين
ويختلف الأمر كثيرا إذا كنت محافظًا على الصلوات خمس مرات في اليوم
ستكون علاقاتك بلا شك .. على أقوى مستوى..

والمسجد ...يذيب الفوارق بين الناس .. فالحاكم يصلي بجوار المحكوم
والوزير بجوار الغفير..

والمسجد يتعاون فيه المسلمون على البرّ والتقوى ..دون النظر إلى الفوارق الطبقية التي بينهم.
و المسجد ... مدرسة لتعليم المسلمين كل أمور حياتهم.
والمسجد مكان لقيادة الأمة..
فـ (صلاح الدين الأيوبي) كان يصلي في المسجد...
و(نور الدين محمود) كان يصلي في المسجد...
و (عبد الرحمن الداخل) كان يصلي في المسجد...
و (يوسف بن تاشفين) كان يصلي في المسجد..

فأي بطل من أبطال الإسلام والمسلمين
وأي قائد رفع رأس الأمة فترة من الزمن ..كان مرتبطا بالمسجد..

كما إن سياسة الأمة الإسلامية كلها من عهده (صلى الله عليه وسلم)..
وحتى بعد ذلك ..كانت تُدار من داخل المسجد
فتسير الجيوش من داخل المسجد
وقرارات الحرب من المسجد
والمعاهدات من داخل المسجد
واستقبال الوفود في داخل المسجد
والقضاء في المسجد...

ولم يكن المسجد مقرا للحكم والسياسة والقضاء فحسب
بل كان المسجد أيضًا مكانا لإعلان أفراح المسلمين...
ومكانا لتربية الأطفال..ومكان للترفيه أيضا بأدب..

وكان المسجد مأوى للفقراء وعابري السبيل.. ومكانا لمداواة المرضى.
وليس معنى هذا
أن نحوّل المسجد إلى مستشفى ودار ضيافة ومحكمة ووزارة
لكن المعنى الذي يجب ألا يغيب عن العقل والذهن ..
هو أن تربية المسجد تربية أساسية في إدارة كل هذه الهيئات..
لأن الذي لا يعرف لله حقه ..لن يعرف للخلق حقوقهم
الذي ليس له ضوابط من الشرع ..لن تكون هناك حدود لظلمه وفساده وضلاله في الأرض
الذي لا يعرف طريق المسجد... لا يعرف طريق الحق والعدل والأمانة والشرف.
وهذا الذي منع الناس من تفعيل دور المسجد
لم يؤثر فقط على المصلين في المسجد.. بل أثَّر في المجتمع بكامله..

لذلك عظّم الله من شأن هذه الجريمة

(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا
أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)

فهذا أول شيء فعله رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في بناء دولته
بَنَى مسجد قباء في (قباء)... وبنى المسجد النبوي في المدينة المنورة..

لكن .. كيف كان بناء هذا المسجد ؟!

(1) البساطة في البناء
وكان الاهتمام الكامل بالجوهر لا بالشكل
وكان المسجد مبنيا بالطوب اللبن والجريد
ومع هذا أخرج هذا المسجد عمالقة حكموا العالم كله بعد ذلك...

(2) رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الزعيم والقائد لهذه الأمة
والذي يتمنى الجميع أن يفديه بالنفس والمال
ويحميه بروحه ويتمنى ألا يصيبه أي تعب أو نصب..
نزل بنفسه مع شعبه يبني المسجد
يحمل (صلى الله عليه وسلم) معهم التراب وينقل معهم الحجارة
ويقيم الأعمدة ويخطط للبناء... كل هذا مع شعبه..
وهذا أمر مهم في تربية الشعوب .. ومشاركتها الحقيقية بكل فرح أو قرح ..

الآن ..
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لم يكن لديه بيت..
وعليه أن ينزل في بيت أحدهم .. حتى ينتهي المسلمون من بناء بيت له ..

ولم يبحث (صلى الله عليه وسلم) عن أفخم دور المدينة
ولا عن أعز بيوت المدينة
ولا عن أقرب بيوت المدينة إلى قلبه سواء من ناحية قرابة بني النجارأخواله..
أو من أصحابه أصحاب بيعة العقبة الأولى أو بيعة العقبة الثانية..
لكنه (صلى الله عليه وسلم) قال..

"أي بيوت أهلنا أقرب؟"

هكذا في منتهى البساطة ...أيا كانت هذه الدار
فكل دور المسلمين داره (صلى الله عليه وسلم) وأهله..
بصرف النظر عن أصولهم أو عرقياتهم أو قبائلهم أو ما إلى ذلك..
فقد يكون المسلم الباكستاني أو السوري أو الإندونيسي أو الأمريكي..
أقرب إلى المسلم من أخيه ..
إذا كان هذا الأخ الذي يرتبط به في النسب ولا يشترك معه في العقيدة..

والرسول (صلى الله عليه وسلم) بحث عن أقرب بيوت أهله ..
مع أنه (صلى الله عليه وسلم) من قريش
وهؤلاء من الأوس والخزرج.. فروع أخرى بعيدة تمامًا عن فروع قريش..

وأول بيت وأقرب بيت ...كان بيت (أبي أيوب الأنصاري)..
وفيه استقر الرسول (صلى الله عليه وسلم) فترة من الزمن..

وبعد ذلك بُني لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) بيت
وعندما نقول (بيت) هذا على سبيل المجاز
لأن ما بُني إنما هي حجرة بسيطة وصغيرة جدا تُفتح على المسجد
وبعد ذلك كان لكل زوجة من زوجاته (صلى الله عليه وسلم) حجرة
ولم يكن (صلى الله عليه وسلم) في هذا الوقت متزوجا إلا من (سودة) ..
فكانت حجرة واحدة..
وكان عاقدا على (عائشة) .. لكن لم يكن قد بنى بها بعد ...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://moons.ahlamontada.com
المغربي
المراقبون
المراقبون
المغربي


عدد المساهمات : 1622
تاريخ التسجيل : 27/01/2014

سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة سيد الخلق   سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Emptyالإثنين 09 يونيو 2014, 09:25

بعد أن استقر (صلى الله عليه وسلم) في دار هجرته
بعث (زيد بن حارثة) إلى مكة .. ليصحب بنات الرسول إليها ..
ومعه رسالة من (أبي بكر) إلى ابنه (عبد الله)
يطلب إليه فيها أن يلحق به ..
مصطحبا زوجته (أم رومان) .. وابنتيه (عائشة وأسماء)..
وكان مع (زيد) .. رجل يدعى (أبو رافع) .. وهو مولى النبي (صلى الله عليه وسلم)..

وتهيأ الجميع للسفر ..
وكانت الدنيا لاتسع (عائشة) .. فرحة برؤيتها لحبيبها النبي..
وبدأ (صلى الله عليه وسلم) .. يهيأ دارا لـ (عائشة) ..

وفي احدى الغرف المبنية .. في المدينة المنورة ..
كانت تقيم (سودة بنت زمعة) .. ترعى الشؤون المنزلية..
وتسهر على خدمته (صلى الله عليه وسلم) ..
وكانت معه ابنتيه (أم كلثوم) .. و(فاطمة) ..

أما (رقية) فكانت في بيت زوجها (عثمان بن عفان) في المدينة..

وأما (زينب) فكانت بمكة مع زوجها (أبي العاص بن الربيع).. ابن خالتها (هالة)..
وكان لايزال مشركا .. ولم يفرق بينهما الإسلام بعد ..

بعد ذلك بأشهر معدودات ..
تحدث (أبو بكر) مع الرسول (صلى الله عليه وسلم) .. في اتمام الزواج الذي عقده بمكة ..
قبل 3 سنوات ..

فلبى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) راضيا ..
وأسرع مع رجال ونساء من الأنصار إلى منزل صهره الصديق..
حيث كان ينزل بأهله في بني الخزرج ..

وتصف (عائشة) يوم عرسها فتقول ..

"جاء رسول الله بيتنا .. فاجتمع إليه رجال من الأنصار ونساء..
فجائتني أمي وأنا في أرجوحة بين عذقين..
فأنزلتني ثم سوت شعري ومسحت وجهي بشيء من ماء..
ثم أقبلت تقودني حتى إذا كنتُ عند الباب
وقفتْ بي حتى ذهب بعض نفسي ..
ثم أدخلتني ورسول الله جالس على سرير في بيتنا
فأجلستني في حجره وقالت .. هؤلاء أهلك فبارك الله لك فيهن وبارك لهن فيك..
ووثب القوم والنساء فخرجوا ..
وبنى بي رسول الله في بيتي ..
ما نُحرت علي جزور .. ولا ذُبحت من شاة.."

وحُمل إليهما كذلك قدح من لبن ..
شرب الرسول منه .. ثم تناولته العروس استحياء .. فشربت منه..

وكان البيت .. سوى حجرة من الحجرات التي شيدت حول المسجد
من اللبن وسعف النخيل ..
وُضع فيه فراش من أدم حشوه ليف ..
ليس بينه وبين الأرض إلا الحصير ..
وعلى فتحة الباب.. أسدل ستار من الشعر ..

وهكذا كانت حياة (عائشة) رضي الله عنها في هذا البيت ..
وحين لم يكن لها أولاد .. أنزلت ابن أختها (أسماء) .. (عبد الله بن الزبير) منزلة الابن
وبه كانت تكنى .. فيقال (أم عبد الله) ..
وحين مات أخوها (عبد الرحمن).. ضمت إليها ابنه (القاسم) وابنته الطفلة ..رضوان الله عليها..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://moons.ahlamontada.com
المغربي
المراقبون
المراقبون
المغربي


عدد المساهمات : 1622
تاريخ التسجيل : 27/01/2014

سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة سيد الخلق   سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Emptyالإثنين 09 يونيو 2014, 09:27


أول ما فكر فيه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعد بنائه المسجد
هو دراسة واقع المدينة المنورة بعد أن هاجر إليها..

من يعيش في المدينة المنورة؟

من حول المدينة المنورة؟

من أصدقاء المدينة المنورة؟

من يعادي المدينة المنورة؟

من يُحايد المدينة المنورة؟

لكن ...ما الهدف من دراسة واقع المدينة في ذلك الوقت؟

لأن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سيبني أساسا قويا لدولة ستصبح دولة الإسلام
فيجب أن يعرف الواقع الذي تعيش فيه هذه الدولة
والواقع الذي حول هذه الدولة...

والرسول (صلى الله عليه وسلم) يبني دولة ..
على أرض فيها الكثير من المتغيرات الهائلة
والكثير من المشاكل الضخمة
والكثير من الأزمات الطاحنة
وتعددت الطوائف التي يجب أن يتعامل معها (صلى الله عليه وسلم)
من أول يوم دخل فيه المدينة المنورة..

وكانت كل طائفة من هذه الطوائف لها مشاكل خاصة ولها حسابات مختلفة
ولها أزمات متشعبة ..
ولها أولويات تختلف كثيرا عن أولويات الطوائف الأخرى...

فما هي الطوائف التي تعامل معها رسول الله بالمدينة ؟

المجموعة الأولى - المسلمون وأنواعهم

منهم .. أهل المدينة الأصليون من المسلمين والذين عُرفوا بالأنصار
وكان هؤلاء طائفتين كبيرتين هما الأوس والخزرج..

ومنهم .. المهاجرون الذين فروا بدينهم من مكة إلى المدينة ..
بغير زاد ولا مال ولا أي شيء..وهؤلاء موقفهم صعب للغاية.
ومنهم .. المهاجرون في الحبشة..

ومع بُعد مكانهم إلا أن النبي (صلى الله عليه وسلم) لم ينسهم يوما ..
وعددهم كبير.. أكثر من 80 رجلا وامرأة مع أولادهم وممتلكاتهم
وموجودون في الحبشة منذ سنين...

ومنهم ...المسلمون في القبائل غير المكية الذين يعيشون في شبه استقرار
لكن بعيدا عن المدينة المنورة.. قسم منهم في اليمن ..
وقسم في قبيلة غفار.. وقسم في قبيلة أسلم ..
وفي غيرها من القبائل بعيدا عن المدينة المنورة.. وليس لهم سند..
ومع ذلك ...هم في قبائلهم أعزة.. فما موقف هؤلاء؟

ومنهم .. المستضعفون في مكة الذين لا حول لهم ولا قوة
ولم يستطيعوا أن يهاجروا لضعفهم وقلة حيلتهم ..
مثل (أم الفضل زوج العباس بن عبد المطلب)..
ولم يكن إلى هذه اللحظة قد أسلم
وهي امرأة ضعيفة فكيف تهاجر بمفردها ومعها ابنها الصغير (عبد الله بن عباس)..

فهذه الطوائف الخمس من المسلمين ...
كان على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يضع حلا ومنهجا لكل طائفة..
مع أن هذه الطوائف متباينة
وكل منها يعيش في ظروف تختلف تماما عن الطوائف الأخرى
كلٌ له خلفياته..و تربيته..و أصوله..
و كان على الرسول (صلى الله عليه وسلم) أن يحل كل هذه المشاكل..

المجموعة الثانية - طائفة المشركين

(1) المشركين في المدينة .. الذين فُرض على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) التعامل معهم
فالمدينة المنورة لم تكن ملآنة بالمسلمين ..
بل أن البعض من الأوس والخزرج كان ما زال يعبد الأصنام .. !

(2) مشركون من الأعراب حول المدينة ..
وكانت هذه القبائل تعيش على السلب والنهب وقطع الطريق..

(3) مشركون حول المدينة وهم القبائل الضخمة..
مثل قبيلتي (جهينة ومُزينة) .. وبعض القبائل الأخرى ..

(4) مشركون سوف ترسلهم قريش للحاق برسول الله (صلى الله عليه وسلم)
في المدينة ..

(وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا)


المجموعة الثالثة - اليهود

اليهود كما هو معروف .. أهل غدر وخيانة
وفي الوقت ذاته أهل قوة وسلاح...
ولم يكن اليهود يسكنون حول المدينة.. بل كانوا يسكنون في داخلها..
ولم يكونوا واحدا أو اثنين ..بل 3 قبائل قوية..
قبيلة بني قينقاع.. وقبيلة بني النضير.. وقبيلة بني قريظة..
وهناك قبائل أخرى في شمال المدينة .. في خيبر ..

فهذه ثلاث مجموعات مهمة جدًا ..تعامل معهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
مجموعة المسلمين.. ومجموعة المشركين.. ومجموعة اليهود..
وبعد سنتين ستظهر على الساحة مجموعة رابعة ..هم المنافقون..

فكيف تعامل الرسول (صلى الله عليه وسلم) مع كل مجموعة من هذه المجموعات ؟
ومع كل هذه الطوائف المتباينة؟

وما حكم الشرع الإسلامي في التعامل مع هذه النوعيات المختلفة من البشر؟!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://moons.ahlamontada.com
المغربي
المراقبون
المراقبون
المغربي


عدد المساهمات : 1622
تاريخ التسجيل : 27/01/2014

سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة سيد الخلق   سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Emptyالإثنين 09 يونيو 2014, 09:28

تعامل رسول الله مع مسلمي المدينة



تعامل الرسول مع الأنصار

أن أهم مجموعة عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هي مجموعة المسلمين
إذ إنها عصب الدولة الإسلامية
وهم الذين على أكتافهم سيقوم الصرح الضخم الهائل ..لأمة الإسلام..

وأول طائفة من المسلمين كانت طائفة الأنصار
وهم أهل المدينة الأصليين الذين استضافوا رسول الله والمهاجرين في المدينة المنورة
وقدموا تضحيات كبيرة جدا لإيواء المسلمين ..
مع كل المخاطر التي واجهت الأنصار في تطبيق هذا العمل العظيم..

وكان الأنصار في المدينة المنورة ينقسمون إلى قبيلتين كبيرتين..
هما قبيلتا الأوس والخزرج
وكانت قبيلة الخزرج تفوق الأوس عددا ..ثلاثة أضعاف تقريبا..
لكن المشكلة الكبرى التي واجهته (صلى الله عليه وسلم)..
هي أن العلاقة بين القبيلتين كانت في منتهى الشراسة قبل الإسلام..
فآثار الدماء لم تجف بعد من سيوف هؤلاء وهؤلاء
والحرب التي قامت بينهم ..كانت مشهورة جدا في التاريخ ..
وهي حرب (بُعاث).. ولم تكن بعيدة عنهم ..
فقد كانت قبل بيعة العقبة الأولى بسنتين ..

وكان على الرسول (صلى الله عليه وسلم) .. صهر الأوس والخزرج في كيان واحد
هذا الكيان .. سيدافع عن المدينة المنورة ..ويحل مشاكلها ..
ولا يتذكر أي ثأر كان بينه وبين إخوانه ..
وهذا أمرٌ غاية في الصعوبة ..في هذه البيئة القبلية العربية القديمة...

واعتمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) .. على صدق إيمان الأنصار في التأليف بين قلوبهم
فجمع الأوس والخزرج وذكّرهم بالله ..
ووضح لهم أن الرابط الأساسي في هذا الدين الجديد الذي بُعث به (صلى الله عليه وسلم)..هو العقيدة
وكل ما سوى هذا الرابط ليس بشيء ..

فضرب (صلى الله عليه وسلم) على هذا الوتر الحساس
ولصدق إيمان الأنصار (الأوس والخزرج) فقد تقاربت القلوب
فالإسلام يغير تماما من تكوين الإنسان..
يغير من الدوافع التي كانت تحركه قبل ذلك
ويرتفع بها إلى قوانين السماء
ويترك كل قوانين الأرض الوضعية المادية.. فهي قوانين دنيا ..
لينتقل بعدها إلى قانون السماء الرفيع..

وبين ليلة وضحاها ..
نسي الأوس والخزرج كل العداوات القديمة
وتوحدوا معا مع الرسول (صلى الله عليه وسلم) في خندق واحد
وهذه كانت أول خطوة قام بها رسول الله (صلى الله عليه وسلم)..
حتى قبل خطوة المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار.

تعامل رسول الله مع المهاجرين

كان وضع المهاجرين الاقتصادي قد أصبح في منتهى الخطورة..
فقد تركوا معظم أموالهم أو أموالهم كلها في مكة..
تركوا الديار والأهل والعشيرة والذكريات ..
تركوا كل شيء ..وانتقلوا إلى بلد جديد تماما..
بل إن العديد منهم لم يزر المدينة المنورة من قبل
ولك أن تتخيل رجل ترك كل شيء في حياته .. ثم انتقل إلى قبيلة جديدة في أرض جديدة..
لاتمت تلك القبيلة إليه بصلة ..

بالإضافة إلى أن المدينة المنورة كانت تعاني من الفقر..
فالأنصار لم يكونوا من الأغنياء.. وكان عمومهم من الفقراء ..

ولقد أتى المهاجرون .. وحمّلوا الأنصار هما على همهم..
وكان الأنصار يعيشون حياتهم على الكفاف.. وينفقون على أنفسهم أقل القليل
فكيف ينفقون على غيرهم؟!

وكيف حلَّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هذه المشكلة الاقتصادية الكبرى الضخمة
التي ستواجه المدينة المنوّرة عند نزول المهاجرين إليها؟

أضف إلى ذلك .. أن الحالة النفسية للمهاجرين لم تكن على ما يرام
وكانوا يحتاجون إلى تطييب خواطرهم لما تركوه في مكة ..

ولقد احتوى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هذه الأزمة بمنتهى الحكمة
وتمكَن بالمنهج الرباني الحكيم والوحي الذي أوحاه الله له ..أن يقرب المهاجرين والأنصار
ويجمعهم في بوتقة واحدة..

لكن كيف تم ذلك ؟!

(1) التقريب بين المهاجرين والأنصار

من أجل توحد المسلمون في كيان قوي.. ولكي يرفع الله من معنويات المهاجرين
الذين شعروا بشيء من الذلة والضعف.. نتيجة لتركهم أهلهم وأموالهم وذويهم..
فكان يجب على كل واحد منهم .. أن يعرف أنه مكرم عند الله بسبب هذا الدين ..
فأنزل الله على رسوله (صلى الله عليه وسلم)....آيات ..رفعت من قدر المهاجرين..
والمهاجر أصبح يفتخر أنه مهاجر.. والأنصاري أصبح يفتخر بأنه آوى مهاجرا...!

(فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا
لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللهِ
وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ)

(وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)

(الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ)

(لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا
وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ)

ثم قال الله سبحانه عن الأنصار ..

(وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ
وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ
وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)

فماذا حصل بعد ذلك ؟!

لقد افتخر المهاجرون بالهجرة.. وتسابق الأنصار لنصرتهم .. إرضاءا لله ..

(2) الكفالة السريعة للمهاجرين

يجب أن يهيأ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لهذه الأعداد الضخمة الداخلة .. مأوى ميسورا ..
وقد فعل الرسول (صلى الله عليه وسلم) شيئا .. لم يفعله أحد من قبل ..
وهو المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار..
وكانت فكرة عجيبة .. إذ جمع (صلى الله عليه وسلم) المهاجرين والأنصار
وجعل كل واحد من المهاجرين ..أخا لواحد من الأنصار..
وجعل الأخوة في كل شيء ... حتى في الميراث ..
فلو مات أحد المهاجرين ورثه أخوه الأنصاري ..والعكس..
وبعد ذلك نُسخ حكم الميراث .. لكن كان في بداية الأمر من مظاهر الأخوة..

وكانت هناك قصص من المؤاخاة عجيبة ..
فمنهم من أعطى نصف ماله .. ومنهم من اعطى احدى زوجاته بعد تطليقها ..
وبعض المهاجرين لعزة نفسه .. رفض هذا العرض .. مثل (عبد الرحمن بن عوف) ..
وقال للأنصاري .. بارك الله لك في أهلك ومالك .. أين سوقكم؟ ..
فــ (عبد الرحمن بن عوف) .. يريد أن يعمل ..
أن يأكل من عمل يده .. وخاصة أنه كان تاجرا كبيرا في مكة .. وقد تم له ذلك في المدينة..
ومن تلك القصص .. ما حدث بين أخوة (سلمان الفارسي وأبو الدرداء) رضي الله عنهما ..
مع أن (سلمان) لم يكن عربيا .. بل فارسيا ..
لكن المؤاخاة لغت هذه الفوارق تماما ..
لدرجة أن (سلمان) زار بيت (أبا الدرداء) مرة ..
فرأى (أم الدرداء) رثة الهيئة.. وكان هذا قبل أن يفرض الحجاب..
فقال لها سلمان.. ما شأنك؟
قالت.. أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا..
فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما..
فقال له سلمان.. كُل..
فقال أبو الدرداء.. إني صائم...
قال سلمان.. كل .. وأقسم عليه أن يأكل ويفطر... فأكل أبو الدرداء مع أخيه..

فلما كان أول الليل ..ذهب أبو الدرداء يقوم للصلاة ..
وكان قد اعتاد أن يقوم الليل كله
فقال له سلمان.. نم... . فنام أنه ضيفه ولا يريد أن يخالفه
ثم استيقظ بعد قليل ..
فقال له سلمان .. نَم .. فنام ..
فلما كان آخر الليل... قام (سلمان) فقال له .. قُم الآن ..
فصلى الاثنان سوية ..
ثم قال له سلمان .. إن لربك عليك حقا.. وإن لنفسك عليك حقا.. وإن لأهلك عليك حقا..

لكن أبا الدرداء لم يقتنع بما فعله معه سلمان..
فذهب إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يشكوه ..
فلما ذكر (أبو الدرداء) لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) هذه القصة ..
قال عليه الصلاة والسلام .. "صدق سلمان"

هذا كان مثالا لكي نتصور ..
أن المؤاخاة سمحت للمهاجر أن يتدخل حتى في حياة الأنصاري الشخصية ..
فهي اخوة حقيقية .. لا مجرد حبرا على الورق ..

(3) الأخوة في الله

بدأ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) باعطاء المسلمين ..
كمّا هائلا من الاحاديث التي تحمسهم على الأخوة في الله .. وترفع من أجرها ..
فقال ..

"لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"

"لاتدخلوا الجنة حتى تؤمنوا .. ولاتؤمنوا حتى تحابوا..
أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم .. أفشوا السلام بينكم"

لكن ذلك لم يكن كافيا .. لأن الدولة سوف تواجه تحديات خطيرة ..
فلابد من وضع قوانين ودساتير مكتوبة ..

(4) ميثاق الدولة الإسلاميّة

وضع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما يعرف بالميثاق
وفيه توضيح كامل للعلاقة بين المهاجرين والأنصار.. ملخصه ..

أنهم أمة واحدة من دون الناس... فذابت الفوارق بين عموم المسلمين ..

وأن المهاجرين من قريش يتعاقلون بينهم.. أي يدفعون الدية..
بمعنى أنه إذا قتل أحد المهاجرين رجلا.. فعلى المهاجرين أن يجتمعوا لدفع ديّة القتيل..
ولو تم أسر أحد المهاجرين ..فعلى المهاجرين أن يجتمعوا لدفع فدية هذا الأسير لفك أسره..
كل قبيلة من الأنصار يتعاقلون معاقلهم الأولى...
وكل طائفة منها تفدي عانيها بالمعروف والقسط بينهم..
وصحيح أن الإسلام يكره القبيلة والتحزب .. لكن في مواقف كهذه ..
لابد من التعاون الاقتصادي لرفع الحساسية بين الناس ..
كما يتعاون من استطاع منهم على قضاء حاجات غيرهم..
كسداد الدين .. وتيسير الزواج .. ومِنح العمل .. وغيرها .

وعلى جميع المؤمنين التعاون على من بغى منهم في ظلم أو إثم أو عدوان أو فساد بين الناس..
ولو كان ذلك الظالم ابن احد منهم .. فلا تميز في الإسلام ..
ولا يقتل مؤمن مؤمنا في كافر... ولا ينصر كافرا على مؤمن..
بمعنى .. لايمنعك عدم إسلام أبيك أو أخيك أو قريبك من قتله .. إن كان في جيش المشركين ..
فلا مشاعر ولا أواصر إلا ما كان لله ..
فالحروب قادمة .. وعليهم الموافقة على بنود كهذه قبل القتال..

وأخيرا .. أي اختلاف يحدث بينهم .. فإن مرده إلى الله وإلى رسوله (صلى الله عليه وسلم) ..

(5) الكفالة طويلة المدى للمهاجرين

كان من الصعب ان يبقى المهاجرون على حالهم .. يأخذون من الأنصار دوما ..
ويبقون عالة على غيرهم ..
لذلك سارع الأنصار إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ..
أن يقسم بينهم وبين إخوانهم المهاجرين نخيل المدينة.. لأن النخيل كثير
وهو من مصادر الدخل الرئيسية عندهم..
لكن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) واقعي.. رفض طلبهم هذا..
فهو لا يريد للأنصار أن يقدموا كل هذا العطاء العظيم.. ثم يندمون بعد ذلك..

فاقترح الأنصار عليه اقتراحا آخر ..
قالوا للمهاجرين .. تكفونا المئونة ونشرككم في الثمرة
فقبل المهاجرون شرطهم ..

وعلى هذا .. بدأ المهاجرون يعملون في أرض الأنصار.. ويقسمون الناتج بينهم
فأصبحوا عنصرا فعالا في المجتمع المدني ..

(6) إعطاء المهاجرين كل الحرية في المدينة

القانون الأخير أن يكون للمهاجرين الحرية الكاملة في المدينة .. حالهم حال اهل البلد ..
حرية التملك.. وحرية الزواج... وحرية الدخول في مجالس الشورى...
وحرية قيادة الجيوش بل قيادة الدولة كلها..
فقد كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من المهاجرين..
وكذلك كان خلفاؤه رضوان الله عليهم إلى أزمان بعيدة..
بل إننا لا نعلم أنصاريا تولى خلافة المسلمين أبدا..

فهل نعلم دولة في العالم .. اعطت حقوقا للاجئين .. مثلما اعطى صلى الله عليه وسلم..؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://moons.ahlamontada.com
المغربي
المراقبون
المراقبون
المغربي


عدد المساهمات : 1622
تاريخ التسجيل : 27/01/2014

سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة سيد الخلق   سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Emptyالإثنين 09 يونيو 2014, 09:28

المسلمون خارج الدولة الإسلامية



(1) مهاجرو الحبشة

كان في الحبشة أكثر من 80 من المهاجرين المسلمين
وهم في بلد لا يظلم عند حاكمها أحد
لكنهم في الوقت ذاته ..في بلد لم تكن مؤهلة لإقامة دولة إسلامية..

فما كان من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ..
إلا أن سارع بعدما شعر بالاستقرار في المدينة المنورة
باستدعاء بعض مهاجري الحبشة.. وليس كل المهاجرين
ليساعدوه في إقامة الدولة الجديدة ..
صحيح أن البناء يحتاج إلى طاقات كثيرة .. لكن لم يكن الاستدعاء لكل المهاجرين..

لماذا ؟!

لكي تكون الحبشة بمنزلة قاعدة أخرى للإسلام هناك
في حال فشل قيام الدولة في المدينة المنورة ..
خاصة وأن قريش ما زالت تتربص بالمسلمين .. وكذلك اليهود ..
مع القبائل غير المسلمة التي كانت تحيط بالمدينة ..
ولم يرسل في طلبهم جميعا .. إلا بعد صلح الحديبية .. أي في سنة 6 هــ..

(2) المسلمون في القبائل البعيدة

المسلمون في القبائل البعيدة .. في اليمن وغفار وأسلم وغيرها
أبقاهم (صلى الله عليه وسلم) في أماكنهم.. لأن كل واحد منهم كان مصدر إشعاع لمن حوله..
يعمل في الدعوة إلى الله.. ويدعو قومه أو غيرهم..
فهناك أماكن كثيرة لن يصل إليها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بنفسه
فيوصّلون هم دعوته إليها
كإرسال (الطفيل بن عمرو الدوسي) لدعوة قبيلة (دوس) باليمن ..
وإرسال (أبو ذر) لدعوة قبيلة (غفار)..
وإرسال (عمرو بن عبسة) لدعوة قبيلة (أسلم) ..
وهكذا.. كل واحد منهم في مكان..

ومع مرور الوقت يكثر المسلمون في الأماكن المختلفة
فإذا جاء الوقت المناسب.. استدعاهم الرسول (صلى الله عليه وسلم)..

(3) المستضعفون في مكة

هؤلاء لم يكن لهم حيلة..
وقد أمرهم (صلى الله عليه وسلم) بالكتمان قدر المستطاع .. فلم يعلنوا إسلامهم
ولم يخرجوا سرهم حتى لا يُستأصلوا .. حتى يأتي الله بأمره..
وهؤلاء المستضعفين .. لم تُحل مشكلتهم إلا بعد فتح مكة..
وظلوا في مرحلة السرية لمدة 8 سنوات من إقامته (صلى الله عليه وسلم) في المدينة..!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://moons.ahlamontada.com
المغربي
المراقبون
المراقبون
المغربي


عدد المساهمات : 1622
تاريخ التسجيل : 27/01/2014

سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة سيد الخلق   سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Emptyالإثنين 09 يونيو 2014, 09:29

المشركون حول المدينة وخارجها



(1) رسول الله والمشركون

كانت استراتيجية العمل مع المشركين في ذلك الوقت داخل الدولة ..
من ناحية السلم .. هي فقط إيصال الدعوة وحسن الجوار..
وتجنب الصدام بقدر المستطاع.. بل التعاون في القضايا المشتركة هو الأساس..

(2) المشركون في المدينة

قرر بعض المشركين الخروج من المدينة لما دخلها (صلى الله عليه وسلم)
كان من هؤلاء (أبو عامر الفاسق) الذي كان معروفا (بأبي عامر الراهب)..
وقد دار بينه وبين الرسول (صلى الله عليه وسلم) حوار .. أوضح فيه ما في داخله..
وقرر الخروج من المدينة ..
وهو أبو الصحابي (حنظلة بن أبي عامر) المعروف بغسيل الملائكة ..
الذي استشهد في غزوة أحد ..

كان (أبو عامر) يدعي أنه راهب.. وأنه على دين الحنيفية.. ولبس المسوح ..
فلما ذهب (صلى الله عليه وسلم) للمدينة المنورة ..
ذهب إليه (أبو عامر الراهب) .. وبدأ يحاوره..

قال أبو عامر.. ما هذا الدين الذي جئت به؟

قال (صلى الله عليه وسلم).. "جئتُ بالحنيفية دين إبراهيم"

قال الراهب .. فأنا عليها..

فقال (صلى الله عليه وسلم) .."إنك لست عليها" ..

وكأنه يقول له .. أن هناك تحريفا كبيرا في الديانة التي تتبعها ..

قال أبو عامر.. بلى عليها.. إنك أدخلت يا محمد في الحنيفية ما ليس منها..

قال (صلى الله عليه وسلم)... "ما فعلتُ .. ولكني جئتُ بها بيضاء نقية"

قال الراهب.. الكاذب أماته الله طريدا وحيدا غريبا...

وكأنه بهذا يتهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالكذب ..
وأن الله سيميته كما يزعم .. طريدا وحيدا غريبا ..

إلا أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ..
رد عليه بكل ثبات .. "أجل.. من كذب فعل الله تعالى به ذلك"

وسبحان الله .. حصل بـ (أبو عامر) ذلك بالحرف ..
فلم يحتمل هذا الرجل محبة المهاجرين والأنصار له (صلى الله عليه وسلم)..
فضاقت عليه المدينة .. وقرر الخروج منها ..
وسماه (صلى الله عليه وسلم) بــ (أبو عامر الفاسق) ..

ولقد عاش في مكة 8 سنوات .. حتى فتحها (صلى الله عليه وسلم) في 8 هـ ..
فهرب من مكة واتجه إلى الطائف ..
وبعدها بقليل .. أسلمت الطائف في سنة 9 هـ .. !
فهرب من الطائف وعاش في الشام.. وهناك مات طريدا وحيدا غريبا..

الأمر الآخر .. كانت هناك مجموعة كبرى من الأوس والخزرج بقيت على شركها
وتعيش في المدينة المنوّرة..
وعلى رأس هؤلاء (عبد الله بن أُبيّ ابن سلول).. وهو الذي أصبح بعد ذلك زعيما للمنافقين..
وقد كان فيما مضى .. زعيما للخزرج .. وكان على وشك أن يصبح ملكا على القبيلتين ..

لكن الأحداث تغيرت .. وظهر (صلى الله عليه وسلم) في مكة..
وآمن به 6 من الخزرج وهي قبيلته .. ثم 12 في بيعة العقبة الأولى .. ثم 73 في العقبة الثانية..
هذا كله و(ابن سلول) لا يعلم شيئا .. مع أنه كان رئيس الوفد اليثربي إلى مكة ..
فلما جاء (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة .. وأصبح هو القائد الحاكم..
تحرك الحقد في قلب (ابن سلول) على أشد ما يكون..
وخاصة أنه (صلى الله عليه وسلم) ليس منهم بل من قبيلة أخرى .. ومدينة أخرى..
وكان هذا الأمر مستحيلا عند العرب..

لذلك .. رفض (ابن سلول) الأمر كلية .. ولم يقبل حتى جزء منه ..
لكن لم يكن أمامه إلا أن يتظاهر بالإيمان .. حتى لايراقبه أحد ..

وسنحكي لكم قصة .. تعبر عن حقد هذا الرجل .. وكيف تعامل معه (صلى الله عليه وسلم)..

روى البخاري .. أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ركب على حمار
ومعه (أسامة بن زيد) وراءه.. وكانا يزورنا (سعد بن عبادة) بسبب مرضه ..
ولم يكن (ابن سلول) قد أعلن إسلامه بعد ..
فمرا على مجلس أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود ..
فلما مر حمار رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بجانب القوم .. غبرّ التراب..
فقال (ابن سلول) يرفع صوته على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) .. لا تغبروا علينا...!

قالها بشيءٍ من الحدة
ليوضح غضبه عليه (صلى الله عليه وسلم)..
لكن الرسول (صلى الله عليه وسلم) تجاهل هذه الكلمة..
ولم يهتم بها ونزل من على حماره.. وسلم عليهم...
ثم وقف ودعاهم إلى الله تعالى ...وقرأ عليهم من القرآن الكريم..

فقال (ابن سلول) وهو يتميز من الغيظ .. أيها المرء (يخاطب رسول الله)
إنه لا أحسن مما تقول إن كان حقا.. ولكن لا تؤذنا به في مجالسنا..
وارجع إلى رحلك، فمن جاءك فاقصص عليه...!

فقال (عبد الله بن رواحة) وهو شاب صغيرمسلم ... بلى يا رسول الله..
ألا فاغشنا به في مجالسنا.. فإنا نحب ذلك

ثم حدثت معركة كلامية .. استبّ المسلمون والمشركون واليهود
فريق مسلم مع (بن رواحة) .. وفريق من المشركين يقودهم (ابن سلول).. وفريق من اليهود ..
لكن اللطيف في الرواية هو موقف اليهود..
فعلى الرغم من أن اليهود لم يسبهم أحد.. أو يتحدث معهم
إلا أنهم وجدوها فرصة لإثارة الفتنة.. حتى كادت تقوم بينهم معركة بالسيوف..
فلم يزل النبي (صلى الله عليه وسلم) يُخفضّهم حتى سكنوا.
لكنه (صلى الله عليه وسلم) لم يترك الأمر هكذا
فذهب إلى (سعد بن عبادة) أحد زعماء الخزرج..

فقال له.. "أرأيت الذي فعل أبو حباب (يريد عبد الله بن أُبيّ ابن سلول).. قال كذا وكذا"

فقال سعد بن عبادة.. يا رسول الله.. اعفُ عنه واصفح..
فوالذي أنزل عليك الكتاب.. لقد جاء الله بالحق الذي أنزل عليك
ولقد اجتمع أهل هذه البَحيرة على أن يتوجوه فيعصبوه بالعصاب..
فلما أَبَى الله ذلك بالحق الذي أعطاك الله ..شَرِقَ بذلك.. فذلك الذي فعل به ما رأيت ..فاعذره.

وهكذا كانت الرؤية واضحة عند (سعد بن عبادة).. ونصح لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)..
لأنه يعلم ما في نفس (ابن سلول) ...

(3) المشركون من الأعراب

كان (صلى الله عليه وسلم) يرسل للمشركين من الأعراب قدر المستطاع
بعض من يدعوهم للإسلام.. وكان يتخيرهم من أفراد قبيلتهم..
فحينما أرسل (أبو ذر) إلى قبيلة غفار .. أتى (أبو ذر) بنصف القبيلة مسلمة ..!
ودعا لها رسول الله (صلى الله عليه وسلم)... "غِفار .. غفر الله لها".

(4) المشركون في القبائل الكبرى خارج المدينة

حاول (صلى الله عليه وسلم) أن يرسل إليهم من يعقد معهم معاهدات
فعقد معاهدة مع قبيلة (جُهينة).. وهي قبيلة كبيرة في غرب المدينة المنورة
وهذه المنطقة مهمة .. بسبب طريق القوافل القرشية القادمة من مكة إلى الشام ..

هنا ..
لم يتبقَ إلا المشكلة الكبرى..وهي مشكلة مشركي قريش ..

وقد يعتقد البعض ..أنه ما دام (صلى الله عليه وسلم) قد ابتعد عنهم مسافة 500 كم ..
فإن ذلك سيمنع عنه خطرهم.. أو يهديء الاوضاع ..
إلا أن ذلك ليس صحيحا ..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://moons.ahlamontada.com
المغربي
المراقبون
المراقبون
المغربي


عدد المساهمات : 1622
تاريخ التسجيل : 27/01/2014

سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة سيد الخلق   سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Emptyالإثنين 09 يونيو 2014, 09:30

قريش وإثارة الفتنة الطائفية في المدينة



لم يكن معتادا مطلقا على القبائل المحيطة بمكة .. أو حتى القريبة منها..
أن تقف في وجه قبيلة قريش .. بل كان الجميع يحرص على إقامة علاقات دبلوماسية معها ..
فقريش ترعى البيت الحرام .. وتهتم بأمور الحجاج في مكة ..
ولها المكانة الكبرى في قلوب العرب ..

وبعد هذا الكلام .. فقريش لن تسكت على هذا الطعن الخطير من قبل الأوس والخزرج..
عندما استضافوا رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه من المؤمنين.
وليس ذلك فحسب ..
بل ان قريشا لها علاقات تحالف وتجارة وإجارة مع الأوس والخزرج ..
كما بينهم حتى مصاهرة وزواج ..
فكان أخواله (صلى الله عليه وسلم) من بني النجار ..

ومما لا شك فيه .. أن هجرته (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة ..
وقبول الأوس الخزرج أن يعيش (صلى الله عليه وسلم) بينهم بولاء له مطلق..
سوف يؤثر حتما على العلاقات اليثربية القرشية .. وهذا كان ما لاتقبل به قريش..!

الطامة الكبرى التي تفكر بها قريش .. هي إسلام اليهود ..
ولو حصل فسوف تضاف قوة كبرى إلى قوة المسلمين ..
خاصة وأن اليهود يملكون السلاح والحصون والعتاد والأفراد والأموال..

والعامل الحتمي أن اليهود أهل كتاب .. ويتحدثون عن الإله الواحد..
والرسل والكتب السماوية وعن ظهور نبي في هذه الفترة من الزمان ..
فلا يُستبعد إسلامهم ...

فماذا فعلت قريش ؟!

كان عليها أولا اتباع الطريق الأسهل ..
وهي المراسلات والمفاوضات .. لكن المشكلة أنها كانت جميعا تحمل طابع التهديد ..

فمثلا .. راسلت قريش زعيم المشركين في المدينة (ابن سلول) ..
واستغلت رغبته في الملك والسيادة.. وكراهيته لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)..
وطبيعته الجبانة التي لا تقدر على المواجهة..
فأرسلت إليه وإلى مشركي المدينة بصفة عامة رسالة..

كتبت له قريش ..

"إنكم آويتم صاحبنا.. وإنَّا نقسم بالله لتقاتلنه أو لتخرجنّه..
أو لنسيرنّ إليكم بأجمعنا حتى نقتل مقاتلتكم ونستبيح نساءكم"

تهديد مباشر لمشركي الأوس والخزرج لإخراج الرسول (صلى الله عليه وسلم) أو قتله
هكذا صراحة..
وهذا التهديد يوافق هوى (ابن سلول) .. فماذا فعل .. ؟

جمع المشركين من الأوس والخزرج.. وقرر أن يقاتل المسلمين من الأوس والخزرج...!

سبحان الخاتم على القلوب ..!

وكانت فتنة طائفية داخلية توشك أن تنشب بين المسلمين ..
وطائفة أخرى على غير دينهم تعيش معهم في داخل البلد الواحد..

فماذا يفعل القائد الحكيم في مثل هذه المواقف؟

جاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سريعا
وحاول قدر استطاعته أن يوقف الصراع قبل أن يبدأ..

لكن علينا أن نتذكر أمرا مهما ..
وهو أنه (صلى الله عليه وسلم) لن يستطيع أن يذكِر أحدا بالجنة والنار ..وبالعقيدة والمبادئ الإسلاميّة...
لأن بين القوم هؤلاء مشركين .. لكن النبي (صلى الله عليه وسلم) ضرب على وترين مهمين جدا ..

(1) وتر التحدي وإثارة النخوة والعزة والإباء الموجود عند العرب كلهم
سواء كانوا مسلمين أو مشركين
فقال لهم.. "لقد بلغ وعيد قريش منكم المَبالغ.. ماكانت تكيدكم بأكثر مما تريدون أن تكيدوا به أنفسكم"

(2) وتر الرحم والقبيلة... فقال لهم (صلى الله عليه وسلم).. "تريدون أن تقاتلوا أبنائكم وأخوانكم!"...
وكأنه (صلى الله عليه وسلم) يقول لهم .. أ تريدون أن يقتل الأوسيّ أوسيا؟!

هل سيقتل الخزرجي خزرجيا؟!

هل سيقتل اليثربي يثربيا آخر من بلده ووطنه..
ويعيش نفس ظروفه ويتعرض لنفس المخاطر التي يتعرض لها؟!

فلما سمع القوم هذا الكلام تفرقوا جميعا ...مسلمهم ومشركهم...

إنها حكمة بالغة منه (صلى الله عليه وسلم)..
فالفتنة الداخلية تدمر البلد أكثر من غزوه من عدو خارجي..
وهكذا فشل المخطط الأول لقريش...

لكن قريش لم تيئس.. فالحرب ما زالت مستمرة...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://moons.ahlamontada.com
المغربي
المراقبون
المراقبون
المغربي


عدد المساهمات : 1622
تاريخ التسجيل : 27/01/2014

سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة سيد الخلق   سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Emptyالإثنين 09 يونيو 2014, 09:32

الحرب النفسية ضد المسلمين



لم تسكت قريش على ما حصل .. ومخافة ما سيحصل ..

فأرسلت رسالة إلى المسلمين قالت لهم.. لا يغرنكم أنكم أفلتمونا إلى يثرب
سنأتيكم فنستأصلكم.. ونبيد خضراءكم في عقر داركم...

أسلوب التهديد والوعيد.. وهو أسلوب قديم حديث..
وهذا الأسلوب وإن كان يُحتمل أنه من قبيل الحرب النفسية على المسلمين
إلا أن المسلمين أخذوه مأخذ الجد ..فالعقل لا يمنع أن تغزو قريش المدينةَ المنورة..
أو على الأقل أن تخطط لقتل الرسول (صلى الله عليه وسلم)..

ولأجل هذا ..
كان (صلى الله عليه وسلم) كثيرا ما يبيت ساهرا ..حذرا من غدر قريش
وفي يوم من الأيام تعب (صلى الله عليه وسلم) من كثرة السهر..
كما تروي (عائشة) رضي الله عنها ..

"حيث سهر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مقدمه المدينة ليله.
فقال.. ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسيني الليلة..
قالت.. فبينما نحن كذللك .. سمعنا خشخشة سلاح ..
فقال (صلى الله عليه وسلم).. من هذا
قال .. سعد بن أبي وقاص
فقال له (صلى الله عليه وسلم).. ما جاء بك؟!
قال .. وقع في نفسي خوف على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فجئت أحرسه..
فدعا له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) .. ثم نام"

كان هذا ..هو حال المسلمين في المدينة.. بل كان هذا الموقف كل ليلة ..
ولم تتوقف الحراسة عنه (صلى الله عليه وسلم) .. إلا بعد أن أنزل الله قوله ..

(وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)

فأخرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رأسه من القبة ..

فقال .. "يا أيها الناس .. انصرفوا .. فقد عصمني الله"

وهذه الخاصية كانت لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)..
فقد عصمه الله تعالى من الناس
لكن عموم القيادات الإسلامية لا بد أن تحمي نفسها من أعدائها...
وهذا التهديد لم يكن خاصا به وحده (صلى الله عليه وسلم)..
بل بكل أتباعه ..وخصوصا كبارهم ..

فقد رصدت قريشا 100 ناقة لمن يأتي بـ (أبي بكر) حيا أو ميتا ..

لذا .. كان حال مسلمي المدينة عجب .. لايبيتون إلا بالسلاح .. ولايُصبحون إلا فيه ..

لكن ... هل هذا كان كل ما فعلته قريش ؟

في الحقيقة لا ..

فقد قررت قطع العلاقات الدبلوماسية مع المدينة المنورة ..

لأن قريش تفتخر على غيرها من القبائل بأنها تسقي الحجيج.. وتعمر البيت الحرام
وكانت القوانين والأعراف في الجزيرة العربية كلها وخاصة في مكة ..
تقضي بأن من يريد أن يدخل البيت الحرام فهو آمن.. بل يُكرم ويُرعى ويُخدم..

وقد تنكرت قريش لكل هذا.. فمنعت أهل المدينة من البيت الحرام ..

وفي حديث رواه البخاري عن زعيم الأوس (سعد بن معاذ) .. إنه قال..
أن (سعدا) كان صديقا (لأمية بن خلف) .. وكان (أمية) إذا مر بالمدينة نزل عند (سعد)..
وكان (سعد) إذا مر بمكة نزل عند (أمية) ..
فلما قدم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المدينة ..
انطلق (سعد) معتمرا.. ونزل عند (أمية) ..
ثم طلب منه مرافقته في الطواف بالبيت .. ثم خرجا سوية فمر بهم (أبو جهل)

فقال (أبو جهل) لـ (أمية) .. يا أبا صفوان من هذا معك ؟!

مع أن أبو جهل يعرف أن هذا (سعدا) وهو سيد الأوس ..!

فقال (أمية) .. هذا سعد ..

وكان هذا كافيا لأن (أمية) يعلم أن السائل يعرفه ..

فقال له أبو جهل .. ألا أراك تطوف بمكة آمنا.. وقد أويتم الصٌباة وزعمتهم أنكم تنصرونهم وتعينونهم..
أما والله لولا أنك مع أبي صفوان .. ما رجعتَ إلى أهلك سالما ..!

وهذا تهديد خطير من (أبي جهل) .. كأنه فقد كل صوابه وحكمته مع التعامل مع زعيم قبيلة..

فقال له سعد رافعا من صوته .. أما والله لئن منعتني هذا لأمنعنّك ما هو أشد عليك منه ..
طريقك إلى المدينة..!

وأنظر في موقف (سعد بن عبادة) .. فلقد كان واقعيا جدا ولم يهزه تهديد (أبي جهل) ..
ولم يرد عليه بقتل أو بغزو مكة أو بالقدوم معتمرا رغم أنفه ..
ولكن هدده بما يملك .. وهذه حكمة .. فهو يعرف من أين تؤكل الكتف..

ووقفة (سعد) هذه .. لن تخيف (أبي جهل) فقط .. بل سيقع الرعب في قلبه من الأنصار..
فمن يكلمه هو زعيم قبيلة .. وهذه القبيلة قد وعدت بحماية رسول الله (صلى الله عليه وسلم)..
وهم جاهزون للتضحية في سيله بعلاقاتهم وأرواحهم وممتلكاتهم ..

لكن هل اكتفت قريش بذلك؟

لا ... لم تكتفي مطلقا ...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://moons.ahlamontada.com
المغربي
المراقبون
المراقبون
المغربي


عدد المساهمات : 1622
تاريخ التسجيل : 27/01/2014

سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة سيد الخلق   سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Emptyالإثنين 09 يونيو 2014, 09:33

الحصار الاقتصادي على المدينة



لم تكتفِ قريش بالحرب النفسية أو قطع العلاقات الدبلوماسية مع المدينة
ولم تكتف من قبل بإثارة الفتنة الطائفية ..
بل بدأت بمحاولات أعمق من ذلك .. فقررت أن تضيق على المسلمين إقتصاديا ..
وذلك بالتأثير على القبائل المحيطة بالمدينة..
وبالاتصال باليهود الذين يعيشون بداخل المدينة لمنعهم من التعامل مع المسلمين..

وفي الحقيقة .. أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد حساب هذا الأمر ..
من أول يوم نزوله في المدينة ..

فماذا فعل (صلى الله عليه وسلم) ؟

لقد أدرك الرسول (صلى الله عليه وسلم) ...
من اللحظة الأولى التي بدأ يخطط فيها لبناء الأمة الإسلامية..
أن الأمة لا يمكن أن تُبنى إلا على أكتاف أبنائها...

وإذا كان الاقتصاد الإسلامي معتمدا على الآخرين
فإنه سيصبح اقتصادًا هشا ضعيفا لا قيمة له..
فما بالكم لو كان يعتمد على عدو ...أو يعتمد على اليهود...

وفي تلك الظروف .. كان سوق المدينة الرئيسي.. هو سوق بني قينقاع..
ولعله السوق الوحيد في المدينة..

أما المشكلة الأخرى .. فهي أن المال أيضا كان في يد اليهود ..
وكان أهل المدينة يشترون الماء من الآبار التي يمتلكها اليهود..كبئر رومة..

والأسئلة قد تُطرح هنا ..

ماذا لو حدث اتفاق بين قريش واليهود؟

ماذا لو منع اليهود تجارتهم عن المسلمين؟

ماذا لو منعوا الماء عن المسلمين؟

أولا - السلع الاستراتيجية

حرص الرسول (صلى الله عليه وسلم) على توفير الماء المملوك للدولة الإسلامية
فالماء سلعة استراتيجية.. ولا يصلح أن تقوم دولة لا تمتلك الماء..

فقال (صلى الله عليه وسلم)... "من يبتاع بئر رومة .. غفر الله له"

فاشتراها (عثمان بن عفان) رضي الله عنه ..
وذهب إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يخبره ..

فقال له (صلى الله عليه وسلم) .. "اجعلها سقاية للمسلمين وأجرها لك"

قال (عثمان) ... اللهم نعم ..

فـ (عثمان) اقتصادي إسلامي كبير .. وجه جهده لشراء ما ينفع الأمة
بدلا من التجارة في الرفاهيات والكماليات..
والرسول (صلى الله عليه وسلم) أمرهم بشراء السلع الاستراتيجية ..
وهي اليوم البترول والقمح والقطن والطاقة النووية وغيرها..

ونلمح في هذا الموقف شيئا في غاية الأهمية..
هو دور التربية الإيمانية في بناء الأمة الإسلامية..
فرسول الله (صلى الله عليه وسلم) لايملك شيئا دنيويا يعوض به (عثمان) المال..
ولايتوقع أن يشتري المسلمين منه الماء لأنهم فقراء ..
لذلك .. وعده بالجنة والمغفرة .. وتلك أعظم وأكبر وأفضل ..

ولو لم يكن إيمان (عثمان بن عفان) يقينيا ..بالله ورسوله (صلى الله عليه وسلم)..وبالجنة والنار
لما هان عليه أن يدفع آلاف الدراهم دون أي عائد دنيوي...

ثانيا - الاستقلالية عن سوق اليهود

علم (صلى الله عليه وسلم) أن الدولة الإسلامية لا يمكن لها أن تقوم في المدينة
باعتمادها على سوق اليهود ..
لذلك أمر الصحابة بأن يبحثوا عن مكان مناسب لبناء سوق آخر ..
يتحكم في تجارته المسلمون .. ويُدار على شرع المسلمون .. وقانون المسلمين ..

وقد وجد الصحابة مواضع كثيرة .. بل أنه (صلى الله عليه وسلم) بحث معهم..
حتى استقر به أنه رأى موضعا يصلح من المساحة والموقع ..

"فعن أبي أسيد قال..جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وسلم)
فقال له .. بأبي أنت وأمي .. إني قد رأيت موضعا للسوق أفلا تنظر إليه؟
قال (صلى الله عليه وسلم)... "بلى" ..
فقام معه حتى جاء موقع السوق .. فلما رآه أعجبه .. وضرب على الأرض برجله ..
وقال .. "هذا سوقكم .. فلا يُنتقصنّ ولايُضربنّ عليه خراج"

يُنتقصن .. أي من قيمته ولا من قيمة أرضه..
يُضربن عليه خراج.. أي لايصح للحاكم أن يضع قيودا عليه أو ضرائب للتجار فيه..

وهذا الأمر نجد عكسه في كثير من البلاد الإسلامية..
فهناك القيود على رؤوس المال الوطنية .. بينما هناك التسهيلات لرؤوس المال الأجنبية
ويصبح السوق معتمدا على رأس المال الأجنبي..
ونسى الحكام العرب .. قوله تعالى ..

(وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)

لذلك .. وضع (صلى الله عليه وسلم) هذا الأمر من أول يوم ..
وبدأ المسلمون يهجرون سوق اليهود ...ويتعاملون مع السوق الإسلامي
فكانت مقاطعة محمودة .. وليست تهديدية ..
وعلى العكس .. فقد نشطت التجارة بين السوقين ..

كما حفز (صلى الله عليه وسلم) على الزراعة والصناعة ..
وعلى أي عمل مهما كان بسيطا .. وربط ذلك بالأجر والثواب ..
وربطه بعزة المسلم والأمة في الدنيا .. وفيض هائل من القوانين والتشريعات..
تحفظ للجميع حقوقهم .. ويعرفون بما لهم وما عليهم ..

ونزلت آيات تحريم الرشوة والسرقة والاختلاس والاسراف والتهرب من الزكاة
فحُفظت حقوق الدولة ومالها وحقوق الشعب .. وظهرت البركة في المال القليل ..

(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ)

النتيجة .. فشلت قريش في حصارها الاقتصادي على المدينة ..

ولكن .. ما زال المكر معينا لاينضب..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://moons.ahlamontada.com
المغربي
المراقبون
المراقبون
المغربي


عدد المساهمات : 1622
تاريخ التسجيل : 27/01/2014

سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة سيد الخلق   سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Emptyالإثنين 09 يونيو 2014, 09:34

التهديد العسكري للمدينة



لما وجدت قريش هذه الصلابة في المقاومة الإسلامية
وهذه العبقرية في الأداء الإسلامي...وهذه الاحترافية الدقيقة في بناء الأمم..
وبعد أن عجزت في محاولاتها المتكررة في استئصال المسلمين ..
لم تجد سبيلا إلا أن تستخدم سلاح البطش والقوة التي اعتادت عليه قبل ذلك..
وهو اسلوب الجبابرة والمتكبرين والمجرمين في الأرض..

فقررت قريش القيام بغارة ليلية مباغتة على المدينة ..
ضربة خاطفة..
لعلهم يقتلون رجلا ..أو ينهبون مالا.. أو يروّعون امرأة أو طفلا أو شيخا..

وكانت هذه الغارة بعد حولي سنة.. من هجرة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)..
وهي بقيادة (كُرز بن جابر الفهري) .. وهذا الرجل أسلم بعد ذلك وأصبح من الصحابة ..
لكنه حينها .. أغار على المدينة ليلا .. وسرق بعضا من ماشيتها .. إبلا وغنما وبقرا ..
وخرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في أثره .. لكن ذاك كان قد أفلت ..

واليوم .. يتعجب بعض المسلمون إذا رأوا دولة كبيرة غربية ..
تهتم بأمر مجموعة من المسلمين البسطاء الفقراء ..
الذين يعيشون على بقعة لا تكاد تُرى على خريطة العالم..

والسر أن - أعدائنا يا أصدقائي - يقرءون التاريخ... وخاصة تاريخنا ..
أعدائنا يعلمون .. أنه إذا عاشت أي مجموعة من المسلمين بشرع الله..
وطبقت قوانين الإسلام في كل صغيرة وكبيرة في حياتها..
فلن تلبث هذه المجموعة القليلة إلا أن تنمو وتكبر.. ثم تسود العالم وتسيطر عليه ..

وانظروا إلى ما يحدث اليوم في خبايا الأمة ..
حصار اقتصادي على دولة مسلمة ..
ثم قطع العلاقات مع تلك الدولة المسلمة ..
وإذا لم ينفع كل ذلك .. فهي الحرب .. هو الأسلوب القريشي بحذافيره ..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://moons.ahlamontada.com
المغربي
المراقبون
المراقبون
المغربي


عدد المساهمات : 1622
تاريخ التسجيل : 27/01/2014

سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة سيد الخلق   سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Emptyالإثنين 09 يونيو 2014, 09:34

(((إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)))

اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد
وبارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد


__________________
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://moons.ahlamontada.com
المغربي
المراقبون
المراقبون
المغربي


عدد المساهمات : 1622
تاريخ التسجيل : 27/01/2014

سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة سيد الخلق   سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Emptyالإثنين 09 يونيو 2014, 09:36

موقف اليهود من الإسلام



حاول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عند أول دخوله المدينة ..أن يرقق قلوب اليهود
ويشعرهم أنهم فريق واحد من المؤمنين..
وذلك بأمرين قام بهما ...بناء على الوحي...

الأمر الأول

هو جعل القبلة في الصلاة تجاه بيت المقدس
وقد ثبت في البخاري ومسلم ..
أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) توجه إلى بيت المقدس 16 أو 17 شهرا ..
من بداية دخوله المدينة .. حتى قبيل غزوة بدر..

وهذا معناه .. أن هناك قبلة واحدة مع أهل الكتاب (اليهود)
الموجودين أساسا في المدينة ..
قبلة واحدة تعطيهم انطباعا أننا فريق واحد ..نتجه إلى قبلة واحدة
نعبد إلها واحدا.. ونؤمن بالأنبياء السابقين جميعا..

لكن .. تبقى جزئية بسيطة ..
وهي أن يؤمن اليهود بالنبي الجديد محمد (صلى الله عليه وسلم)
الموجود عندهم في التوراة والإنجيل..
والذي ظهرت علامات وبشارات تؤكد فعلا أنه النبي المنتظر..

الأمر الثاني

هو صيام عاشوراء
فعندما دخل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المدينة
وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء

فسأل.. ما هذا اليوم الذي تصومونه؟

قالوا.. هذا يوم عظيم.. أنجى فيه الله موسى وقومه.. وأغرق فرعون وقومه
فصامه موسى شكرا.. فنحن نصومه..

فقال (صلى الله عليه وسلم "نحن أحق وأولى بموسى منكم"

فصامه (صلى الله عليه وسلم) وأمر المسلمين بصيامه
وأصبح المسلمون واليهود يصومون معا ..يوما واحدا في السنة
وكل هذا تقريب للقلوب ومحاولة لاكتساب قلوب اليهود بأننا لسنا أعداء..

ثم بدأ (صلى الله عليه وسلم) في دعوته لليهود
وجمعهم مرات كثيرة ليدعوهم
وكان يخاطب القبائل بعضها مع بعض أحيانا
ويخاطبهم أفرادا أحيانا ..

و أول من أتى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من اليهود ..عبد الله بن سلام..
وكان اسمه الحصين بن سلام... فسماه الرسول (صلى الله عليه وسلم).. عبدَ الله..

وقد كان من أمره أنه عندما سمع بقدومه (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة ..
أراد أن يختبره.. ليعرف هل هو الرسول الموجود في التوراة والإنجيل أم لا؟

فتقول الرواية عند البخاري ..

"أنه لما بلغ عبد الله بن سلام مقدم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المدينة..
فأتاه .. فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي ..
ما أول اشراط الساعة؟
وما أول طعام يأكله أهل الجنة ؟
ومن أي شيء ينزع الولد إلى أبيه؟ ومن أي شيء ينزع إلى أخواله؟!
فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم).."خبّرني بها جبريل آنفا"
فقال عبد الله.. ذاك عدو اليهود من الملائكة..
فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم)..
أما أول اشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب..
وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد حوت ..
وأما الشبه في الولد فإن الرجل إذا غشي المرأة فسبقها ماؤه كان الشبه له
وإذا سبق ماؤها كان الشبه لها"
قال: أشهد أنك رسول الله ..
ثم قال: يارسول الله .. إن اليهود قومٌ بهت.. إن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم بهتوني عندك..
فجاءت اليهود ودخل عبد الله البيت (أي أحد بيوت رسول الله)
فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): أي رجل فيكم عبد الله بن سلام؟!
قالو: أعلمنا وابن أعلمنا .. وأخيرنا وابن أخيرنا.
فقال (صلى الله عليه وسلم).. أ فرأيتم إن أسلم عبد الله ؟!
قالوا: أعاذه الله من ذلك ..
فخرج عبد الله إليهم فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله
فقالوا.. شرنا وابن شرنا ..
ووقعوا فيه .."

وهنا وضحت الرؤية تماما أمامه (صلى الله عليه وسلم)..
فاليهود كلهم يعرفون تمام المعرفة ..أن هذا هو رسول الله..
لكنهم ينكرون ذلك...
والوحيد الذي أسلم منهم هو عبد الله بن سلام..
وأسلم بعد ذلك مجموعة قليلة جدا من اليهود..
أما عمومهم فقد ظلوا على كفرهم.. كان هذا هو موقف قبيلة بني قينقاع...

أما بنو النضير ..
فقد جاء منهم (حيي بن أخطب) وأخوه (أبو ياسر بن أخطب)..
وبنو النضير قبيلة قوية فيها الكثير من أشراف اليهود..
وتحكي قصتها (صفية بنت حيي) قبل أن يتزوجها (صلى الله عليه وسلم) لأنها منهم ..
فـ (أبو ياسر) كان عمها ..

وتقول .. أنهما ذهبا إليه (صلى الله عليه وسلم) في الصباح ثم عادا قبل غروب الشمس ..
فأتيا كالَين كسلانين ساقطين يمشيان الهُوَينى..
قالت: فهششتُ إليهما كما كنت أصنع.. فوالله ما التفت إليَّ واحد منهم.. مع ما بهما من الغم
وسمعتُ عمي أبا ياسر يقول لأبي.. أهو هو؟
قال: نعم .. والله هو .
قال: أتعرفه وتثبته؟
قال: نعم
فقال: فما في نفسك منه؟
قال: عداوته والله ما بقيت"

!!!!!!!

وبنو النضير بأكملهم لم يسلم منهم رجل واحد
وكذلك بنو قريظة لم يسلم منهم أحد..

لكن ياترى .. لماذا ختم الله على قلوبهم ؟!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://moons.ahlamontada.com
المغربي
المراقبون
المراقبون
المغربي


عدد المساهمات : 1622
تاريخ التسجيل : 27/01/2014

سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة سيد الخلق   سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Emptyالإثنين 09 يونيو 2014, 09:37

معاهدة رسول الله مع اليهود



بعد إسلام (عبد الله بن سلام) .. ماذا سيكون الوضع ؟

وما حال أهل الكتاب في دولة يحكمها حاكم مسلم بشرع إسلامي؟

لقد علمنا رسول الله (صلى الله عليه و كيف نتصرف في هذا الموقف ..
فقرر أن يعقد معاهدة بين المسلمين واليهود..

ولو علينا أن نطبق ما طبقه (صلى الله عليه وسلم) اليوم ..
فلا بد أن نعرف متى عاهد؟

ومتى حارب؟

ومتى قبل (صلى الله عليه وسلم) من اليهود بعض البنود في المعاهدة؟

ومتى لم يقبل منهم أن يجلسوا في المدينة يوما واحدا بعد أن أجلاهم؟

ولماذا قرر المعاهدة ؟

كما أن العلاقة بين المسلمين وأهل الكتاب واضحة جدا في كتاب الله ..

(لاَ يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ
أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ
إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ
أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)

فقرر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يعقد معاهدة مع اليهود
لأنه يرى أن فرصة الدعوة ما زالت موجودة ..

فما هي بنود أول معاهدة في الإسلام ؟

البند الأول

"يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم"

هذه هي القاعدة الأولى..
ومعناها أن حرية العقيدة في الإسلام حقيقة كبرى (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)
فللمسلمين دين ولليهود دين
وصحيح أنه (صلى الله عليه وسلم) ذكر في هذا البند بني عوف ..
ولكن البند ينطبق على جميع قبائل اليهود في المدينة المنورة ..

البند الثاني

"وإن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم"

أي أن الحقوق الاقتصادية لليهود محفوظة بعيدا عن ذمة المسلمين المالية
فليس معنى أننا عاهدناهم.. وأن الزعامة والرئاسة في الدولة للمسلمين..
أن نأخذ حقا لهم ..أو أن نأخذ ممتلكاتهم
فلهم حرية التملك ما داموا على عهدهم مع المسلمين في داخل الدولة الإسلامية..
وفي الوقت نفسه ..فهذا البند نوع من التميز للمسلمين..
فليس معنى إقامة معاهدة أن تتميع الأمور ..
ويصبح الاقتصاد الإسلامي ممزوجا بالاقتصاد اليهودي ويندمجان..

البند الثالث

هذا البند يتغير في وقت الحرب ..
فإذا حدث ضغط أو حرب أو حصار على المدينة المنورة ..
فالجميع - بحق المواطنة - يدافع عن المدينة ..
أن بينهم النصر على من دهم يثرب.. ما داموا يعيشون معا في بلد واحد..
فعليهم التعاون في الدفاع عن البلد لو حدث غزو خارجي..

ثم يقول.. "وإن اليهود يُنفِقون مع المؤمنين ما داموا محاربين"

فلو قامت حرب ..يجب أن تجتمع النفقة للدفاع عن البلد
وأن بينهم النصح والنصيحة.. والبر دون الإثم.. وأن النصر للمظلوم..
وأن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم..
وكلها أمور تحفظ لليهود شأنهم في الدولة التي يتزعمها مسلم.. هو الرسول (صلى الله عليه وسلم)..

البند الرابع

"وإنه لا تُجار قريش ولا من نصرها"

وهذا موقف خطير..

لأنه قبل ذلك قال.. "إن بينهم النصرَ على من دَهِمَ يثرب"

فإذا دهم يثرب أي عدو ..
فعلى الجميع أن يتعاون في صده.. حتى لو كان هذا العدو هو قريش
وقريش لم يكن بينها وبين اليهود مشاكل قبل ذلك..
بالعكس كانت العلاقات الدبلوماسية بينهما جيدة..

ولما قبل اليهود بهذه المعاهدة قرروا ظاهريا أن يقاطعوا قريشا..
لأن قريشا تعادي المسلمين..
وكان من المتوقع أن تهجم قريش على المدينة ..لأنهم أهل خداع ومكر وغدر وخيانة ..
وصرح (صلى الله عليه وسلم) في المعاهدة باسم قريش ..
حتى لا يأتي اليهود ذات يوم ويقولوا.. إن قريشا مستثناة من المعاهدة ..

ولاحظ أن هناك قوة وصلابة في المعاهدة من طرف رسول الله (صلى الله عليه وسلم)..
فهو الذي يُملي الشروط على اليهود..

البند الخامس

ثم ذكر رسول الله (صلى الله عليه وسلم)..
وألا يخرج من اليهود أحد إلا بإذنه ..
فهو نظام يشبه نظام الجوازات الآن.. لا أحد يغادر الدولة إلا بإذن من السلطة فيه
وليس لقبائل اليهود في داخل المدينة ... أن يخرجوا في سفر أو في حرب أو في أمر من الأمور
إلا بإذن الرسول (صلى الله عليه وسلم)..
لأنهم من الممكن أن يحدثوا مشاكل خارج المدينة ..تجر الويلات عليها ..

البند السادس

"وإنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يُخاف فسادُه
فإن مرده إلى الله .. وإلى محمد (صلى الله عليه وسلم)"

فانظر مدى القوة ومدى النصر ومدى البأس ..
الذي حققه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بهذه المعاهدة
ومدى العلو الذي كان فيه على اليهود..

لكن .. ماذا نتعلم من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في هذه المعاهدة؟

(1) نتعلم أن الإسلام دين ينتظم كل أمور الحياة
فهذا هو رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ..
الذي علَم المسلمين الصلاة والصيام والقيام والقرآن وبناء المساجد
يقف الآن بصلابة وبرجولة وبقوة وبحكمة سياسية بارعة..
يعاهد اليهود معاهدة كانت يد الله فيها هي العليا...

(2) حصّل المسلمون من هذه المعاهدة .. هو أنهم اتقوا شر اليهود ..
كما أن اليهود اعترفوا بدولة المسلمين الناشئة ..
فهذه دولة قوية لها احترام ولها عزة.. ولها رأي ..
تجلس مع اليهود لتعقد معاهدة.. للمسلمين فيها اليد العليا..

(3) أن شرط المعاهدات مع غير المسلمين هو ألا نخالف شرع الله..
فلم يتنازل لهم (صلى الله عليه وسلم) عن الدين ..
ولذلك كانت المعاهدة .. محكمة جدا ..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://moons.ahlamontada.com
المغربي
المراقبون
المراقبون
المغربي


عدد المساهمات : 1622
تاريخ التسجيل : 27/01/2014

سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة سيد الخلق   سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Emptyالإثنين 09 يونيو 2014, 09:48

طبائع اليهود والنفسية اليهودية



بعد ما تم الاتفاق على بنود المعاهدة بين رسول الله (صلى الله عليه وسلم) واليهود..
لا بد أن نقف وقفة ونسأل..

لماذا وافق اليهود على هذه البنود .. وهم قوة لايستهان بها .. والمسلمون أقلية ؟!

فاليهود أعداد كبيرة
سلاح وقلاع واستقرار وتاريخ ومال وغيرها ..
قبائل قوية جدا ..
فكيف سلموا رقابهم لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) وللمؤمنين معه ؟!

والإجابة هي ..

(1) الجبن من طبائع اليهود

وقد ذكر الله ذلك في أكثر من موضع في كتابه الكريم

(لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَفْقَهُونَ)

ولحرصهم على الحياة وخوفهم من الموت ..

(وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ
وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ)

وهذا أمر مهم علينا أن نتذكره جيدا .. ونحن نتعامل مع هذه الفئة ..

(2) الوحدة بين المسلمين

هذا أمر موازي للسبب الأول ..
فالجبن الشديد من جهة اليهود .. لو قوبل بجبن أكبر من المسلمين ..
فسترجح الكفة لصالح اليهود..
لكن القوة التي وقف بها (صلى الله عليه وسلم) .. والمؤمنين معه ..
وكأنهم على قلب رجل واحد..
والثبات على المبدأ ..
وتسابق الصحابة بشتى طوائفهم .. أوسهم وخزرجهم ومهاجريهم ..
كان له الأثر الكبير في إيقاع الرهبة في قلوب اليهود..

(3) الفرقة بين طوائف اليهود

هناك فُرقة شديدة بين اليهود ..
وعندنا بني النظير وبني قينقاع وبني قريظة ..
فالتشتت واضح في كل قبيلة منهم .. وبين القبائل أنفسهم ..
ولو كانوا يبدون للناظر أنهم فئة واحدة ..

(بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَعْقِلُونَ)

فمثلا .. بنو قريظة كانت تحالف الأوس
وبنو قينقاع وبنو النضير كانا يحالفان الخزرج..
لذلك كانوا عندما تقوم حرب بين الأوس والخزرج ..
تشتعل حرب أخرى بين بني قريظة من ناحية.. وبني قينقاع وبني النضير من ناحية أخرى
وكان (صلى الله عليه وسلم) يعلم تماما .. أنهم لن يجتمعوا على قلب رجل واحد ..
كما دل على ذلك وحي القرآن الكريم ..

(4) خوف اليهود على مصالحهم

كان هذا سببا آخر من قبولهم بهذه التنازلات ..
فهم لا يريدون الدخول في مواجهات مع الأوس والخزرج..
فذلك إن حصل .. فلمن سيبيعون بضاعتهم في السوق ؟!
وهم يفعلون أي شيء من أجل المال .. حتى لو كان تحريف كتابهم المقدس ..

(5) الرهبة في قلوب الكافرين عند لقاء المؤمنين

هناك رهبة شديدة يلقيها الله في قلوب الكافرين عند لقاء المؤمنين
وهذا أمر ليس له أسباب مادية.. لأن تلك الرهبة إنما هي جند من جنود الرحمن

(فَأَتَاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ)

وقال (صلى الله عليه وسلم) .

"نصرتُ بالرعب مسيرة شهر"

أي أنه قبل أن يلتقي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عدوه بشهر
يكون العدو قد امتلأ رعبا وفزعا..
مع أن الفارق في القوة المادية كبير ولصالح العدو ..
من حيث الأعداد والعتاد والحصون والقلاع ..
ومع ذلك .. يقع الرعب في قلوبهم .. ومن يفعل ذلك هو الله .. ولاسبيل لرد مراده ..

وإذا أردنا أن نتعاهد مع اليهود في المستقبل ..
فلابد من الأخذ بالشروط أعلاه ..
لكن هناك أمر إضافي لايقل أهمية عن غيره .. وهو الحماية ..

كيف ذاك ؟!

فإذا كنا معاهِدا لليهود فلا بد أن تكون لك قوة تحميك
فليس من الحكمة مطلقا أن تعاهد اليهود .. حتى لو كانت كل البنود شرعية ..
دون أن يكون لك قوة مخوفة لليهود...
لأنهم مجبولون على التمرد ونقض العهود والمخالفة ..

(أَوَ كُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ)

وسنفترض أن اليهود خالفوا المعاهدة مخالفة صريحة...فماذا ستفعل؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://moons.ahlamontada.com
المغربي
المراقبون
المراقبون
المغربي


عدد المساهمات : 1622
تاريخ التسجيل : 27/01/2014

سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة سيد الخلق   سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Emptyالإثنين 09 يونيو 2014, 09:49

وسائل يهود المدينة في محاربة الإسلام



اتبع اليهود في حربهم ضد الإسلام أكثر من وسيلة ...لإبعاد الناس عن الإسلام

الوسيلة الأولى - الحرب الإعلامية وإثارة الشبهات

كان في المدينة مسلمين .. ومشركين .. وأناس يفكرون في الإسلام ..
فبدأ اليهود بإثارة الشبهات لزعزعة عقيدة المؤمنين..
وصرف الآخرين عن هذا الدين ..

فأعلنوا مرة أمام الأنصار ..
أن محمد (صلى الله عليه وسلم) ليس هو المذكور في كتبهم ..
والعرب يعرفون أن اليهود هم أدرى الناس بكتبهم ..

فدخل في حوار معهم .. (معاذ بن جبل) .. وقال لهم ..

"يا معشر اليهود.. اتقوا الله وأسلموا..
فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد (صلى الله عليه وسلم) ونحن أهل شرك ..
وتخبروننا أنه مبعوث.. وتصفونه لنا بصفته.."

فرد عليه يهودي من بني النضير .. هو (سلام بن مشكم) ..

فقال .. "ما جاءنا بشيء نعرفه.. وما هو بالذي كنا نذكر لكم"..

فأنزل الله ..

(وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ
وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا
فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا .. كَفَرُوا بِهِ .. فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكَافِرِينَ)

كما حاول اليهود التظاهر بالإيمان قليلا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم)..
وكانت خطة في منتهى الخبث ..

وقالوا .. إننا لما دخلنا الإسلام وعرفنا هذا الدين على حقيقته .. وجدناه باطلا ..!

فأنزل الله ..

(وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ
وَاكْفُرُوا آَخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)

ثم حاولوا تكذيب القرآن الكريم .. الذي أكد أن الجنة للمؤمنين والنار للكافرين ..

فقالوا .. لا .. نحن سندخل النار أياما معدودة ثم نخرج منها ..

فأنزل الله ..

(وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَعْدُودَةً
قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)

فدعاهم (صلى الله عليه وسلم) لتمني الموت .. فرفضوا ..!

فأنزل الله تعالى ..

(قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآَخِرَةُ عِنْدَ اللهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
ولَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ)

يقول (ابن عباس) عن هذه الآية.. أن اليهود لو تمنوا الموت ساعتها .. لماتوا ..!

فهم يعرفون أنهم إذا تمنوا الموت أمام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ..
فمن سيموت في هذه المباهلة هو الكاذب .. وهم يعلمون أنهم هم الكاذبون ..
ولذلك لم يفعلوا ..

الوسيلة الثانية - التأثير الاقتصادي

ذهب اليهود إلى الأنصار ..وأمروهم بعدم الإنفاق على من تبعه (صلى الله عليه وسلم) من المهاجرين..

فأنزل الله ..

(الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا)

الوسيلة الثالثة - إحداث الفرقة في الصف المسلم

حاول اليهود تفريق الصف المسلم ..
قام بهذه المحاولة رجل يهودي كبير في السن اسمه (شاس بن قيس)
فقال كلمة ..تُعتبر في الحقيقة حكمة ..

" يا معشر يهود.. تعلمون أنه والله لا مقام لكم في يثرب إذا اجتمع بنو قيلة (الأوس والخزرج)"

فهو يعلم .. أن اليهود تجار سلاح .. وكانوا يربحون أموالا طائلة من الحرب بين الأوس والخزرج ..
فلو وحد (صلى الله عليه وسلم) أهل المدينة .. فستفلت من يد اليهود قوة اقتصادية كبيرة ..

لكن .. هل اكتفى (شايس بن قيس) بذلك .. ؟

لا ..

لقد أرسل شابا يهوديا كان يسير معه..
وقال له.. اجلس مع الأنصار، وذكرهم بيوم بُعاث (الحرب القديمة)..
وأنشدهم من الأشعار التي قيلت فيه..
فتتحرك فيهم الحمية والقبلية والعصبية الجاهلية.. فيصطرع القومان...!

وبالفعل ذهب الشاب وفعل ما أمر به
ودخل الشيطان بين الأوس والخزرج مع أنهم من عمالقة الإيمان
فالشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ..

وقام رجلان ..واحد من الأوس وآخر من الخزرج.. فتصارعا

ثم قال أحدهما لصاحبه.. إن شئتم رددناها جدعة .. (أي عدنا للحرب مرة أخرى)

فغضب الفريقان جميعا ...

وقالوا.. قد فعلنا، موعدكم الظاهرة (الحَرَّة الآن).. السلاحَ السلاح...!!

فخرجوا إليها في لحظة من لحظات الضعف ..
وكادت أن تقوم مهلكة عظيمة بين الفريقين..
وكان (صلى الله عليه وسلم) جالسا وسط مجموعة من المهاجرين ..
و وصله النبأ الخطير
فقام مسرعا حتى وصل إلى الأنصار..

هنا أرجو الانتباه لاختلاف كلماته (صلى الله عليه وسلم) عن المرة القديمة
حينما فض خلافا مشابها.. أبان وقت (ابن سلول) ..
فلقد ذكرهم ساعتها بالحمية والتعصب بالقبلية .. لكن الآن الوضع مختلف ..

فماذا قال لهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ؟

"يا معشر المسلمين .. الله الله .. أ بدعوى الجاهلة وأنا بين أظهركم ؟!"

دعوى الجاهلية .. فأنت أوسي وأنا خزرجي ..
فالمخاطَب هنا .. فئة مختلفة .. وخطابه لمجموعة خالصة من المسلمين ..

فعرف القوم أنها نزغة من نزعات الشيطان.. وكيد من أعدائهم
فبكوا في لحظتهم.. وتأثروا جميعا في لحظة واحدة..
وتعانق الرجال ..
ثم انصرفوا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سامعين مطيعين ..كأن شيئا لم يكن...

وأنزل الله في (شاس بن قيس) ..

(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَاللهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آَمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)

وأنزل الله في الأوس والخزرج ..

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ
وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)

ثم توالت الآيات ..

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ
إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا
وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)

وكلما كانت هناك محاولة يهودية لتفرقة وحدة الأمة ..
كلما كانت هناك آيات مستمرة الإنزال من لدن الله ..

(وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الحَقُّ)

إذن ماذا نفعل في هذه الحالة ؟!

(فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)

فالمخالفة من اليهود واضحة .. لكن المخالفة لم تصل لدرجة القتال ..
فكان الأمر الرباني .. هو العفو والصفح .. والصبر على أذاهم ..

وفي يوم .. دخل حبيبنا (أبو بكر) على بيت المِدراس.. وكان بيتا كبيرا يعلّم فيه اليهود التوراة ..
ويقوم بالتعليم .. حِبر من أحبار اليهود اسمه (فنحاص) .. ومعه مساعده (أشيع)..
فدخل (أبو بكر) عليهم .. وسمعهم كيف يعلمون طلابهم نكران نبوة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)..

فلم يحتمل (أبو بكر) .. فقال لـ (فنحاص) .. يافنحاص.. اتق الله وأسلم..
فوا الله إنك لتعلم أن محمدا لرسول الله (صلى الله عليه وسلم).. وقد جاءكم بالحق من عنده ..
تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل..

فقال (فنحاص) .. والله يا أبا بكر.. ما بنا إلى الله من فقر .. وإنه إلينا لفقير..
وما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا.. وإنا عنه لأغنياء.. وما هو عنا بغني..
ولو كان عنا غنيا ما استقرض أموالنا كما يزعم صاحبكم..
ينهاكم عن الربا ويعطيناه .. ولو كان غنيا لما أعطانا الربا..

الله أكبر .. !!!!!

ففقد (أبو بكر) زمام نفسه .. ولم يجد كلاما يرد به على (فنحاص)..
فضربه ضربة شديدة في وجهه حتى تغيرت معالمه .. ثم ذهب لرسول الله (صلى الله عليه وسلم ) يخبره..

الطريف في الأمر .. أن (فنحاص) يعرف أن محمدا عادل .. وأنه لاتمييز في الدين عنده لأحد ..
فسارع إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يشتكي له (أبو بكر) .. !!

وقال له (فنحاص) مستكينا .. أرأيت؟ انظر ما صنع بي صاحبك..

فقال (صلى الله عليه وسلم لأبو بكر .. "ما حملك على ما صنعت؟"

فقال (أبو بكر).. يا رسول الله.. إن عدو الله هذا قال قولا عظيما..
إنه زعم أن الله فقير وأنهم أغنياء.. فلما قال هذا غضبتُ لله مما قال وضربت وجهه...

هنا قال (فنحاص).. ما قلت ذلك...!!

فأنزل الله من عليائه ..

(لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ
سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ)

ثم أنزل الله في الصديق .. رضي الله عنه ..

(لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ
وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا
وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُور)

فمع كل ما حدث .. أمرهم الله بالصبر والسكينة .. حتى حين ..

المشكلة الأخرى .. أن المسلمين في المدينة .. عرفوا أن قريشا لن تسكت أكثر مما سكتت..
وأن الحرب لابد وأن تكون واقعة ..
وأن الهجوم وشيك ..

فماذا سيفعل المسلمون حينها. والله يأمرهم بالصبر بين الحين والآخر ؟!!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://moons.ahlamontada.com
المغربي
المراقبون
المراقبون
المغربي


عدد المساهمات : 1622
تاريخ التسجيل : 27/01/2014

سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة سيد الخلق   سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Emptyالإثنين 09 يونيو 2014, 09:50

الإذن بالقتال



مر على المدينة الآن ستة أشهر من بدء المرحلة المدنية ..
والوضع داخلها فيه شيء من الاستقرار..
لكنه استقرار على بركان قابل للانفجار في أي لحظة..

فالمسلمون الآن تقريبا يحكمون المدينة
لكن هناك قوى غادرة .. بين منافقين ومشركين ..

كما أن الوضع خارج المدينة أيضا فيه بعض الاستقرار
لكن تشوبه اضطرابات .. لأن تهديد قريش ما زال مستمرا ..
وعلاقة قريش بالأعراب حول المدينة كانت قوية .. ولايستبعد تعاونهم ضد المسلمين ..

المشكلة ..

ماذا سيحدث إن بوغت المسلمون بهجوم في أي لحظة؟!

وكيف الدفاع ...والقتال منهي عنه؟

هنا .. نزل حكم الله .. فقال سبحانه ..

(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ)

وهنا .. إذن بالقتال .. وليس مفروضا عليك .. وهناك فرق ..
وهذا الفرق تقيسه أنت .. تقديرا لقوتك ..

وكان هذا الإذن ..بداية تغير استراتيجي في خط سير المدينة المنورة...

فقد أذن للمسلمين أن يرفعوا عن أنفسهم .. ولو جزءا من الظلم الذي وقع عليهم ..
فمنهم من ظُلم بماله .. ومنهم من طرد من مسكنه .. ومنهم من ظُلم في التعذيب ..
ومنهم من صودر ماله .. ومنهم من شُوهت سمعته .. ومنهم من حُبس وعُزل ..

فماذا يفعل المسلمون لرفع هذا الظلم؟

بالتأكيد .. لم يفكر المسلمون في الهجوم على مكة .. فذلك لم يكن من الحكمة ..

فماذا فعلوا؟!

كان الحل ...هو مهاجمة قوافل قريش التي تتجه إلى الشام..
وذلك يعود لأسباب عديدة ..
منها ..

(1) هذه القوافل لا تحميها إلا قوة عسكرية بسيطة..
(2) تمر قريبا من المدينة.. فلن يكون هناك جهد كبير على المسلمين.
(3) سيعود المسلمون سريعا إلى المدينة .. قبل حدوث فتنة أو ثورة ..
(4) سيستعيد المسلمون شيئا من أملاكهم المسلوبة.
(5) سيوقع المسلون الرهبة في قلوب أعدائهم..

لكن .. هل كان هذا كل شيء ؟ّ!

في الحقيقة .. لا ..

فقد قام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كعادته في تربية المؤمنين ..
أن لا يكتفي فقط بذكر التشريع الدقيق أو القانون المحكم..
إنما ارتقى بأحلامهم إلى الجنة.. واتجه بنياتهم إلى الله ..

فالقتال في الإسلام هو قتال في سبيل الله..
ليس في سبيل النفس.. وليس في سبيل القائد.. وليس في سبيل الدنيا
إنما هو في سبيل الله...
لذلك تجد دائما أن كلمة الجهاد في القرآن أو السنة ..
تأتي مقرونة بـ (في سبيل الله)..

(إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ
فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ
وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)

وفي حديث صحيح عند مسلم ..
قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ..

"والذي نفس محمدٍ بيده .. لوددتُ أني أغزو في سبيل فأقتل ..
ثم أغزو فأقتل ... ثم أغزو فأقتل..."

وهذا مخالف تماما لأغراض الحرب عند غير المسلمين أو العلمانيين..
فمنهم من يقاتل رغبة في سبيل المال ..أو السلطة ..أو المُلك ..
ومنهم من يقاتل رهبة وخوفا من القائد...
وهؤلاء .. لن تجد عندهم مانع للهرب في أي لحظة .. لأنهم بلا نِية ..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://moons.ahlamontada.com
المغربي
المراقبون
المراقبون
المغربي


عدد المساهمات : 1622
تاريخ التسجيل : 27/01/2014

سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة سيد الخلق   سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Emptyالإثنين 09 يونيو 2014, 09:51

سرايا الرسول .. ما فائدتها ؟



بعد نزول آية الإذن بالقتال ..
قام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالإعداد التربوي والنفسي للصحابة
حتى أصبح الصف الإسلامي جاهزا للصدام المروع مع قريش...

وهنا ..
بدأت الدوريات العسكرية الإسلامية تجوب المنطقة ..بحثا عن قوافل قريش المتجهة إلى الشام..

لكن .. هناك أمر فعله رسول الله (صلى الله عليه وسلم)..
وهو أنه اختار أن يكون أعضاء هذه السرايا .. من المهاجرين فقط .. وذلك لعدة أسباب ..

(1) المهاجرين هم الذين وقع عليهم الظلم من قريش..
فستكون حربهم مع قريش حربا مفهومة لكل العرب .. وسيعذرونهم فيها تماما..
حتى لايقال .. إن المسلمين يقتلون دون سبب ..

(2) المهاجرين في هذه الحرب .. أكثر حمية وأشد قوة ..
كونهم يستردون حقا شخصيا سلبته منهم قريش
وفي هذا مدعاة للنصر .. أكبر مما لو كان الجيش الإسلامي مختلطا ..

(3) المهاجرين يعرفون أهل قريش وطرق حربهم وقتالهم.. كونهم عاشوا في مكة ..

(4) المهاجرين في هذه الحرب .. ستُرفع روحهم المعنوية ..
فلقد تركوا ديارهم وأموالهم وذكرياتهم ... وهم الآن يعوضون ما خسروه ماديا ومعنويا ..

(5) لم يرد (صلى الله عليه وسلم) أن يحرج الأنصار بقتال قريش .. خارج المدينة..
لأنهم قد بايعوه على نصرته داخل المدينة ..
فلم يرد أن يحملهم عبئا لم يتفق معهم عليه..
وسيظهر هذا جليا في غزوة بدر .. حيث كان (صلى الله عليه وسلم) مترددا في القتال ..
حتى يسمع رأي الأنصار .. مع أنهم ولا شك سيطيعونه ..
لكنه (صلى الله عليه وسلم) .. لم يكن يأخذ الناس بسيف الحياء..

وإذا كنا قد وقفنا وقفة مع نوعية المقاتلين هنا ..
فإننا نحتاج إلى أن نقف وقفة أخرى ..مع أولئك الذين استخلفهم (صلى الله عليه وسلم) في المدينة ..
حينما خرج هو بنفسه مع المهاجرين في المعارك....

فقد كانت هناك عدة معارك تمت في غضون سنة واحدة..من السنة الأولى وحتى الثانية للهجرة..
والمعركة التي كان (صلى الله عليه وسلم) يشترك بها .. يسموها المؤرخون (غزوة)..
أما المعارك التي كان لايخرج (صلى الله عليه وسلم) بها .. فيسمونها (سرية) ..

وفي غضون هذه السنة التي نتحدث عنها ..خرج المسلمون للقتال 8 مرات
أي بمعدل مرة كل شهر ونصف تقريبا..
وفي المرات الأربع التي خرج بها (صلى الله عليه وسلم) في هذه المعارك ..
استخلف 4 رجال .. في كل مرة واحد منهم ..
هم .. (سعد بن عبادة) .. ثم (سعد بن معاذ) .. ثم (زيد بن حارثة) .. ثم (أبو سلمة بن عبد الأسد) ..

أما تنوع الرجال فهذا أمر مفهوم..
فقد كان (صلى الله عليه وسلم) يربِي قيادات تستطيع تحمل المسئولية
ويدربهم على ذلك تدريبا حقيقيا واقعيا..

وأما قيادة (سعد بن عبادة) أو (سعد بن معاذ) للمدينة ..فهذا أمر مفهوم..
فالأول سيد الخزرج ..والثاني سيد الأوس..

لكن اللافت للنظر ...هو ولاية (زيد بن حارثة) في مرة ..
و (أبي سلمة بن عبد الأسد) في مرة أخرى.. فهذان من المهاجرين ..
و ولايتهم على المدينة قد تكون مستغربة..
وإن كانت تدل على شيء.. فإنما تدل على أمور في غاية الرقي...
منها طاعة الأنصار الكاملة لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)..
ومنها أن المدينة أصبحت كيانا واحدا لا فرق فيه بين مهاجريٍ وأنصاري..
ومنها زهد الأنصار في الدنيا وعدم رغبتهم في الرئاسة أو الملك..
فإذا أضفت إلى هذا أن (زيد بن حارثة) ..كان مولًى يُباع ويشترى ..
علمت مدى الانقلاب الهائل الذي أحدثه الإسلام في نفوس العرب ..

والجميل أن هذا التغير الهائل في طبيعة العرب .. لم يتطلب أعواما أو قرونا..
إنما كان عدة أشهر فقط..
لأن (زيد) حينما تولى قيادة المدينة .. كان بعد 12 شهر من الهجرة النبوية فقط ... !

أما بالنسبة لسرايا الرسول وغزواته ما بين (1-2) هـ .. فهي بالترتيب ..

(1) سرية سِيف البحر - رمضان 1هـ بقيادة حمزة بن عبد المطلب..
(2) سرية رابغ - شوال 1هـ بقيادة عبيدة بن الحارث بن المطلب ..
(3) سرية الخرَّار - ذي القعدة 1هـ بقيادة سعد بن أبي وقاص ..
(4) غزوة الأبواء أو ودّان - صفر 2 هـ بقيادته (صلى الله عليه وسلم)..
(5) غزوة بُوَاط - ربيع الأول 2هـ بقيادته (صلى الله عليه وسلم)..
(6) غزوة سَفَوان - ربيع الأول سنة 2هـ بقيادته (صلى الله عليه وسلم)..
(7) غزوة ذي العشيرة - جمادى الأولى 2هـ بقيادته (صلى الله عليه وسلم)..
(Cool سرية نخلة - رجب 2هـ بقيادة عبد الله بن جحش..

وبنظرة عامة على هذه السرايا والغزوات ..
نجد أنه لم يحدث قتال تقريبا في المعارك السبع الأولى..
ومع ذلك فهي لم تخل من فائدة... بل فؤائد جمة ..

منها ..

أنها كسرت حاجزًا نفسيا كان عند المسلمين ..
من جراء المنع من القتال لمدة 14 سنة بالتمام والكمال..
فالمسلمون أُمروا بعدم حمل السيف في وجه من يظلمهم طيلة هذه المدة..
وترك القتال فترة طويلة .. قد يورث ضعفا في النفس وقلة الحيلة والذل والهوان ..
فجاءت هذه السرايا والغزوات البسيطة .. كوسيلة متدرجة للصعود بنفسيات الصحابة ..
من حالة الاستكانة إلى حالة الاستنفار والنهوض..
ومن حالة الصبر على عدم الدفاع.. إلى حالة الصبر على تبعات الهجوم..
فنقلت هذه السرايا والغزوات جيل المهاجرين ..من كونهم مجرد جماعة مضطهدة
إلى كونهم دولة ممكنة لها جيش ينفذ خططها.. ويحافظ على أمنها..
ويرهب أعداءها.. ويحفظ كرامتها..

ومنها .. أن هذه الغزوات والسرايا ..دربت الصحابة على فنون القتال
وركوب الخيل والحرب على الإبل.. والمناورة والخطة والتحرك والترقب.

ومنها .. أن هذه الدوريات العسكرية .. دلت المسلمين الدروب والطرق حول المدينة..
فأدركوا نقاط القوة والضعف في المنطقة
وعرفوا ديار القبائل المحيطة وقوتها.. خاصة وأن المقاتلين هم من سكنة مكة ..

ومنها .. أن هذه الدوريات العسكرية المتكررة أشعرت القبائل المحيطة ..بقوة المسلمين
وكشفت جرأتهم في مواجهة قريش أكبر القبائل العربية وأقواها
ولا شك أن هذا الأمر قد أدخل الرهبة في قلوب هذه القبائل وخاصة الأعراب..
فعملوا للمسلمين حسابا..
وعرفوا أن ميزان القوى في المنطقة .. قد تغير ..

ومنها .. أنه نتيجة هذه القوة التي ظهرت للمسلمين ..
استطاع المسلمون أن يقوموا بعقد بعض المعاهدات مع بعض قبائل المنطقة..
والتي هي عبارة عن معاهدات حسن جوار.. بل ودفاع مشترك..
فعلى سبيل المثال عقد (صلى الله عليه وسلم) معاهدة مع قبيلة بني ضمرة في غزوة الأبواء
كما عقد معاهدة مع قبيلة بني مدلج في غزوة ذي العشيرة..
ولا شك أن هذه المعاهدات زادت من قوة المسلمين.. ورسخت أقدامهم في المنطقة..

ومنها ..أن هذه الدوريات العسكرية الباحثة عن قوافل قريش التجارية ..
كانت بمنزلة إعلان إسلامي صريح للحرب على أهل مكة الكافرين..
فكأنهم يقولون .. نحن نظير لكم .. ندٌ لكم .. وهذا سيؤثر سلبيا على قريش..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://moons.ahlamontada.com
المغربي
المراقبون
المراقبون
المغربي


عدد المساهمات : 1622
تاريخ التسجيل : 27/01/2014

سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة سيد الخلق   سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Emptyالإثنين 09 يونيو 2014, 09:52

سرية نخلة



خرجت سرية نخلة من المدينة المنورة ..في رجب سنة 2 هجرية
لاعتراض قافلة لقريش تمر بمنطقة اسمها نخلة.. وهي تقع بين مكة والطائف..
وكانت هناك مشكلتان تتعلقان بأمر هذه السرية..
الأولى في المكان .. والثانية في التوقيت ..

أما مشكلة المكان .. فهي أن منطقة نخلة تبعد حوالي 480 كم من المدينة ..
وهي مسافة طويلة جدّا..وخاصة أن السرية لايتجاوز عددها 12 رجلا ..
وهي قريبة من مكة ..
ولو علم المشركون بأمر هذه السرية .. فسيكو قتالها والسيطرة عليها أمرا سهلا ..

لكنه (صلى الله عليه وسلم) أخرج هذه السرية .. بطريقة مختلفة عن السريات الباقية ..
وهي أنه كتب تكليف هذه السرية .. في كتاب مغلق ..
وأعطاه لقائدها (عبد الله بن جحش)..
وأمره أن يسير بهذا الكتاب المغلق مدة يومين ..ثم يفتحه بعد ذلك..
فلما انقضى اليومان .. فتح (عبد الله بن جحش) الكتاب ..
فوجد فيه ..

"إذا نظرت في كتابي هذا فامضِ حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف
فترصد بها عير قريش.. وتعَلم لنا من أخبارهم"

ثم بعد ذلك أمره (صلى الله عليه وسلم) ..ألا يُكرِه من معه على الخروج إلى هناك
لكن يخرج كل منهم بإرادته..

وهنا .. قال (عبد الله بن جحش) لأصحابه ..

"من أحب الشهادة فلينهض.. ومن كره الموت فليرجع.. وأما أنا فناهض"

فنهضوا جميعا معه.. واتجهوا إلى منطقة نخلة..

والذي دفع (صلى الله عليه وسلم) إلى هذا المسلك الفريد في التوجيه..
هو صعوبة المسألة وبُعد المكان ..
فلو أنه أمر الصحابة أمرا مباشرا في بالخروج إلى هذه المسافة البعيدة
فقد يتردد البعض في هذا التكليف الشاق..
أما إن أتاهم التكليف بعد أن يكونوا قد قطعوا بالفعل مسيرة يومين..
فإنهم سيكونون على الاستجابة أقدر..
لكنه مع ذلك .. ترك لهم حرية الاختيار ..حتى يحبب لهم الجهاد في سبيل الله .. !

أما مشكلة التوقيت .. فهو أن هذا الخروج كان في شهر رجب
وهو من الأشهر الحرم التي تحرم العرب الحرب فيها..
ويتفق على ذلك المؤمن والكافر ..
ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) لم يأمرهم بقتال .. بل فقط بالتحسس لأخبار العدو ..
لأن هذا أمر معلوم عند الجميع ولا يحتاج إلى توضيح..

المهم .. أن الصحابة وصلوا بالفعل إلى منطقة نخلة ..
ووجدوا بالفعل القافلة التي ذكرها لهم (صلى الله عليه وسلم) ..
لكنهم وصلوا في آخر ليلة من الشهر الحرام رجب..
وكانت القافلة في طريقها إلى مكة على بُعد ليلة واحدة منها..
ولو تركوها حتى تأتي الليلة الأولى من شعبان فإن القافلة ستفلت .. وستدخل حرم مكة..
والقافلة بالنسبة لهم .. صيد سهل .. لأسباب عدة ..

أولا .. ستكون الضربة الأولى لقريش..
لأن كل الغزوات والسرايا السابقة ..لم تسفر حقيقة عن أيِ غنائم أو انتصارات...

ثانيا .. هذه الضربة في عمق الجزيرة العربية .. بعيدا عن دار المسلمين ..
وقريبة جدا من دار الكافرين .. وهي تحمل جرأة كبيرة ولها أثر سلبي ضخم على العدو..

ثالثا .. الحراسة في صحبة القافلة ضعيفة وقليلة.. 4 رجال فقط .. بينما المسلمون 12 ..

رابعا .. مقاتلوا السرية هم من المهاجرين .. وهم أوذوا إيذاء كبيرا من قريش..
بل أن قائدهم (عبد الله بن جحش) .. سلبت داره شخصيا حين استولى عليها أبو سفيان بن حرب ..
بعد هجرة (عبد الله بن جحش) وباعها لنفسه....

فكل هذه العوامل ..
جعلت الفرقة الإسلامية تتحمس للانقضاض على القافلة
لكن ... هذه آخر ليلة في الشهر الحرام رجب.. والقتال فيه ممنوع...

فماذا يفعل الصحابة ؟!

أ يرفع الصحابة الظلم الذي وقع عليهم منذ سنين في فرصة لا تتكرر ؟!

أم يتركون هذه الفرصة الثمينة؟

أ يراعي المسلمون الآن الشهر الحرام ولا يعتدون على قريش
وقد سلبت أموالهم وهتكت أعراضهم وسالت دماؤهم في مكة البلد الحرام
وفي الأشهر الحرام قبل ذلك على يد نفس القرشيين أصحاب القافلة؟!

أسئلة محيرة حقا ..

فجلسوا معا يتشاورون .. وأخذوا القرار بعد ذلك .. بالهجوم على القافلة ..

وقتل في هذا الهجوم أحد المشركين هو (عمرو بن الحضرمي)..
وأُسر اثنان منهم هم.. (عثمان بن عبد الله بن المغيرة) و (الحكم بن كيسان)..
بينما فر الرابع (نوفل بن عبد الله بن المغيرة)..
وغنم المسلمون القافلة بأكملها.. وعادوا بها وبالأسيرين إلى المدينة المنورة..

وكان هذان هما أول أسيرين في الإسلام
وكان هذا هو أول قتيل في الإسلام
وكانت هذه هي أول غنائم ذات قيمة في الإسلام. ..

هذا يوم فاصل في تاريخ الجزيرة العربية...
ولقد قامت الدنيا ولم تقعد ...
وتباينت آراء الناس حول الحدث الكبير..
أما قريش فقالوا .. إن المسلمين انتهكوا الحرمات وخالفوا الأعراف وتعدوا على القوانين ..!

سبحان الله .. !

قريش التي عذبت وسجنت وقتلت وشردت .. تتحدث عن القوانين .. !


وأما رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقد وُضع في حرج شديد..
ولم يكن عنده وحي بهذا الشأن..
وهو لا يُقر بصفة عامة خرق القوانين والحرمات
ولم يأمر بقتال في الشهر الحرام ولم يرده
ولم يسعد به عندما حدث برغم كل الآلام التي عاناها قبل ذلك من قريش..لكنها مسألة مبدأ ..

فماذا حدث ؟!

لقد أنكر (صلى الله عليه وسلم) .. على الصحابة ما فعلوه..

وقال لهم .. "ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام "..

ولم يكتفِ بذلك ..بل أوقف التصرف في القافلة والأسيرين ..
إلى أن يأتي وحي يرشده إلى القرار الأحكم في هذه القضية...

وأما الصحابة الذين قاموا بالسرية فقد أسقط في أيديهم..
ورأوا أنهم قد أخطئوا في الاجتهاد..
وجاء إليهم الباقون ممن لم يشارك في السرية يلومونهم ويعنفونهم..

كان موقفا متأزما حقا ..

لكن .. لقد نزل الوحي من الله .. مفاجئا للجميع .. !

(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ
وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْل)

لقد قال الله سبحانه .. إنه لا معنى أبدا لتلك الضجة المفتعلة..
والتمثيلية الهزلية التي قام بها كفار قريش..
فصحيح أن القتال ممنوع في الشهر الحرام ..
لكن ما فعلته قريش بالمسلمين من قبل .. لأكبر وأعظم من ذلك ..
والكفر بالله وعبادة الأصنام .. لأكبر من ذلك ..
ومنع المسلمين من الطواف وأداء المناسك حول البيت .. لأكبر من ذلك ..
وفتنة المسلمين عن دينهم بالتعذيب والتشريد والقتل ..لأكبر من ذلك ..
علما أن مافعلته قريش .. لم يكن مرة واحدة .. بل مرات عدة ..

كما أن الله سبحانه لم يكتف برفع الإثم عن الصحابة الذين شاركوا في سرية نخلة ..
بل أعطاهم ثواب المجاهدين في سبيل الله.. فقال عز من قائل ..

(إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)

بل أنه بيّن للناس أن نيتهم كانت لله .. حين قال (أولئك يرجون رحمة الله)..
وبيّن أنه غفر لهم قتالهم في الشهر الحرام .. حين قال (والله غفور رحيم)..

بعدها .. قرر (صلى الله عليه وسلم) أن يتعامل مع الحدث تعاملا سياسيا حكيما..
يجمع فيه بين العزة والقوة من جانب .. وبين التحاور والتفاهم من جانب آخر ..

فلقد أخذ الغنيمة ورفض أن يردها إلى قريش..بعد أن أعتبرها جزءا من ممتلكات المسلمين المسلوبة..
لكنه قبل في الأسيرين .. الفداء والمال ..

وحدث موقف آخر .. هو أن (سعد بن وقاص) و (عتبة بن عزوان) من مقاتلي سرية نخلة..
كانا يبحثنا عن بعير لهما فقداه في الطريق .. ولم يصلا بعد إلى المدينة ..
فقرر (صلى الله عليه وسلم) ألا يفدي الأسيرين .. حتى يعود سعد وعتبة ..
مخافة أن يكون كفار مكة قد ألقوا القبض عليهما وقتلوهما..
فلما عاد الصحابيان ..أذن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في الفداء ..

وهكذا كان (صلى الله عليه وسلم) كقائد.. حريصا على جنوده ..
وحريصا على عدم قطع العلاقات السياسية مع أعدائه ..
فقبل فداء الأسرى .. بل وأعطى دية المقتول لأهله..
وذلك ليفتح باب التعامل بالمثل .. إذا وقع في أيدي الكفار أسير مسلم .. أو قتيل مسلم ..

ولأن الأحداث في تصاعد .. فكان الخطر المتوقع .. أن يكون من مكة ..

لكن هناك خطر أقرب .. من اليهود ..
فاليهود لم يظهروا أي تعاطف لهذا الدين الجديد..
وحاولوا الدس له والكيد لأصحابه مرة ومرات..
وازداد كيدهم جدا بعد سرية نخلة..
وبدءوا يجاهرون بموالاتهم لقريش ..
وأظهروا الرغبة الجامحة في قدوم قريش لاستئصال المسلمين..
وأبرزوا التفاؤل بالأسماء التي ورد ذكرها في سرية نخلة..
وأن هذه الأسماء تشير إلى اقتراب حرب فاصلة بين قريش والمسلمين..

فقالوا مثلا.. قتل عمرو بن الحضرمي.. إذن عمرت الحرب.. وحضرت الحرب
ومن قتل عمرو هو الصحابي (واقد) ..إذن أوقدت الحرب"

وهكذا بدأ اليهود يهيجون قريشا على الحرب ..
ويهيجون أنفسهم على قتال المسلمين ..

فماذا حصل ؟!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://moons.ahlamontada.com
المغربي
المراقبون
المراقبون
المغربي


عدد المساهمات : 1622
تاريخ التسجيل : 27/01/2014

سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة سيد الخلق   سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Emptyالثلاثاء 10 يونيو 2014, 10:39

فرض القتال على المسلمين



القتال الآن .. ليس محتملا على المسلمين .. بل متوقعا .. وقريبا جدا..
وقريش الآن مهزومة .. ومجروحة الكبرياء.. واليهود قد يمدون لهم العون..
ولم يعد ينفع الإذن بالقتال..
بل يجب أن يفرض القتال على المسلمين لدفع شر هؤلاء الأعداء..
لكن .. لو فُرض القتال وكان أمرا يشبه الصلاة والصوم والحج ..
فلن يكون فيه اختيار .. وستقل نسبة المتخلفين عنه ..

ونتيجة لهذه الظروف ينزل التشريع المحكم بالقانون الجديد ..المناسب للمرحلة الحالية
وهو فرض القتال على المسلمين إذا قوتلوا
وليس للمسلمين اختيار في قضية دفع المشركين إذا هجموا عليهم.. بل لا بد من الدفاع حتى الموت

ولذلك قال الله تعالى

(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ
وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)

فلم يعُد القتال مأذونا به فقط.. إنما صار مكتوبا على المسلمين.. أي مفروضا عليهم..

ثم أنزل الله توضيح سبب القتال في هذه المرحلة .. وبعض الأحكام الخاصة بالقتال..

فقال

(وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ
وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ
وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِين
فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ)

فكيف حركت هذه الآيات .. مشاعر المسلمين ؟!

أولا

الناس بصفة عامة تكره الحروب والقتال
فلا يختلف اثنان أن الحروب تأتي بالدمار والخراب وإزهاق الأرواح..
وغير ذلك من أشياء تورث الحزن والكراهية...
ولا يشتاق إلى إراقة الدماء إلا مرضى النفوس..
وكان (صلى الله عليه وسلم) والصحابة من بعده .. يبذلون وسعهم قدر المستطاع لتجنب القتال..
لكن الإسلام علمهم .. أن يحبوا الموت إرضاء لله ..

ثانيا

أن ما تراه بعينك مكروها كثيرا .. قد يجعل الله في باطنة خيرا أكثر ..
وما تراه بعينك محبوبا كثيرا .. قد يجعل الله في باطنه شرا أكثر ..
وهذا الأمر يبدو لأول وهلة غريبا..لذلك هو يحتاج إلى يقين كبير..
وإيمان كامل باختيار رب العالمين..
فلا تنظر إلى التكليف من باب أنه اختيارك .. وانظر إليه من باب أنه اختيار الله ..
ولذلك ختم الله هذه الآية بقوله (وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)

ثالثا

تحدثنا عن طائفتين من المؤمنين ..
الأولى ترى التكليف صعبا والقتال كرها .. ولكنها تفعله لأنه أمر الله .. وهذه درجة إيمانية جيدة..
والثانية .. انقلب عندها الكره إلى حب .. والمشقة إلى متعة .. ما دام في سبيل الله ..
فتشتاق إلى الشهادة في سبيل الله وإن تمزقت أجسادهم ..
لكن .. هناك طائفة ثالثة .. أتاها التكليف وهي في لحظة ضعف إيماني ..
فرأت الكره ولم تر الخير الذي في باطنه.. وهي ليست طائفة منافقة .. ولكن إيمانها ضعيف..

ولقد تردد البعض من الصحابة حينما نزلت هذه الآيات .. وخافوا ..
ووصل خوفهم للدرجة التي تمنوا بها أن يرفع عنهم هذا التكليف .. أو يؤخر ..
والطائفة التي ترددت .. هي ذاتها الطائفة التي كانت تطلب القتال في أيام مكة.. رغم أنه ممنوع..
لكن المرحلة تلك كانت تتطلب الصبر على عدم القتال ..
أما الآن .. فهم محتاجون للصبر على القتال ..
وأيضا .. هؤلاء لم يكونوا من المنافقين أبدا ..

لكن .. ماذا قال القرآن الكريم عن هذه الطائفة ؟!

(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ
فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً
وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلاَ أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ)

وهذه الخشية التي تسللت إلى قلوبهم ...ليس لضعف يقينهم في أن الله قادر على نصرتهم..
حاشا لله من هذا الاعتقاد.. فهم مؤمنون..
لكن هذه الخشية تسللت.. لأن الدنيا المستقرة قد دخلت في القلوب..
فحرصوا على الحفاظ عليها.. وخافوا من فقدانها..
ونسوا أنهم لن يؤخروا أبدا عن لحظة موتهم.. سواء قاتلوا أم لم يقاتلوا..
وأن نعيم الآخرة لا يقارن أبدا بنعيم الدنيا القليل..

ومن هنا ..جاء العلاج الرباني واضحا ... يعود بهم إلى الأصول التي تربوا عليها في مكة..

(قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً
أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ)

ولما ذُكرت هذه الطائفة المؤمنة بهذه المعاني ..عادت إلى الله
وقبلت بأمر القتال في سبيل الله.. وما نكصت على عقبيها أبدا .

رابعا

لو استقرت الطائفة المؤمنة على أمر القتال وفرضيته وأهميته
فلا بد أن تعرف مَن تقاتل.. لئلا يكون السيف في يدها مُسَلَطا على جميع البشر
والقوة إن لم تحكم بقانون ...ستصبح قوة غاشمة..
لذلك حددت الآيات بوضوح ..مَن الذي يجب أن يقاتلهم المسلمون في هذه المرحلة..

(وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)

فالمسلمون في هذه المرحلة لا يقاتلون إلا من بدأهم بالقتال
وليس هناك ما عرف بعد ذلك بجهاد الطلب.. وهو الجهاد لنشر كلمة الله في الأرض
وقتال من وقف أمام تعليم الناس الإسلام...
فهذه المرحلة ليست مرحلة فتوح..
وإنما هي مرحلة دفاع عن الذات وعن الإسلام..
ولا بد أن يدرك المؤمنون مدى قوتهم فلا يطمعون فيما هو أكبر من حجمهم الحقيقي..
وهذا من فقه الواقع...

وبرغم أن المسلمين لم يبدءوا القتال.. وبرغم أنهم يقاتلون مضطرين..
وفي الموعد الذي سيختاره عدوهم ..
إلا أنهم لا بد أن يوجِّهوا النية كاملة لله ..
مع أن النية قد تكون فطرية في الدفاع عن النفس والأرض والديار والمصالح...
لكن أولا وقبل كل شيء ..

(وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ)

فلا بد أن يكون القتال في سبيل الله...

خامسا

إن شهوة الانتقام عند المظلوم قد تتفاقم ..حتى تخرج عن الإطار المسموح به شرعا
ونحن لا يجب أن نرفع ظلما وقع علينا ..بإيقاع ظلم على آخرين
لذلك يأتي الضابط المهم للقتال في الإسلام
وهو ضابط ثابت مستمر غير منسوخ.. معمول به في كل حروب المسلمين

(وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)

فالله لا يحب المعتدين حتى لو كانوا من المسلمين..
والعدل قانون لا ينصلح حال الأرض إلا به..
والعدل مع الجميع حتى الأعداء المكروهين إلى النفس

(وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)

(وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا)

وصور الاعتداء المنهي عنها كثيرة.. منها الغدر والخيانة..
ومنها تعذيب الأسرى..
ومنها التمثيل بالجثث..
ومنها القتال لحظِّ النفس وليس لله ..
ومنها قتال مَن لا يجب أن يقاتل
ومنها التجاوز في التدمير والتخريب
ومنها إيقاع الظلم بأي إنسان أيا كان..
بل إن منها إيقاع الظلم بالحيوان أو النبات....!

ففي حديث نبوي ..

"انطلقوا باسم الله .. وبالله ..وعلى ملة رسول الله ..
لا تقتلوا شيخا فانيا .. ولا طفلا صغيرا .. ولا امرأة ..
ولا تغُلّوا .. وضُمّوا غنائمكم .. وأصلحوا .. وأحسنوا .. إن الله يحب المحسنين"


وفي حديث آخر .. قال (صلى الله عليه وسلم)..

"اغزوا في سبيل الله .. قاتلوا في سبيل الله ..
اغزوا ولا تغُلّوا .. ولاتغدروا .. ولاتُمثّلوا .. ولاتقتلوا الوليد"

وفي وصية (أبي بكر) لجيش المسلمين المتجه إلى الرومان .. قال..

"لا تخونوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تُمثِلوا..
ولا تقتلوا طفلاً صغيرا ...ولا شيخًا كبيرا ولا امرأة.. ولا تعقروا نخلا.. ولا تحرقوه..
ولا تقطعوا شجرة مثمرة.. ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرا إلا لمأكلة..
وسوف تمرون بأقوامٍ قد فَرَّغوا أنفسهم في الصوامع (أي الرهبان).. فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له"

!!!!!

هذه هي أخلاق الحروب في الإسلام..
ليس فيها قتل لمدنيين أو غير محاربين.. وليس فيها إبادة جماعية ولا تدمير عشوائي..

سادسا

لقد أعلنت هذه الآيات إعلانا صريحا .. يدل على قوة المسلمين وواقعيتهم في مجابهة قوة قريش الكافرة..
فكل أهل قريش مستهدفون الآن .. فقد حان وقت المعاملة بالمثل
وقد يُستهدف المشركون سواء كانوا في مكة أو في المدينة أو في قافلة أو في أي مكان ..

فقد قال الله سبحانه .. (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ)

سابعا

قال تعالى في نفس الآيات..

(وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ)

وهذا تصعيد خطير جدا.. وصريح ..
فالمشركون أخرجوا المسلمين المهاجرين من مكة
والآية تدعو المسلمين أن يُخرجوا الكفار من مكة ...!

ولقد عاشت قريش بعد سماعها لهذه الآيات .. في رعب الانتظار ..

ثامنا

عرّفت الآيات المسلمين .. بفقه جديد أسمه (فقه الموازنات)..

(وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ)

ففتنة الناس عن دينهم هي أبشع الجرائم بلا منازع
لأن الذي فُتن عن دينه ..أو بدله بعد إيمان..، أو مُنِع من الدخول فيه ابتداء..
هذا قد خسر آخرته تماما.. بينما المقتول قد يكون في أعلى عليين..
ومن ثمّ ..تصبح جريمة الفتنة عن الدين جريمة لا تغتفر .. بل وأعظم من القتل..

تاسعا

حددت الآيات أيضًا بعض التشريعات الخاصة بالقتال في البلد الحرام مكة

(وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ)

فالآيات فيها تهديد خطير لقريش.. فهي تتكلم وكأن القتال في مكة أصبح أمرا واقعا..
وليس مجرد فكرة أو تهديدا عابرا..
ولا شك أن هذا الأمر قد ألقى الرهبة في قلوب الكفار.. كما ثبّت أقدام المؤمنين..
كما أن الآيات في الوقت نفسه ..
تؤكد على أن المسلمين برغم أنهم قاتلوا اضطرارا في الشهر الحرام
إلا أنهم ما زالوا يوقرون الحرمات.. ولم يبدلوا دينهم..
فهم لا يقاتلون في المسجد الحرام إلا إذا قوتلوا فيه..

عاشرا

المسلمون مع كونهم يعلنون الحرب على قريش...
إلا أنهم في الوقت ذاته لا يعلنون هذه الحرب لمجرد شهوة الانتقام أو الانتصار للنفس
بل على العكس ...إذ يعلمنا ربنا أن الغاية في النهاية هو هداية البشر إلى الله..
ومن ثَم فإذا عاد أولئك الكافرون إلى الله .. فالله يقبل توبتهم .. ويتوب عليهم ..
وسيصبحون من المسلمين.. لهم ما لهم وعليهم ما عليهم..
وتُطوى تماما صفحة الماضي.. فلا يحاسبهم عليها الله ..
ولا يذكرها لهم المسلمون الذين ظلموا على أيديهم..
وهذه قمة السمو في الأخلاق.. وقمة الرحمة في التعامل

(فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)

(قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا ...يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ)

فماذا استجد على المسلمين بعد كل ذلك ؟!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://moons.ahlamontada.com
المغربي
المراقبون
المراقبون
المغربي


عدد المساهمات : 1622
تاريخ التسجيل : 27/01/2014

سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة سيد الخلق   سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Emptyالثلاثاء 10 يونيو 2014, 10:40

آبار بــــدر



الدولة الإسلامية لها من العمر الآن ...سنتان في المدينة..ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقود الدولة..
لكن الوضع داخل المدينة ليس مستقرا أبدا...

وفي يوم ما .. عادت قافلة مكية من الشام إلى مكة .. بقيادة (أبي سفيان بن حرب)
قافلة ككل القوافل التي خرج إليها المسلمون قبل ذلك..
بل أن معظم القوافل .. لم يحدث فيها قتال عدا ما حدث في سرية نخلة ..

لكن هذه القافلة ..كانت تختلف عن بقية القوافل في بعض الأمور المهمة..

(1) هذه القافلة من أكثر قوافل مكة مالا..وضربها يمثِل ضربة اقتصادية هائلة لمكة..
ألف بعير مُوقَرة بالأموال.. لا تقل عن 50 ألف دينار ذهبي...

(2) هذه القافلة ليست بقيادة قائد مغمور من قواد مكة أو تاجر عادي من تجار قريش..
وإنما هي بقيادة (أبي سفيان بن حرب) من سادة قريش ومن سادة بني أمية..
ومن الواضح أن للقافلة عند قريش أهمية بالغة..
بحيث أنه جعلت لها حراسة مشددة وقوية مكونة من 30 أو 40 رجلا ..
في حين لم يكن على حراسة قافلة (نخلة) سوى 4 رجال فقط...

(3) هذه القافلة تمر بجوار المدينة في شهر رمضان..
أي بعد شهر ونصف فقط من أحداث (سرية نخلة)..
وموقف المؤمنين مع هذه القافلة يؤكد صلابتهم ..
وأنهم ليسوا خائفين من آثار (سرية نخلة).. ولا شك أن هذا سيهز كفار مكة..

ولذلك ..
خرج (صلى الله عليه وسلم).. بأكبر عدد من المسلمين إلى هذه اللحظة
فكل السرايا والغزوات السابقة لم يتجاوز عدد المسلمين فيها 200..

لكن .. قرر (صلى الله عليه وسلم) بداية أن يستشير الناس ..
وأعلن الموافقة أبو بكر وعمر وكثير من المهاجرين ..
و ظل (صلى الله عليه وسلم) يطلب الرأي ..

حتى قال (سعد بن عبادة) زعيم الخزرج .. .. إيانا تريد يارسول الله؟
والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها (أي الخيل) ..
ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا"..

وخرج الأنصار بعدد كبير ..
فكان عددهم .. 231 ...
61 من الأوس .. و 170 من الخزرج ..

بينما المهاجرين كانوا .. 83 فقط ..

وتزود (صلى الله عليه وسلم) بسلاح المسافر
وأخذ معه فرسين وسبعين من الإبل..
وقسم جيش المسلمين إلى مهاجرين وأنصار..
وأعطى راية المهاجرين لـ (علي بن أبي طالب)..
وأعطى راية الأنصار لـ (سعد بن معاذ)..
وأعطى الراية العامة للجيش لـ (مصعب بن عمير)..
وجعل على الساقة في مؤخرة الجيش (قيس بن صعصعة)..

وقد حددت المخابرات الإسلامية .. أن القافلة ستمر قريبا جدا من آبار (بدر)..
وبدر على بعد 70 كم جنوب المدينة..
فاتجه (صلى الله عليه وسلم) مباشرة إلى بدر..لكي يقطع الطريق على القافلة...

على الناحية الأخرى ..
كان على رأس القافلة المكية (أبو سفيان بن حرب)..من أذكى وأدهى العرب..
وهو أيضا له مخابراته.. وقد استطاع أن يعرف أن الرسول (صلى الله عليه وسلم)..
خرج من المدينة المنورة قاصدا القافلة...
لكنه لا يعرف إلى أي مكان وصل الرسول (صلى الله عليه وسلم)..

ولكي لايضيع على نفسه الوقت ..
أرسل رسالة سريعة إلى مكة لاستنفار جيش مكة للخروج لإنقاذ القافلة
وكانت الرسالة مع (ضمضم بن عمرو الغفاري)..

وبسرعة كان (ضمضم) في مكة.. ووقف على بعيره.. وشق قميصه..

وبدأ في الصراخ على أهل مكة...يا معشر قريش.. اللطيمةَ اللطيمةَ..
أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمدٌ في أصحابه.. لا أرى أن تدركوها.. الغوثَ الغوثَ..

فقام الناس كلهم مسرعين.. أخذوا الأمر في منتهى الجدية
فهم لم يفيقوا بعد من أزمة (سرية نخلة)..

وبدأت قريش في جمع المقاتلين من كل مكان..وعملوا على إعداد جيش على أعلى مستوى:

1300 مقاتل من قريش.. وما حولها من قبائل العرب..

100 فرس ..

600 درع..

إبل كثيرة لا يعرف عددها بالضبط.. لكنهم كانوا ينحرون للطعام 9 أو 10 جمال كل يوم..!

خرج على قيادة الجيش كل زعماء الكفر تقريبا.. عتبة بن ربيعة.. وشيبة بن ربيعة
والوليد بن عتبة.. وأبو جهل.. وعقبة بن أبي معيط..
ولم يخرج أبو لهب بل أخرج واحدا مكانه...
جعلوا على رأس الجيش أبا جهل.. فرعون هذه الأمة وسيد قريش...

بل حتى إبليس (لعنه الله) تعاون مع هذا الجيش..

فعندما قررت قريش الخروج خافت من غدر(بني بكر) بها..
وكان بينهما خلاف قديم.. فكاد ذلك يقعدها..
فتمثَّل لهم الشيطان في صورة (سُراقة بن مالك بن جعشم المدلجي).. وكان من أشراف بني كنانة ..

فقال لهم.. أنا جارٌ لكم من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشيء تكرهونه..

فخرجوا جميعا..

لكن كيد الشيطان هذا لا يسمن ولا يُغني من جوع..
إذ إن الله هو مع الفريق الآخر..

(فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا)

فكان الشيطان ممن دفع الكافرين للخروج إلى حتفهم في بدر...

وكذلك فعل (أبو جهل) وهو من كبار شياطين الإنس..
فقد ورط زعماء مكة جميعا في الخروج.. ودفعهم أيضا بنفسه إلى حتفهم..
وقصته مع (أُمية بن خلف) عجيبة.. والقصة في صحيح البخاري...

فـ (أمية بن خلف) وهو من عتاة الإجرام.. كان صديقا لـ (سعد بن معاذ) في الجاهلية
وفي أثناء زيارة (سعد بن معاذ) لمكة..

قال سعد لأمية.. إنه سمع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول "إنهم قاتلوك"...

فزع أمية بن خلف.. وقال... بمكة؟

قال سعد... لا أدري.

فازداد رعب أمية.. ورجع مسرعا إلى أهله.. وقال لزوجته.. يا أم صفوان.. ألم تَري ما قال لي سعد؟

قالت.. وما قال لك؟

قال.. زعم أن محمدًا أخبرهم أنهم قاتلي..فقلت له: بمكة؟ قال: لا أدري..
والله لا أخرج من مكة..

لذلك .. عندما قرر جيش مكة الخروج ..خشي (أمية) أن يخرج
لأنه يعرف أن كلام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صدق..

فجاء إليه (أبا جهل) .. فقال له .. يا أبا صفوان..
إنك متى ما يراك الناس قد تخلفت وأنت سيِد أهل الوادي تخلفوا معك..

في البداية رفض (أمية).. لكن (أبا جهل) أرسل إليه (عقبة بن أبي معيط)..
وعقبة من أكابر مجرمي مكة.. فأحضر مِجمرة لعطر النساء ووضعها بين يدي (أمية)..

وقال له.. إنما أنت من النساء

قال أمية.. قبحك الله!

لكن مع إصرار سيد قريش (أبي جهل) وافق مضطرا..
ومع ذلك دبر خطة لكي تنقذه من القتل..
إذ قرر أن يشتري أجود بعير في مكة لكي يستطيع الهرب عليه..
ورجع البيت يتجهز للخروج..

فقالت له أم صفوان.. يا أبا صفوان.. أوَقَدْ نسيت ما قال لك أخوك اليثربي؟

قال.. لا... ما أريد أن أجوز معهم إلا قريبا..

وفي أثناء الطريق قرر الرجوع أكثر من مرة..لكنه فشل حتى وصل بدر
وكان مصيره الذي أخبر به رسول الله (صلى الله عليه وسلم)..

سبحان الله!

(إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا ... وَأَكِيدُ كَيْدًا)

ولقد كان (أبو جهل) يعتقد أن هذا هو أفضل إعداد.. وأنه قد مكر بالمسلمين..

لكن

(وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ)

وصلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم

رد مع اقتباس
#183
قديم 01-27-2013, 04:37 AM
يوسف عمر يوسف عمر غير متصل

تاريخ التسجيل: Feb 2012
المشاركات: 15,498
معدل تقييم المستوى: 20
يوسف عمر has a spectacular aura aboutيوسف عمر has a spectacular aura aboutيوسف عمر has a spectacular aura about
افتراضي رد: الحبيب الأول ... والأخيـــــر ... !
الرسول يستشير اصحابه قبل بدر



خرج جيش مكة الذي أعده رأس الكفر (أبو جهل) لعنه الله..
لكن في الطريق وقبل أن يصلوا إلى بدر ..وصلتهم رسالة ثانية من (أبي سفيان بن حرب)..

يقول فيها. إنكم إنما خرجتم لتحرزوا عيركم ورجالكم وأموالكم.. وقد نجاها الله فارجعوا..!

والقصة أن (أبا سفيان) اكتشف تحركات الجيش المسلم.. وعرف أنه سينتظر في بدر
وبسرعة غير اتجاهه ناحية الغرب.. وسار على ساحل البحر الأحمر وأفلت بالقافلة..
و(أبو سفيان) كان يرى أنه لا داعي للدخول في صدام دون إعداد جيد..

ولقد وجدت هذه الرسالة هوى في قلوب معظم جيش مكة..
كان الكل يريد الرجوع.. لكن (أبا جهل) قام لهم يدفعهم دفعا..

فقال لهم .. والله لا نرجع حتى نرِد بدرا.. فنقيم عليه ثلاثا (كعادة الجيوش المنتصرة)
فننحر الجزور.. ونطعم الطعام.. ونُسقي الخمر.. وتعزف القيان (المطربات)
وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا.. فلا يزالون يهابوننا أبدا..

وبرغم إصرار (أبي جهل) إلا أن مجموعة من المشركين انشقَت عن الصف ..ورفضت إكمال الطريق..
وكان يقود هذه المجموعة (الأخنس بن شريق)..
وأخذ معه (بني زهرة) بالكامل .. وهم 300 رجل..

وأصبح تعداد الجيش المكي 1000 مقاتل..
فأكمل هذا الجيش الطريق حتى نزل قريبا من بدر ...
عند مكان يعرف (بالعدوة القصوى) على حدود وادي بدر...

نعود الآن إلى صفوف الجيش المسلم ..
فلقد نقلت الاستخبارات الإسلامية خبرين في منتهى الأهمية..

(1) هروب القافلة
(2) جيش مكة على مقربة من بدر

وأصبح الوضع الآن من الخطورة بمكان..
فإعداد المسلمين كان قويا جدا بالنسبة لقافلة تجارية..
لكنه ضعيف جدا بالنسبة لجيش نظامي خرج مستعدًّا للقتال..

فماذا نفعل؟!

لا يوجد إلا أحد خيارين..
الرجوع إلى المدينة وتجنب القتال..
أو التقدم إلى بدر والصدام المروع....

وأصبح حتى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أمام خيارين ..الرجوع أو القتال..
من داخله هو يريد القتال.. فالرجوع له آثار سلبية كبيرة..
الرجوع سيهز صورة المسلمين جدا..
وسيضيع مكاسب سرية نخلة..
وسيشجع الكفار على التمادي في الحرب على المسلمين..
فكلما يرجع المسلم خطوة سيحتلها عدوه..،
ولا يُستبعد مطلقا إذا رجع الجيش المسلم ..أن يستمر الجيش المكي في المسير ويغزو المدينة
وساعتها سيكون الخطر أكبر...

لكن في الوقت نفسه لم يكن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قائدا دكتاتورا ..
فالقائد الدكتاتور يعتقد في داخله أن رأيه فقط هو الرأي الصحيح.
ومن ثَم فلا داعي لأن يضيع وقته ووقت شعبه في أي استشارات..
لكن الرسول (صلى الله عليه وسلم)..لم يكن كذلك أبدا..

فعقد (صلى الله عليه وسلم) مجلسا استشاريا كبيرا..
تبادل فيه الرأي ليس فقط مع قادة الجيش ولكن مع عامة الجيش.. فالقضية خطيرة..

فقام (أبو بكر) وأيد الحرب ضد الكافرين ..
ثم قام (عمر بن الخطاب) وأيد الحرب ..
ثم قام (المقداد بن عمرو) .. وقال كلاما .. يسطر بالذهب ..

قال .. يارسول الله .. امض لما أراك الله .. فنحن معك ..
والله لا نقولُ لك كما قالت بني إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون..
ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون ..
فوالذي بعثك بالحق .. لو سرت َ بنا إلى بَرك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى نبلغه..

فسُرّ (صلى الله عليه وسلم) كثيرا بكلام المقداد..

لكن .. بقي (صلى الله عليه وسلم) يطلب الاستشارة ..

وهو يقول .. "أشيروا علي أيها الناس"..

وقد كان (صلى الله عليه وسلم) يكتفي أحيانا كثيرة بمشورة صاحبيه (أبو بكر وعمر)..
لكن الآن الوضع مختلف...

لماذا ؟!

لأنه (صلى الله عليه وسلم) لم يسمع بعد كلام الأنصار ..
فهم قد أعلنوا موافقتهم على الخروج معه إلى القافلة .. لكن ليس إلى الحرب ..

وهذا الطلب المتكرر منه (صلى الله عليه وسلم) للاستشارة ..
لفت نظر (سعد بن معاذ) زعيم الخزرج .. فقال .. لكأنك تريدنا يا رسول الله؟

قال (صلى الله عليه وسلم).. "أجل"..

فقال (سعد) .. ويالها من مقالة .. فقد آمنا بك وصدقانك ..وشهدنا أن ما جئتَ به هو الحق ..
وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة .. فامض يارسول الله لما أردت..
فواالذي بعثك بالحق .. لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته ..لخضناه معك ..
ما تخلف منا رجل واحد..
وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا .. إننا لصُبر في الحرب .. صُدق في اللقاء ..
ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك .. فسر على بركة الله ...

ثم أضاف (سعد) .. لعلك تخشى أن تكون الأنصار ترى حقا عليها أن لاتنصرك إلا في ديارهم..
وإني أقول عن الأنصار وأجيب عنهم .. فاضعن حيث شئت.. وصل حبل من شئت .. واقطع حبل من شئت..
وخذ من أموالنا ما شئت .. وأعطنا ما شئت..وما أخذتَ منا كان أحبُ إلينا مما تركت ..
وما أمرتَ فينا من أمر .. فأمرنا تُبع لأمرك ..
فوالله لئن سرتَ حتى تبلغ البرك من غمدان .. لنسيرنّ معك .
والله لئن استعرضتَ بنا هذا البحر فخضتَه.. لخضناه معك..

!!!!!!!!!

سبحان الله .. هؤلاء هم الأنصار.. لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق...

فسر أيما سرور (صلى الله عليه وسلم) .. بقول (سعد بن معاذ) ..

وقال (صلى الله عليه وسلم) للناس في حماسة

"سيروا وأبشروا .. فإن الله تعالى قد وعدني احدى الطائفتين..
ووالله لكأني أنظر إلى مصارع القوم"

وصلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم

__________________
إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ
الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ
رد مع اقتباس
#184
قديم 01-27-2013, 04:42 PM
يوسف عمر يوسف عمر غير متصل

تاريخ التسجيل: Feb 2012
المشاركات: 15,498
معدل تقييم المستوى: 20
يوسف عمر has a spectacular aura aboutيوسف عمر has a spectacular aura aboutيوسف عمر has a spectacular aura about
افتراضي رد: الحبيب الأول ... والأخيـــــر ... !
مواقف مشرّفة قبل بــدر



بدأ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يصف الصفوف
وكانت هذه أول مرة يحارب فيها العرب في صفوف..
وحاول (صلى الله عليه وسلم).. أن يجعل الصفوف متساوية ومتراصة بنظام ودقة عالية...
وبدأ (صلى الله عليه وسلم) يلقي على جيشه بعض الأوامر العسكرية ..

فقال ... "إذا أكثبوكم (يعني إذا غشوكم) .. فارموهم بالنبل .. واستبقوا نبلكم"

وذلك لكي لا يطلق المسلمون السهام والكفار ما زالوا بعيدين.. فلا تصل إليهم السهام
فأحيانا يكون المقاتل في حالة عصبية.. فيطلق السهام دون تركيز في أيِّ اتجاه..
وهذا يضيع الذخيرة على الجيش...

لكن .. ما هي صفات الجيش الذي يريد النصر في الحرب ؟!

(1) المخابرات الإسلامية
(2) الكتمان
(3) الموقع العسكري المتميز
(4) التوجيهات العسكرية الحكيمة
(5) الصفوف والترتيب
(6) مهارة القتال وقوة الضربات والشجاعة والإقدام والاحترافية الحقيقية في الحرب

مع أن العدة معه (صلى الله عليه وسلم) لم تكن سوى فرسين و70 من الجمال..
وكل منهم معه عدة المسافر لاعدة المقاتل..

(وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ
وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ
وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ)

العامل الآخر المهم .. كسبب في انتصار الجيش ..
هو تلاحم القائد مع جيشه ...

فمثلا .. أثناء تسوية الصف ..
وجد (صلى الله عليه وسلم) أحد الصحابة واسمه (سواد) متقدما على غيره في الصف
فجاء إليه (صلى الله عليه وسلم) ..
وكان يمسك بيده قدحا (سهم بدون نصل) ...
فلما وصل (صلى الله عليه وسلم) إلى (سواد) ..
ضربه بالقدح ضربة خفيفة في بطنه ...وقال له "استوِ يا سواد"..

لكن العجيب في الموقف ... هو رد فعل (سواد) ..

فلقد فاجأ الجميع بقوله... يا رسول الله أوجعتني.. فأقدني..!!

أي أن الضربة آلمتني.. وأريد منك القصاص.. ضربة بضربة..!

تصوروا .. يريد أن يضرب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) .. !

موقف عجيب جدا !
لكن الأعجب ... هو رد فعله (صلى الله عليه وسلم)..

لقد استجاب في منتهى السرعة ..ودون أي جدل لطلب (سواد)..
وليس هذا فقط..
فقد كانت بطن (سواد) عارية.. والضربة جاءت على بطنه مباشرة..
فكشف (صلى الله عليه وسلم) عن بطنه ليضربه سواد ضربة مماثلة .. ودون ثياب..

هل يمكن تخيل الموقف؟

وهل يمكن أن يحدث هذا اليوم .. بين جندي وعقيد .. أو حتى رائد أو نقيب .. ؟!

وهل يمكن أن يحدث هذا اليوم .. مع حاكم الدولة بأكملها ؟!

لقد كشف (صلى الله عليه وسلم) بطنه..

وقال في بساطة.. "استقد" .. أي اضرب واقتص..

لكن (سواد) بمجرد أن رأى بطن الرسول (صلى الله عليه وسلم) ..اعتنقه .. وقبل بطنه..

فقال له (صلى الله عليه وسلم).. "ما حملك على هذا يا سواد ؟!"..

قال (سواد) .. يا رسول الله، قد حضر ما ترى (أمر الحرب والقتال)..
فأردتُ أن يكون آخر العهد بك .. أن يمس جلدي جلدك...!

يعني هناك احتمال أن أموت في المعركة..
فرجوت أن يكون آخر ما مسست هو جسمك. فدعا له رسول الله .

وللعلم فإن (سواد) لم يمت في بدر ..
لكنه لفت نظرنا إلى صفة أصيلة من صفات الجيش المنصور..
وهي تلاحم القائد مع شعبه.. انصهار القائد تماما في شعبه..

بل أن في الطريق إلى بدر ..

كان (صلى الله عليه وسلم) وهو قائد المسلمين..
يتناوب في الركوب مع (علي بن أبي طالب) .. و (مرثد بن أبي مرثد) ..
وفي رواية .. بين علي وأبي لبابة ..

فقال الصحابيان لرسول الله (صلى الله عليه وسلم).. نحن نمشي عنك.

فقال (صلى الله عليه وسلم).. "ما أنتما بأقوى مني .. ولا أنا بأغنى عن الأجر منكما"

فكيف تكون حماسة الجندي عندما يجد القائد معه في كل خطوة..
يحيا مشاكله.. يتعب معه.. يفرح معه.. يحزن معه...
لا ترفّع .. لاتكبر .. لا ظلم .. لا كراهية ..

أو كما في الحديث النبوي ..

"من ولاه الله عز وجل شيئا من أمر المسلمين .. فاحتجب دون حاجتهم وخلّتهم وفقرهم..
احتجب الله عنه دون حاجته وخلّته وفقره"
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://moons.ahlamontada.com
المغربي
المراقبون
المراقبون
المغربي


عدد المساهمات : 1622
تاريخ التسجيل : 27/01/2014

سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة سيد الخلق   سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Emptyالثلاثاء 10 يونيو 2014, 10:40

الجيشين في بدر



صفات الجيش الإسلامي

(1) الإيمان الكامل بالله .. وتوجيه النية كاملة له ..
(2) الإيمان الكامل برسول الله (صلى الله عليه وسلم) واتباعه دون تردد..
(3) اليقين وحسن الظن بالله .. كما في تبشيره (صلى الله عليه وسلم) للجيش بمصارع القوم ..
(4) الحسم وعدم التسويف

هذه هي الصفات الرئيسية للجيش الإسلامي ... إذا أراد أن ينتصر ..
فهم مؤمنون بالله متبعون أوامره ..
مؤمنون برسول الله (صلى الله عليه وسلم) .. و يتبعون أوامره ..
يتشاورون فيما بينهم .. فإن استقروا على رأي .. حسموا التنفيذ ..
إيمانا بالآية ..

(وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)

كما أن حسن الظن بالله عامل مهم ..
فالجيش المحبط من المستحيل أن ينتصر
والإحباط يأتي من تفاهة المهمة التي يقاتل من أجلها الجيش
والدنيا بكاملها لا تعدل عند الله جناح بعوضة
فالذي يقاتل من أجل الدنيا لا شك أنه سيحبط.. ومن أُحبط لا شك أنه سيُهزم..

الجنود هنا .. كان الله هو غايتهم.. بكل معنى الكلمة..

وكانوا يعلمون .. إن الجيش العلماني لن ينتصر...
والجيش العاصي لن ينتصر...
والجيش الفاسق لن ينتصر...
والجيش الذي يقاتل من أجل القائد لن ينتصر...
والجيش الذي يقاتل من أجل قبيلة أو عصبية لن ينتصر...
والجيش الذي لا يعرف لماذا يقاتل أصلا لن ينتصر...

صفات الجيش المكي

(1) تردد (أمية بن خلف) في الخروج لأنه يخاف الموت..
(2) انسحاب (الأخنس بن شريق) لأنه لايرى سببا وجيها للحرب ..
(3) رفض الجميع للقتال ودفع (أبي جهل) لهم.. لأنهم بلا هدف ولا نية ..
(4) لولا أن الشيطان تمثل لهم في صورة (سراقة) لما خرجوا ..

بل أن (عتبة بن ربيعة) كان رافضا للقتال..
وقف يقول للقوم..يا قوم... أطيعوني في هؤلاء القوم..
فإنكم إن فعلتم (أي قاتلتم) لن يزال ذلك في قلوبكم.. ينظر كل رجل إلى قاتل أخيه وقاتل أبيه"

أي كيف ستعيشون مع بعضكم البعض.. وكل واحد منكم سيقتل أخا للآخر...
ثم ينصحهم فيقول .. فاجعلوا جنبها برأسي .. وارجعوا..

فسمعه (أبو جهل) .. فغضب وقال .. انتفخ والله سحره حين رأى محمدًا وأصحابه..

(السَّحْر هو الرئة وهذه علامة على الجبن)..

ثم قال (أبو جهل) .. إنما محمد وأصحابه أَكَلَة جزور لو قد التقينا.. أي أنهم لا يتجاوزون المائة..

فقال (عتبة) .. ستعلم من الجبان المفسد لقومه.. أما والله إني لأرى قوما يضربونكم ضربا..
أما ترون رءوسهم كالأفاعي.. وكأن وجوههم السيوف..

هذه هي نفسية من يحاربون الإسلام....
ولقد جاء (حكيم بن حزام) إلى (عتبة) يقول له.. يا أبا الوليد.. هل لك أن تذهب بشرف هذا اليوم ما بقيت؟

قال (عتبة) .. أفعل ماذا؟

قال (حكيم) ..إنكم لا تطلبون من محمد إلا دم ابن الحضرمي (الذي قتل في سرية نخلة) وهو حليفك..
فتحمل بديته.. ويرجع الناس..

قال (عتبة) .. أنت وذاك وأنا أتحمل ديته.. واذهب إلى ابن الحنظلية (يعني أبا جهل)..
فقل له.. هل لك أن ترجع اليوم بمن معك عن ابن عمك (يُذكره بالقرابة من محمد)..

فذهب (حكيم) إلى (أبي جهل) وقال له ذلك..

فرد عليه وقال .. أما وجد رسولا غيرك؟

قال (حكيم).. لا.. ولم أكن لأكون رسولا لغيره..

فرفض (أبو جهل) وأصر على القتال...
ثم ذهب (عمير بن وهب الجمحي) ليقدر أعداد المسلمين..
فعاد إلى قريش وقد قدر العدد بثلاثمائة أو نحو ذلك..
ورغم أن جيش المسلمين ثلث جيش الكفار ..
إلا أن (عمير بن وهب) قال وهو مرعوب..

ولكني قد رأيتُ يا معشر قريش البلايا تحمل المنايا.. نواضح يثرب تحمل الموت الناقع..
قوم ليس لهم منعة إلا سيوفهم.. والله ما أرى أن يُقتل رجل منهم حتى يَقتل رجلا منكم..
فإذا أصابوا منكم أعدادهم.. فما خير العيش بعد ذلك؟! ...فَرُوا رأيكم..

انظر التردد الذي يعيشه أهل الباطل!

كيف يمكن لأناس كهؤلاء أن يحاربوا؟!

لكن هناك أمر مهم ..
ليس معنى أن الروح العالية التي وجدناها في موقف (أبي بكر وعمر والمقداد وسعد بن معاذ)..
أن كل الجيش كان كذلك.. لا ..
فقد كان هناك مؤمنين خائفين من جيش مكة.. ليس ضعفا في اليقين ..
ولكن لشعورهم بأنهم لم يستعدوا الاستعداد الكافي .. وهذا الشعور قد يضر بالجيش..
كما أن هناك اعدادا من المسلمين بالمدينة ...لو علمت أن هناك جهادا لخرجت.

ولقد نزل الله قوله في هذا الشأن ..

(كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ
يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ
وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ
وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ)

فالخوف .. شعور خطير ..
وليس معنى الإيمان بالله عدم الخوف .. لأن الخوف شعور فطري ..
لكن المطلوب أن لايؤثر الخوف على إيمانك بالله ..
لايؤثر الخوف على طاعتك لله ..
لايؤثر الخوف على طاعتك لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) ..

فالفارق واضح بين (بدر) و (أحد) ..
ففي (بدر) .. لم يدفع خوف المؤمنين إلى مخالفة..
وفي (أحد) .. دفع خوفهم لا إلى مخالفة واحدة.. بل إلى عدة مخالفات...

لذلك .. نحن نحتاج أن يكون في الجيش أمثال (أبي بكر وعمر والمقداد وسعد) ..
نحتاج إلى محركات للهمم ..ونحتاج إلى رافعات للقيم ..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://moons.ahlamontada.com
المغربي
المراقبون
المراقبون
المغربي


عدد المساهمات : 1622
تاريخ التسجيل : 27/01/2014

سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة سيد الخلق   سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Emptyالثلاثاء 10 يونيو 2014, 10:41



عامل الاستخبارات الإسلامية قبل المعركة

اقترب الجيش المكي وعسكر في منطقة العدوة القصوى جنوب وادي بدر
وتقدم الجيش المسلم أيضا من شمال بدر في منطقة العدوة الدنيا..
وأراد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يتيقن من أعداد الكفار وهيئتهم ومكانهم وقادتهم..
فقام بعملية استكشافية هو و(أبو بكر)..
واستطاعا بالفعل أن يعرفوا مكان جيش مكة..
لكنه لم يستطع أن يعرف أعداد القوم وقادتهم..

فأرسل فرقة استكشافية أخرى فيها (علي والزبير وسعد بن أبي وقاص) ..
وقد أمسكت الفرقة باثنين من غلمان للجيش المشرك .. وأحضروهم للرسول (صلى الله عليه وسلم)..

وبدأ (صلى الله عليه وسلم) في استجوابهم .. "أخبراني عن قريش"

قالا.. هم وراء هذا الكثيب الذي ترى بالعدوة القصوى.

قال(صلى الله عليه وسلم).. "كم القوم؟ "

قالا.. كثير.

قال (صلى الله عليه وسلم).. "ما عدتهم؟"

قالا.. لا ندري.

قال (صلى الله عليه وسلم).. "كم ينحرون كل يوم؟"

قالا: يوما تسعة .. ويوما عشرة ..

قال (صلى الله عليه وسلم).. "القوم فيما بين التسعمائة والألف"

ثم قال (صلى الله عليه وسلم)... "فمن فيهم من أشراف قريش؟"

قالا.. عتبة بن ربيعة.. وشيبة بن ربيعة.. وأبو البختري بن هشام.. وحكيم بن حزام
ونوفل بن خويلد... والحارث بن عامر... وطعيمة بن عدي... والنضر بن الحارث...
وزمعة بن الأسود.. وأبو جهل بن هشام.. وأمية بن خلف.. والوليد بن المغيرة
وعقبة بن أبي معيط... وعمارة بن الوليد..

فأقبل (صلى الله عليه وسلم) على المؤمنين .. وقال .. "هذه مكة .. قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها"..

ثم تُرجمت هذه المعلومات إلى تحركات سريعة..
فأخذ (صلى الله عليه وسلم) جيشه.. واتجه إلى أرض بدر قبل عدوه..
ليختار الأرض التي ستتم عليها الموقعة..
وليضع جيشه في مواقع استراتيجية داخل الأرض.
وقد اختار (صلى الله عليه وسلم) مكانا للنزول فيه في أرض بدر..
واستقر في ذلك المكان .. وكان ذلك ليلة المعركة ..

بعدها ..
جاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الصحابي (الحُبَاب بن المنذر الأنصاري)..
وهو من الخبراء العسكريين المعروفين بدقة الرأي وعمق النظرة..
سأل (الحباب) رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سؤالا .. يعبر عن مدى فهمه لفقه الشورى..

قال.. يا رسول الله، أرأيت هذا المنزل.. أمنزلاً أنزلكه الله.. ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه؟
أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟

فقال (صلى الله عليه وسلم)... "بل هو الرأي والحرب والمكيدة"

فقال (الحبّاب) .. يا رسول الله.. فإن هذا ليس بمنزل...!

أي هذا ليس مناسبا..
هكذا بوضوح دون خجل ولا مواربة... فالأمر خطير.. والنصيحة مسئولية.

إذن... ما الرأي؟

قال (الحباب).. فانهض حتى نأتي أدنى ماء من القوم (قريش)..
فننزله ونغوِّر (أي نخرب) ما وراءه من القُلُب (جمع قليب.. أي آبار بدر)
ثم نبني عليه حوضا فنملؤه ماء.. ثم نقاتل القوم.. فنشرب ولا يشربون...

فقال (صلى الله عليه وسلم).. "لقد أشرتَ بالرأي"..

وبالفعل غيّر (صلى الله عليه وسلم) مكانه الأول...
ونزل في المكان الذي أشار به (الحباب) .. رضي الله عنه..

ولنا وقفة مهمة مع إيجابية (الحباب) ..
فمن الممكن أن نتخيل أن الصحابي عندما يرى الرسول (صلى الله عليه وسلم) فعل شيئا..
أنه لن يفكر في أن يقول رأيه.. لأنه من المحتمل أن يكون وحيا..
وحتى لو لم يكن وحيا ..فمن الممكن أن يقول.. إنه (صلى الله عليه وسلم) أحكم البشر..
وأن رأيه البشري أحسن من رأيي..
لكن هذا التصور عن الصحابة ليس صحيحا,,.
ولو حدث وكان رأي (الحباب) خطأً..
فإن الرسول (صلى الله عليه وسلم) سيعرفه الصواب.. ويكون قد تعلم شيئا...

هكذا يُرينا مبدأ الشورى كيف يمكن أن نستفيد من طاقات المجتمع..
و كيف يمكن أن نستغل المواهب الهائلة التي وزَّعها ربنا على خلقه ..بحكمة عجيبة..

ولو هناك كبت لآراء الشعب ..ما كان (صلى الله عليه وسلم) قد عرف أين ينزل في بدر..
ومن المؤكد أن هذا سيكون به ضرر..
ليس فقط عليه (صلى الله عليه وسلم).. ولكن على الأمة كلها.

بعد النزول في المكان الذي حدده (الحباب)
قام الصحابة ببناء العريش أو مقر القيادة لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)..
مع أنه (صلى الله عليه وسلم) .. كان يقاتل معهم في بدر ..
كما في رواية الإمام أحمد عن علي بن أبي طالب ..

"لما حضر البأس يوم بدر اتقينا برسول الله (صلى الله عليه وسلم)..
وكان من أشد الناس ما كان (أو لم يكن) أحدٌ أقرب إلى المشركين منه"

عامل آخر - نزول السكينة من الله

في ليلة بدر حدث أمران مهمان..
هما النعاس الذي غلب المسلمين في ليلة بدر.. والمطر الذي نزل في نفس الليلة.

أما النعاس فعجيب... سبحان الله!
فالمسلمون على بُعد خطوات من الجيش المكي الكبير
ومع ذلك يصلون إلى حالة من السكينة وهدوء الأعصاب التي تجعلهم ينامون في هدوء...
وعندما يكون الإنسان مشغولا بشيء مهم فإنه لا يعرف النوم ..
حتى لو كان في بيته ... في منتهى الأمان..
فما بالك بإنسان نائم في أرض المعركة ..
ومشغول بمعركة من الممكن أن تكون فيها نهايته؟!

فكيف حدث ذلك ؟!

إنها إرادة الله ..

(إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ)

لقد نام الجميع .. إلا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)..
فقد ظل طوال الليل يدعو ويناجي ربه...

وعلى الجانب الآخر كان جيش مكة لا يعرف للنوم سبيلا..
قَلِق.. حيران.. فغدا موقعة مرعبة بالنسبة له...
ثم هو غير مقتنع بالحرب أصلا... ولماذا أحارب؟
أ من أجل هُبل واللات والعزى ... أم من أجل أبي جهل.. أم من أجل القافلة؟!
القافلة قد عبر بها أبو سفيان إلى بر الأمان..
فلماذا القتال ومن المحتمل أن أموت...؟!!

نفوس مضطربة خائفة تعيش حالة من الفزع والرعب والخوف..

(وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ)

والمطر أيضا في ليلة بدر كان عجيبا..
فمنطقة بدر كلها منطقة صغيرة جدا..
سحابة واحدة صغيرة من الممكن أن تغطي الوادي كله...
ونزل المطر لطيفا خفيفا على المسلمين .. ونزل وابلا شديدا معوقا على الكافرين .. !!

(وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ
وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ)

فشرب المسلمون واغتسلوا وتماسك الرمل في معسكرهم فثبتت أقدامهم
وذهبت عنهم وساوس الشيطان والتي كان بعضها بسبب الجنابة وقلة الماء..
ولم تكن آية التيمم قد نزلت بعد..

أما الكفار فقد كون المطر عندهم مخاضة كبيرة منعت تقدمهم..
وأعاقت حركتهم. ليس لأحدٍ بحرب الله طاقة!

عامل آخر - الرسول يجأر إلى الله بالدعاء

قبل الطريق إلى بدر .. كان (صلى الله عليه وسلم) يقول ..

"اللهم إنهم حفاة فاحملهم .. اللهم إنهم عراة فاكسهم .. اللهم إنهم جياع فاشبعهم"

وفي مصباح بدر ...قال (صلى الله عليه وسلم)..

"اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها .. تُحادّك وتكذب رسولك ..
اللهم فنصرك الذي وعدتني .. اللهم أحنِهم الغداة"

وأثناء القتال كان شديد الابتهال إلى ربه .. فيقول (صلى الله عليه وسلم) ..

"اللهم انجز لي ما وعدتني .. اللهم آت ما وعدتني..
اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام ..لاتُعبد في الأرض"

واستمر في دعائه (صلى الله عليه وسلم) وهو رافع يده حتى سقط رداؤه من على كتفيه..
فأتاه الصديق .. فرفع الرداء من على الأرض..
وألقاه على كتفه (صلى الله عليه وسلم)..
وقال له وهو يمسك كتفيه .. يانبي الله .. كفاك مناشدتك ربك .. فإنه سينجز لك ما وعدك..

فتخيل طول الدعاء ..وطريقة الدعاء ..
التي تجعل (أبا بكر) يشفق على الرسول (صلى الله عليه وسلم)..
ويقول له.. كفى...

الدعاء المستمر لم يكن من الرسول (صلى الله عليه وسلم) فقط
بل كان من الجيش كله
الجيش كله كان شديد الصلة بالله

(إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ)

الاستغاثة بالله كانت من الجميع.. وذلك انتصروا ..

كان هذا دعاء الفريق المؤمن...

وأبو جهل دعى الله أيضا..!

فماذا كان يقول .. ؟!

قال .. اللهم أقطعَنا للرحم.. وأتانا بما لا نعرفه.. فأَحِنْه الغداة..
اللهم أيُنا كان أحب إليك وأرضى عندك.. فانصره اليوم

فانظر كيف طمس الله بصيرته .. !
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://moons.ahlamontada.com
المغربي
المراقبون
المراقبون
المغربي


عدد المساهمات : 1622
تاريخ التسجيل : 27/01/2014

سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سيرة سيد الخلق   سيرة سيد الخلق - صفحة 3 Emptyالثلاثاء 10 يونيو 2014, 10:42

غزوة بدر



إنها ساعة الصفر.. الجيشان أمام بعضهما..

قام رجل من المشركين اسمه (الأسود بن عبد الأسد المخزومي)..
وأقسم أن يشرب من حوض المسلمين ..أو ليموتنّ دونه...

انظر كيف يمكن أن يكون حجم الضلال..
كفاح وتضحية واستعداد للموت من أجل قضية فاسدة

(أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا)

وقام الرجل ليبرّ بقسمه.. لكن قابله الأسد (حمزة بن عبد المطلب) وضربه ضربة قطعت ساقه..
ومع ذلك ...كان الرجل مصرا على الوفاء بقسمه.. وزحف على الأرض ليصل إلى ماء بدر
لكن (حمزة) أدركه وقتله قبل أن يصل إلى مراده...

وكانت هذه نقطة مهمة جدا لصالح المسلمين..
فليس المهم مَن هذا الشخص الذي قتل..
لكن المهم أن هذا حدث في أول دقيقة من المعركة..
فهو توفيق من الله .. رفع معنويات المسلمين .. وأحبط معنويات الكافرين ..

وتحرك الغيظ في قلوب زعماء الكفر...
فنهض ثلاثة من الزعماء بأنفسهم يطلبون المبارزة مع ثلاثة من المسلمين..
كانت هذه عادة في الحروب القديمة..

فمن الذي قام من الكفار؟

أمر عجيب...
لقد قام ثلاثة من عائلة واحدة..!
قام (عتبة بن ربيعة) القائد القرشي الكبير
وقام أخوه (شيبة بن ربيعة) القائد القرشي الكبير أيضا..
وقام ابن أخيه (الوليد بن عتبة) ..



مجموعة من أفضل فرسان مكة...
لكن العجيب الذي يلفت النظر ..هو قيام (عتبة بن ربيعة)..

فـ (عتبة) كان من الحكماء المعدودين في قريش
وكان من أصحاب الرأي السديد في أمور كثيرة
وكان يدعو قريشا أن تخلي بين رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وبين العرب.. ولا يقاتلوه..
وكان يقول إن هذا الرجل ليس بشاعر ولا كاهن ولا ساحر ولا بكاذب..
وكان يرفض فكرة القتال في بدر بعد إفلات القافلة..
وكان إلى آخر لحظة يجادل المشركين في قضية القتال..
لدرجة أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) نظر إليه من بعيد قبل بدء المعركة
وكان (عتبة) يركب جملا أحمر..

فقال (صلى الله عليه وسلم) لأصحابه

"إن يكن في أحد من القوم خير .. فعند صاحب الجمل الأحمر .. إن يطيعوه يرشدوا"

لكن القوم لم يطيعوه.. وأصروا على القتال..

وللأسف الشديد.. دخل (عتبة) معهم المعركة ولم يرجع (كالأخنس بن شريق)..
بل كان أول من خرج للمبارزة والقتال..

ولما خرج الفرسان الثلاثة يطلبون القتال.. خرج لهم ثلاثة من شباب الأنصار..
أي من سكان المدينة ..

لكن الفرسان المشركين قالوا... لا حاجة لنا بكم.. إنما نريد أبناء عمنا.

أي نريد قتالا قرشيا قرشيا...

فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم)...

"قم يا عبيدة بن الحارث .. قم يا حمزة .. قم يا علي"



وانتبهوا لهذا الاختيار.. فـ (عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب وهو ابن عمه)
و (الحمزة) عمه .. و (علي) ابن عمه ..

كلهم من الأقربين.. مع أن القتال خطير
لكن القائد وعائلته يعيشون حياة الناس تماما..
ويتعرضون لكل مشاكل الأمة.. وفي أوائل المضحين والمجاهدين..

وبدأت المبارزة .. !

والتقت السيوف.. واحتدم الصراع..

دقائق معدودة .. ثم انتهت الجولة الاولى .. ومرة ثانية لصالح المسلمين ..

الله أكبر... ولله الحمد !

فـ (علي) قتل (شيبة) ..
و (حمزة) قتل (عتبة) ..
وأصيب (عبيدة والوليد) بإصابات بالغة..
فانطلق (علي وحمزة) على (الوليد) فقتلاه ..
وحملا (عبيدة) إلى معسكر المسلمين..

في أول وقود للمعركة...4 قتلى للمشركين..

واشتعلت أرض بدر بالقتال...

هجوم شامل كاسح في كل المواقع...

صيحات المسلمين ترتفع بشعارهم في ذلك اليوم.. أحدٌ أحد ..

صليل السيوف في كل مكان..

والغبار غطَّى كل شيء...

ومع كل الحماسة التي كان المسلمون فيها .. إلا أن التشجيع ما زال مطلوبا ..

فجاء وقت التذكير بالجنة.

رفع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صوته ليُسمِع الجميع

"والذي نفسي بيده .. لايقاتلهم اليوم رجل .. فيُقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر ..
إلا أدخله الله الجنة"

الكلام عجيب...

هذا الكلام لا يمكن أن يفهمه علماني.. ولاكافر أو فاسق..

تصور .. أنه (صلى الله عليه وسلم) يحفزهم على الموت .. !!

فالجنة تأتي بعد الموت .. ولايفصلك عنها سوى الموت ..

والشهيد يدخل الجنة بغير حساب...

فلو جاء الموت صرنا من أهل الجنة...

إذن يا ليت الموت يأتي...

ولو كان هناك إنسان يحب الموت .. فبم ستخيفه ؟!

هل ستقول له .. سأقتلك ؟!

فإذا كان هو ما يريده .. فماذا تفعل ؟!

هو بالأساس .. خائف ألا يموت ..

ولننظر إلى موقف (عمير بن الحمام) في بدر ..
كان يقف بجانب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)..
والرسول ينادي ويقول .. "قوموا إلى جنة ٍ عرضها السموات والأرض"

فكم مرة سمعنا هذه الكلمات؟

كثيرا ..

كم مرة عملنا لها؟

قليلا...

لكن (عمير) سمع هذه الكلمة .. فقال متعجبا ... عرضها السموات والأرض!!

فالإنسان منا يكافح سنين طوالا لكي يصبح عنده شقة..
أو سيارة.. أو بعض الأموال.. أو بعض السلطات..
وكل هذا لا يمثل واحدا على مليون ..من الأرض.
فكيف بالجنة التي عرضها السموات والأرض؟!

ما شكلها؟!

و (عمير) يتعجب.. عرضها السموات والأرض!

قال (صلى الله عليه وسلم) .. "نعم"..

هكذا في منتهى الإيجاز...

لا شرح ولا تفصيل...

فرد (عمير) .. بلا جدال ولا محاورة .. بخٍ بخ ٍ .. وهي كلمة للتعجب ..

فقال له (صلى الله عليه وسلم) .. "ما يحملك على قولك بخ ٍ بخِ"

أي مم تتعجب؟ ...أتشك في هذا الكلام؟

أسرع عمير يقول.. لا والله يا رسول الله... ما قلتها إلا رجاء أن أكون من أهلها..

فقال (صلى الله عليه وسلم) .. "فإنك من أهلها" ..!!

الله أكبر ..!!

تصور .. (عمير) الآن يعلم أنه من أهل الجنة .. وهو ما زال يمشي على الأرض..

بينه وبين الجنة فقط أن يموت...

(عمير) لم يعد قادرا أن يعيش لحظة واحدة على الأرض...

وكان يمسك بيديه بعض تمرات يتقوى بها على القتال...

وبعدها فكَّر... أيُّ تمرٍ هذا الذي أريد أن آكله؟!

وماذا عن ثمار الجنة وطيور الجنة وشراب الجنة ؟!!

فألقى بالتمرات على الأرض..

وقال كلمة عجيبة... لئن أنا حييتُ حتى آكل تمراتي هذه.. إنها لحياة طويلة"

أَكْلُ التمرات حياة طويلة !

هل سأنتظر 3 أو 4 دقائق آكل فيها التمر؟

هذا كثير...

فألقى بنفسه وسط الجموع الكافرة...

استشهد... فدخل الجنة .. يقينا في الجنة ..

موقف آخر لـ (عمير بن أبي وقاص) ..
كان شابا لم يتجاوز 16 من عمره..
في تعريف منظمة الصحة العالمية طفل (الأطفال في تعريفهم أقل من 18 سنة)..
وفي تعريف القيم والأخلاق والمبادئ والعقائد ..من سادة الرجال..

تقدم وهو في هذه السن الصغيرة..
ليجاهد مع المجاهدين في بدر.. لكنه كان خائفا..

من أي شيء كان خائفا؟

هل يخاف أن يموت؟ لا... بل يخاف ألا يموت...
يخاف أن يرده الرسول (صلى الله عليه وسلم) ؛ لأنه ما زال صغيرا..

فأخذ يتوارى بين القوم حتى لا يراه (صلى الله عليه وسلم) فيرده..

رآه أخوه (سعد بن أبي وقاص) .. فقال له..: ما يحملك على هذا؟

قال (عمير) ..أخاف أن يراني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيستصغرني ويردني
وأنا أحب الخروج.. لعل الله أن يرزقني الشهادة..

فرأه (صلى الله عليه وسلم).. فأشفق عليه من القتال.. وردّه..

فبكى (عمير) ..

لكن رق له (صلى الله عليه وسلم) ثم سمح له بالجهاد..

فاستشهد ... ودخل الجنة ..

لقد فهم (عمير) وهو ذو 16 من العمر .. ما يعجز عن فهمه أشياخ وحكماء وعباقرة..

الموقف الآخر .. كان لـ (عوف بن الحارث) ..

لقد سأل رسول الله (صلى الله عليه وسلم).. لاحظ .. أنه يسأل النبي وهو في المعركة ..

وهل هناك وقت في المعركة للسؤال ؟!

سبحان الله .. من أين يأتي المسلمين بكل هذه السكينة ؟!

قال (عوف) لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) .. يا رسول الله.. ما يُضحك الرب من عبده؟!

قال (صلى الله عليه وسلم).. "غمسه يده في العدو .. حاسرا"

هنا ..

ألقى (عوف) درعه ..وقاتل حاسرا..

هذا الفعل يلقي الرعب في قلوب العدو

هذا عن إنسان لا يهاب الموت ..بل يطلبه..

قاتل (عوف) وقاتل وقاتل.. واستشهد .. ودخل الجنة ..

موضوع الجنة لم يغب أبدا عن أذهان الصحابة .. ولذلك انتصروا ..

فمن قبل أن يأتي الجيش بدرا ...وهو يبحث عن الجنة..

وفي أرض بدر ..يبحث عن الجنة..

وبعد بدر ...يسأل عن الجنة..

موقف آخر .. لـ (سعد بن خثيمة وأبوه خثيمة) ..
فقبل الخروج إلى بدر .. أراد كلاهما ألخروج .. ولكن عندهما بنات كثيرات ..
ولابد أن يبقى واحد منهما لرعايتهن ..

لكن .. لم يرض أحد بالتنازل .. فقررا إجراء قرعة ..
فخرج سهم الابن (سعد بن خثيمة) ..
فتحسر أبوه .. !!
فقال لابنه برجاء .. يا بني.. آثرني اليوم..

أي دعني أخرج.. أنا أبوك...
لكن (سعد) رد بجواب يفسر قصة الجيش المنصور ..
قال في أدب .. يا أبت... لو كان غير الجنة فعلت..

فهذه فرصة والابن لايريد أن يضيعها ..
وخرج (سعد) وقاتل حتى استشهد ودخل الجنة ..

اللطيف .. أن (خثيمة) أبوه .. خرج في (أحد) واستشهد ودخل الجنة .. أترون الصدق؟
فالشعب كله ..طالبٌ للجنة..

موقف آخر .. لـ (أم حارثة بن سراقة) ..
فهذه الأم .. استشهد ابنها (حارثة) في بدر .. شاب صغير ..
وفي مثل هذا الموقف.. تطيش عقول.. وتضطرب أفئدة.. ويتزلزل رجال ونساء...
لكن (أم حارثة) جاءت تسأل عن شيء محدد..

قالت .. يا رسول الله.. قد عرفتَ منزلة حارثة مني.. فإن يكن في الجنة أصبر وأحتسب..
وإن تكن الأخرى تَرَ ما أصنع...

سبحان الله .. هي مهتمة فقط لمصير ابنها .. أين هو .. في الجنة أم في النار ..
فهذا أهم من فراقه ..

فقال (صلى الله عليه وسلم).. "يا أم حارثة .. إنها جِنان في الجنة .. وإن ابنك اصاب الفردوس الأعلى"

!!!!!!!!!!!!!

فاستراحت (أم حارثة)..
وتقبلت أمر موت ابنها الشاب ببساطة وبصبر وباحتساب..وكأنه لم يحدث ..

هل عرفتم الآن .. لماذا انتصر أهل بدر ؟!

يوم تملأ الجنة علينا حياتنا بهذه الصورة....

يوم تصبح الجنة هدفا واضحا في تفكيرنا...

يوم تصبح الجنة في عقلنا عندما نأخذ قرارا..
أو نعمل عملا..
أو نقول كلمة..
أو نضحك ضحكة..
أو نسافر أو نقعد
أو نحب أو نكره...

يوم تصبح الجنة محركا لكل حياتنا..

ساعتها ..سنرى نصرا ..كنصر بدر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://moons.ahlamontada.com
 
سيرة سيد الخلق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 3 من اصل 12انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4 ... 10, 11, 12  الصفحة التالية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
صاحب الامر  :: فرع المغربي-
انتقل الى: