| سيرة سيد الخلق | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
المغربي المراقبون
عدد المساهمات : 1622 تاريخ التسجيل : 27/01/2014
| |
| |
المغربي المراقبون
عدد المساهمات : 1622 تاريخ التسجيل : 27/01/2014
| موضوع: رد: سيرة سيد الخلق الثلاثاء 10 يونيو 2014, 10:44 | |
| تعامل الرسول مع أسرى بدر
لقد أسر المسلمون في غزوة بدر 70 أسيرا..
فماذا سيفعل المسلمون في هؤلاء الأسرى؟!
فإلى هذه اللحظة لم يكن هناك تشريع يوضح أمر التعامل مع هؤلاء الأسرى فعقد (صلى الله عليه وسلم) مجلس شورى مع الصحابة ..
قال الحبيب (أبو بكر) .. يا رسول الله.. هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان.. وإني أرى أن تأخذ منهم الفدية... فيكون ما أخذناه قوة لنا على الكفار.. وعسى أن يهديهم الله فيكونوا لنا عضدا...
ولقد كان يغلب على رأي (أبي بكر) جانب الرحمة.. فهو يرى أنهم بنو العم والعشيرة.. والدولة في حاجة إلى ما سيؤخذ من أموالهم.. وربما سيؤمنون .. وهذا خير من أن يموتوا على الكفر..
وقد كانت اختياراته رضي الله عنه ..قريبة من اختياراته (صلى الله عليه وسلم).. نظرا لتقارب طبيعتي الرسول (صلى الله عليه وسلم) و(أبي بكر)..
فكان (صلى الله عليه وسلم) يقول .. " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر" ..
ولما أنهى كلامه (أبو بكر) .. التفت (صلى الله عليه وسلم) لصاحبه (عمر) ..
فقال (صلى الله عليه وسلم).. "ما ترى يابن الخطاب؟!"
(ياليتني كنت معكم فأفوز فوزا عظيما)
فقال (عمر) .. والله ما أرى ما رأى أبو بكر.. ولكن أرى أن تمكنني من فلان (وذكر قريبا له) فأضرب عنقه.. وتُمكن (عليا) من (عقيل بن أبي طالب) - أخيه - فيضرب عنقه.. وتُمكن (حمزة) من فلان أخيه فيضرب عنقه حتى يعلم الله أنه ليست في قلوبنا هوادة للمشركين.. وهؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم.
فكان رأيه رضي الله عنه .. شديد الحسم.. وهو يريد أن يُقتل السبعون .. كلٌ يقتل قريبه .. و(عمر) معروف بقوته في الدين .. كما يقول فيه (صلى الله عليه وسلم).. "وأشدها - أي الأمة - في أمر الله ..عمر"
فأحدهما يقول.. نأخذ الفدية... والآخر يقول... نقتل الأسرى.
يكمل لنا القصة (عمر) فيقول .. فهوى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما قال أبو بكر، ولم يهوَ ما قلت.. وأخذ منهم الفداء..
فلما كان من الغد... يقول (عمر)..
"فغدوتُ إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) و(أبي بكر) وهما يبكيان فقلت.. يا رسول الله.. أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك.. فإن وجدتُ بكاءً بكيت.. وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما"..
فقال (صلى الله عليه وسلم)..
"للذي عرض عليّ أصحابك من أخذهم الفداء .. فقد عُرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة"
وأشار (صلى الله عليه وسلم) إلى شجرة قريبة ..
وأنزل الله سبحانه ..
(مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ) ..
يثخن .. أي يكثر القتل ..
(تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا)
أي الفدية ..
(وَاللهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)
ثم قال..
(لَوْلاَ كِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)
والعذاب العظيم هو ما تحدث عنه النبي (صلى الله عليه وسلم) لـ (عمر) أنه كان أدنى من الشجرة.. والكتاب الذي سبق ..هو الآيات التي نزلت قبل ذلك ..
(فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ)
فأمر الفداء أمر مشروع لكن الأولى هنا كان أن يثخن في الأرض..
وكان (سعد بن معاذ) يرى مثل رأي (عمر) .. وقد قال ذلك مبكرا عندما بدأ المسلمون يأسرون المشركين.. وقبل الاستشارة.. وقد نظر النبي (صلى الله عليه وسلم) لـ (سعد) .. فوجده حزينا..
فقال له (صلى الله عليه وسلم).. "والله لكأنك ياسعد تكره ما يفعل القوم"
أي من أسر المسلمين للمشركين..
فقال (سعد) ..أجل... والله يا رسول الله.. كانت أول وقعة أوقعها الله بأهل الشرك.. فكان الإثخان في القتل أحب إلي من استبقاء الرجال..
واستقر رأي المسلمين على استبقاء الأسرى وأخذ الفدية منهم.. وعندما أوحى الله بالآيات لم ينكر عليهم هذا الأمر.. ومع أن الله ذكر أن الأولى كان الإثخان في الأرض.. إلا أنه سبحانه أقر أخذ الفداء.. وبدأ المسلمون في أخذ الفداء.. فمن كان معه مال كان يدفع منه.. وكان ما يُدفع ما بين 1000 إلى 4000 درهم للرجل .. كل بحسب حالته المادية..
وكان من ضمن الأسرى .. (العباس بن عبد المطلب) .. عم رسول الله (صلى الله عليه وسلم).. وكان قد خرج مُستكرها إلى بدر... وقاتل مع المشركين.. ثم أسره المسلمون .. وهو رجل غني .. وسوف يدفع فدية ليفتدي نفسه ..
ودار بينه وبين رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هذا الحوار الرائع.. الذي ينقل درجةً من أرقى الدرجات في قيادة الدول.. فلا يوجد أي نوع من الوساطة أو المحاباة لأحد من الأقارب أو الأهل أو العشيرة...
قال العباس..يا رسول الله قد كنت مسلما..
أي أنه كان يُخفِي إسلامه.. ومن ثم فلا يدفع الفداء..
فقال (صلى الله عليه وسلم)..
"الله أعلم بإسلامك ... فإن يكن كما تقول فإن الله يجزيك.. وأما ظاهرك فقد كان علينا .. فاقتد لنفسك .. وابنيّ اخوتك نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ..وعقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب .. وحليفك عتبة بن عمرو"
فقال العباس.. ما ذاك عندي يا رسول الله..
فقال (صلى الله عليه وسلم)... "فأين المال الذي دفنته أنت وأم الفضل.. فقلتَ لها ..إن أصبتُ في سفري هذا .. فهذا المال الذي دفنته لبنيّ.. الفضل وعبد الله وقثم"
فقال العباس .. والله يا رسول الله.. إني لأعلم أنك رسول الله.. إن هذا لشيء ما علمه أحد غيري وغير أم الفضل.. فاحسب لي ما أصبتم مني: عشرين أوقية من مال كان معي..
فقال (صلى الله عليه وسلم).. "ذك شيء اعطانا الله تعالى منك"
ثم أنزل الله في ذلك ..
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
وهذه الآية نزلت في (العباس) رضي الله عنه .. وقد قال بعد ذلك .. فأعطانا الله مكان العشرين أوقية في الإسلام ..عشرين عبدا.. كلهم في يده مال يضرب به.. مع ما أرجو من مغفرة الله..
ولقد كان الصحابة يشاهدون ويسمعون هذا الحوار .. وكيف أنه (صلى الله عليه وسلم) كان يطبق القانون على الجميع ..
لكن قلوب الأنصار رقيقة .. فأشفقوا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم).. فهم يعلمون مكانة (العباس) في قلب الرسول (صلى الله عليه وسلم).. وما فعله معه في بيعة العقبة الثانية .. فاجتمعوا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم).. وقرروا أن يعفو عن فدية (العباس) ..
فقالوا .. يا رسول الله.. ائذن لنا فلنترك لابن أختنا العباس فداءه..
(ابن اختنا) لأن جدة (العباس) من بني النجار من الخزرج.. وهم الأنصار .. فهم يطلبون منه (صلى الله عليه وسلم) أن يعفي عمه .. ليس لأنه عمه .. بل لأنه قريبهم .. لكنه (صلى الله عليه وسلم) رفض ذلك .. بل أخذ من عمه (العباس) أعلى فدية .. وهي 4000 درهم ..
وحدث موقف آخر لأسير يُدعى (سهيل بن عمرو) .. وكان (سهيل) من قادة قريش... وممن عرفوا بحسن البيان والخطابة.. وكان يحمس المشركين على قتال الرسول (صلى الله عليه وسلم)..
قال (عمر) حين رآه .. يا رسول الله.. دعني أنزع ثنيتي سهيل بن عمرو فلا يقوم عليك خطيبا في موطن أبدا..
والثنية .. هي الأسنان الأمامية .. لكن رفض رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هذا الأمر.. بل ظهرت نبوءة جديدة له (صلى الله عليه وسلم)..
فقال .. "عسى أن يقوم مقاما لاتذُمّه"
وقد حدث هذا عندما ارتدت العرب.. بعد وفاته (صلى الله عليه وسلم).. فقد وقف (سهيل) وخطب في الناس وثبتهم على الإسلام في مكة المكرمة..
وكان مما قال .. إن ذلك (يعني موت النبي) لم يزد الإسلام إلا قوة.. فمن رابنا ضربنا عنقه..!!!
فثبت الناس في مكة على الإسلام.
ومن المواقف الأخرى .. أنه كان بعض الأسرى من الفقراء.. ليس بمقدورهم الفداء .. لكنهم يعرفون القراءة والكتابة .. فرأى (صلى الله عليه وسلم) أن يعلم كل منهم 10 من غلمان المدينة .. ومن يفعل ذلك .. يطلق سراحه ..!!
فانظر دقته (صلى الله عليه وسلم) وبعد نظره وعمق فهمه ..
وكان بعض الأسرى .. من الفقراء .. ولايعرفون القراءة والكتابة .. ومنهم (أبو عزة الجمحي) .. قال لرسول الله (صلى الله عليه وسلم).. لقد عرفت ما لي من مال.. وإني لذو حاجة وذو عيال.. فامنن علي"..
فمنَّ عليه (صلى الله عليه وسلم).. لكن أخذ عليه عهدا ألاَّ يظاهر عليه أحدا... فلم يوف (أبو عزة) بعده .. ونال جزاءه بعد ذلك ..
وقد قتل النبي (صلى الله عليه وسلم).. أسيرين .. (عقبة بن معيط) و (النظر بن الحارث) .. لأنهما كانا من أكابر مجرمي قريش... أو ما نسمِيهم اليوم مجرمي الحرب..
ثم نزل بعد ذلك التشريع الإسلامي في شأن الأسرى.. وهو أن الإمام له الخيار في شأن الأسرى بين أربعة أمور:
1- المنّ بغير فداء 2- الفداء: وقد يكون بمال.. أو بتعليم الغير.. أو بأسير مثله (تبادل أسرى) 3- القتل لمجرمي الحرب.. أو المعاملة بالمثل إذا كان أعداء الأمة يقتلون الأسارى من المسلمين 4- الاسترقاق ..وهو الاحتفاظ بالأسير رقيقا إلى أجلٍ يحدده الإمام حسب ما يرى من حاجة المسلمين
ومن المواقف الأخرى..
كان (أبو العاص بن الربيع) زوج (زينب بنت محمد) بين الأسرى .. وكانت (زينب) تسكن معه في مكة إذ لم يكن الإسلام قد فرق بينهما بعد ..
وأرادت (زينب) أن تنقذ زوجها من الأسر.. فبعثت له بعض المال مع قلادة لأمها (خديجة) .. فداء له ..
وجيء بالمال والقلادة إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) .. فلما وقعت عيناه (صلى الله عليه وسلم) على تلك القلادة .. رق لها رقة شديدة ..
ثم قال يستسمح أصحابه ..
"إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها .. وتردوا عليها مالها .. فافعلوا"
فقالوا .. نعم يارسول الله ..
فلقد أثارت قلادة (خديجة) في نفسه (صلى الله عليه وسلم) الذكريات .. فكأنما هب إليه من إطار هذه القلادة .. أريجا تنفسته (خديجة).. فحرك القلب الرحيم... في تلك المرأة التي حار الرسول (صلى الله عليه وسلم) في فضلها ..
بالإضافة إلى كل تلك الأمور .. كان هناك أمرا أهم منها جميعا .. وهو أنه إذا تم الاحتفاظ بالأسير... فلا بد من إكرامه ولا بد من رعايته رعايةً أخلاقية سامية تليق بدين الإسلام..
(وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا)
أي أنه مع حالة الفقر والحاجة الشديدة التي تمر بالمسلمين .. إلا أنهم مع ذلك يطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ..
وقد غرس النبي (صلى الله عليه وسلم) هذا الأمر في صحابته .. منذ اليوم الأول لوجود أسرى معهم..
حين قال .. "استوصوا بالأسارى خيرا"
يقول الأسير (أبو عزيز بن عمير).. وهو أخو (مصعب بن عمير) ..
"كنت في نفر من الأنصار.. فكانوا إذا قدَّموا غداءهم وعشاءهم.. أكلوا التمر وأطعموني البُرَّ لوصية رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إياهم بنا"
وكان لهذا الأمر الأثر الكبير في نفسية (أبي عزيز).. الذي ما إن أُطلق ..حتى أعلن إسلامه ...
وحين كان (أبو العاص بن الربيع) زوج (زينب بنت محمد) في الأسر .. يقول ..
"كنت في رهط من الأنصار.. جزاهم الله خيرا.. كنا إذا تعشينا أو تغدينا آثروني بالخبز وأكلوا التمر.. والخبز معهم قليل والتمر زادهم.. حتى إن الرجل لتقع في يده كسرة فيدفعها إلي"
وكان (الوليد بن الوليد) أخو (خالد بن الوليد) من ضمن الأسرى .. فكان يقول ..
"وكانوا يحملوننا ويمشون"
أي إذا رأوا منهم جريحا أو مريضا أو متعبا... حملوه رفقا به... | |
|
| |
المغربي المراقبون
عدد المساهمات : 1622 تاريخ التسجيل : 27/01/2014
| موضوع: رد: سيرة سيد الخلق الثلاثاء 10 يونيو 2014, 10:45 | |
|
لقد كان لغزوة بدر أثر سلبي على المشركين.. نتيجة لهزيمتهم المنكرة .. لكن أيضا كان لها أثر سلبي على المؤمنين.. وهذا الأثر السلبي .. أتى بعد الغنائم التي حصل عليها المسلمون في تلك الغزوة .. !
ويصف الصحابي (عبادة بن الصامت) هذا الأمر فيقول..حين اختلفنا في النفل وساءت فيه أخلاقنا..
فهو يتحدث عن الجيش المنتصر الذي يمتلك صفات عظيمة للغاية إلا أنه في هذه القضية ساءت فيه الأخلاق...
لكن ... ما قصة هذه الغنائم؟
فبعد انتهاء الجولة الأولى من غزوة بدر وبداية ظهور ملامح النصر الباهر للمسلمين.. بدأ المشركون في الفرار.. تاركين الغنائم خلفهم...
فقسم المسلمون أنفسهم 3 أقسام.. قسم يحمي رسول الله (صلى الله عليه وسلم).. وقسم يتبع الفارين من المشركين .. وقسم ثالث بدأ في جمع الغنائم الموجودة على أرض المعركة ..
المشكلة .. أن حكم الله لم يكن قد نزل بعد .. في كيفية توزيع تلك الغنائم .. !
فقال من جمعها .. نحن حويناها وليس لأحد فيها نصيب..
وقال الذين تتبعوا العدو .. لستم أحق بها منا... نحن نحّينا عنها العدو..
وقال الذين حموا رسول الله (صلى الله عليه وسلم).. خفنا أن يصيب العدو منه غرة.. فاشتغلنا به..
وبدأ نوع من الشقاق والخلاف بين المؤمنين...
وهذا معناه .. أن جيشا يمتلك كل مقومات النصر .. لايعني أن جنوده لن يكونوا دون أخطاء .. فهم بشر .. وخطأهم وارد ..
لكن ... طبيعة هذه الغنيمة .. هي المال .. أو الدنيا بمفهوم أصح ..
وما من شك أن المسلمين جميعا في المعركة ..كانوا يطلبون الآخرة ولذلك انتصروا ..
أما الآن .. على أرض بدر .. هناك غنائم ضخمة .. وهم في حاجة شديدة ..
فكيف تعامل القرآن الكريم مع هذه المشكلة ؟!
لقد نزل القرآن الكريم يشرح للمؤمنين كيفية تقسيم الغنائم.. لكن قبل هذا أعطى لهم درسا في غاية الأهمية..
ونزلت سورة الأنفال ..
وفي أول السورة قال ..
(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ)
فلقد استنكر الله على المسلمين الذين حققوا هذا الانتصار الباهر في بدر .. أن يهتموا بأمر الدنيا للدرجة التي ينشأ فيها الخلاف بينهم بسببها ..
(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ للهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)
ثم يُعلمِهم الله ما هو الإيمان..بعيدا عن الجهاد والبذل والقتال في سبيل الله وبعيدا عن أرض بدر وما حدث فيها من أحداث ضخمة ... فيقول الحق ..
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)
ثم يوضح الله لهم .. فيقول لهم أنكم حين خرجتم .. ما كنتم تريدون بدرا ..!
(كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ)
وفي الآيات نوعٌ من الشدة على المسلمين.. ونوع من اللوم إذ كيف تفكرون في أمر الدنيا وأنتم تريدون الآخرة .. ؟!!!
ونزلت هذه الآيات على المسلمين بردا وسلاما.. وبمجرد سماعهم لهذه الآيات ثابوا إلى رشدهم.. وعادوا إلى ربهم.. واجتمعت القلوب من جديد.. وقبلوا أمر الله.. وهذا فارق ضخم وكبير ..بين موقعة بدر وموقعة أُحد..
| |
|
| |
المغربي المراقبون
عدد المساهمات : 1622 تاريخ التسجيل : 27/01/2014
| موضوع: رد: سيرة سيد الخلق الثلاثاء 10 يونيو 2014, 10:45 | |
| آثار ونتائج غزوة بدر
كانت غزوة بدر من أعظم الغزوات في تاريخ المسلمين... وهي كما سماها رب العالمين (يوم الفرقان)... وإذا سمى الله غزوة أو يوما بهذا الاسم... فما من شك أنها فصلت بالفعل وفرّقت بين مرحلتين مهمتين من مراحل الدعوة الإسلامية ... وكانت من آثار ونتائج هذه الغزوة ..
(1) الميلاد الحقيقي للدولة الإسلامية
هذا هو الأثر الأول والأعظم لهذه الغزوة العظيمة.. الميلاد الحقيقي للأمة الإسلامية والدولة الإسلامية بقيادة الرسول (صلى الله عليه وسلم) وعلى أكتاف هذا الجيش ... قامت دولة الإسلام.. وقد عرف صحابة النبي (صلى الله عليه وسلم) صفات الأمة المنتصرة وصفات الجيش المنتصر وعرفوا أنهم إذا خالفوا بعض النقاط .. ستأتي الهزيمة والمصائب..
لذلك .. كانت عظمة (بدر) مقياسا لباقي المعارك .. وكانت زلة (أحد) مقياسا لباقي المعارك ..
ولفت هذا الانتصار أنظار الناس غير المسلمين .. وبدأوا يسألون .. من هو محمد (صلى الله عليه وسلم).. ومن هم أتباعه .. وما هو هذا الدين ؟!.. وقد فتحت هذه الأسئلة قلوب كثيرة للإسلام ..
(2) الأثر الإيجابي على المسلمين في المدينة ممن لم يشهدوا الغزوة
لما وصلت أخبار هذه الغزوة إلى المدينة المنورة.. اختلطت بعض المشاعر في قلوب المؤمنين.. الذين لم يشاركوا فيها .. فمنهم من فرح لكنه ندم على عدم المشاركة ..
وكان (زيد بن حارثة) مسؤول المدينة آنذاك .. قد علم بالخبر مسبقا .. إذ أقام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في بدر 3 أيام .. وجاء (زيد) زائرا .. واستقبلت وفود التهنئة الرسول (صلى الله عليه وسلم) بمنتهى الترحاب والفرح والسرور.. وفي الوقت نفسه جاء الكثير من الأنصار يعتذرون من عدم مشاركتهم في هذه الغزوة .. مع رغبتهم الأكيدة في الجهاد في سبيل الله.. فهم لم يكونوا يعرفون أن سيكون هناك جهاد ... فالجيش قد خرج لمحاصرة القافلة التجارية ..
وكان من هؤلاء الأنصار .. (أسيد بن حضير) جاء إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) وقال...يا رسول الله... الحمد لله الذي أظفرك وأقر عينك.. والله يا رسول الله ما كان تخلفي عن بدر وأنا أظن أنك تلقى عدوا.. ولكن ظننت أنها عيرٌ... ولو ظننت أنه عدو ما تخلّفت..
فقال له (صلى الله عليه وسلم).. "صدقت" ..
(3) آثار غزوة بدر على المشركين
لقد فجع المشركين بخسارتهم في بدر .. وكانت ضربة قاصمة لقريش .. فهي أمنع أمنع قبيلة في العرب ..وأعز قبيلة وصاحبة التاريخ المجيد.. وتحظى باحترام كل القبائل العربية.. لكن الآن .. اهتزت مكانها .. فقد قُتل 70 من صناديدها .. وأسر 70 آخرون ..
وتخيل كيف وصل هذا الخبر إلى أسماع أهل مكة .. !
يقول (الحسيمان بن عبد الله الخزاعي) ... والذي جاء سريعا ليخبرهم ..
فقالوا له .. ما وراءك ؟!
قال.. قُتل عتبة بن ربيعة.. وشيبة بن ربيعة.. وأبو الحكم بن هشام.. وأمية بن خلفه .....
وبقي يذكر لهم أسماء الزعماء ..
فسمعه (صفوان ابن أمية بن خلف) .. فقال .. والله إن يعقل هذا ... فاسألوه عني؟!
أي أن هذا الرجل لايعقل ما يقول ..
فقالوا للـ (الحسيمان) .. ما فعل صفوان بن أمية؟ ..
فقال.. ها هو ذا جالسا في الحِجْر.. قد والله رايت أباه وأخاه حين قُتلا .. !
ووقع الخبر كالصاعقة على أهل قريش.. ولم يصدقوا الرجل .. وانتظروا رسولا آخر يخبرهم بالخبر اليقين .. فلا يُعقل أن يُقتل كل هؤلاء ... وفي يوم واحد..
ثم جاء (أبو سفيان) .. فأول من رآه (أبو لهب) .. وهو لم يخرج في بدر .. فقال له .. هلم إلي .. فعندك لعمري الخبر ..
فجلس إليه والناس قيام عليهما .. يترقبون ..
فقال أبو سفيان...ما هو إلا أن لقينا القوم فمنحناهم أكتافنا.. يقتلوننا كيف شاءوا.. ويأسروننا كيف شاءوا..
ثم قال كلمة عجيبة ..
"وايم الله مع ذلك ما لمتُ الناس...، لقينا رجالا بيضا على خيل بلق (بيضاء) بين السماء والأرض والله ما تُليق شيئا (ما تترك أمامها شيئا) .. ولايقوم لها شيء .."
و (أبو سفيان) يصرح بهذه الكلمات أمام المشركين.. وهم يسمعون ولا يصدقون ولا يؤمنون..
وكان ممن حضر هذا الموقف .. مسلم يعيش في مكة ويخفي إسلامه .. اسمه (أبو رافع) وهو غلام (العباس بن عبط المطلب) .. وقد أسر سيده في بدر ..
فلما سمع (أبو رافع) كلام (أبو سفيان) .. قال .. تلك والله الملائكة ..
فرفع (أبو لهب) يده فضرب وجهي ضربة شديدة.. ثم احتمله فضرب به الأرض .. وكان (أبو رافع) رجلا ضعيفا .. فقامت أم الفضل (زوج العباس) .. وكانت تكتم إسلامها.. إلى عمود من عمد الحجرة فأخذته فضربت به (أبو لهب) ضربةً فلقت في رأسه شجة منكرة .. ثم قالت له .. تستضعفه أن غاب عنه سيده .. ! فقام مولِيا ذليلا ..
لكن (أبو لهب) ما عاش بعدها إلا 7 ليال .. حتى رماه الله بالعَدَسة فقتلته.. فلقد تركه ابناه ليلتين أو ثلاثا ما يدفنانه حتى أنتن في بيته.. وكانت قريش تتقي العدسة وعدواها كما يتقي الناس الطاعون..
حتى قال لهما رجل من قريش.. ويحكما ألا تستحيان .. أن أباكما قد أنتن في بيته لا تغيبانه..
قالا... إنا نخشى هذه القرحة..
فقال لهما .. انطلقا.. فأنا معكما..
فما غسلوه إلا قذفا بالماء عليه من بعيد ما يمسونه ثم احتملوه فدفنوه بأعلى مكة إلى جدار.. وقذفوا عليه الحجارة حتى واروه..
وهذه النهاية لأبي لهب كانت بعد سبع ليال فقط من غزوة بدر.. ففَقَد المشركون قائدًا آخر من كبار قوادهم ... فكانت نهايته منتهى الخزي والعار .. وهو كبير بني هاشم .. بعد أن كان من المفترض أن تكون هناك جنازة مهيبة لهذا الرجل .. لكن العرب لم يأت منهم أحد .. خوفا من مرضه الذي ابتلاه الله به ..
والنتيجة التي لبستها قريش كالثوب الأجرب .. أن (بدر) قد خلقت أزمة سياسية لقريش .. وفقدت بذلك مكانتها بين العرب .. وأن (بدر) قد خلقت أزمة اجتماعية .. فما من بيت بقريش إلا وأصيب منه 1 أو 2 .. وأن (بدر) قد خلقت أزمة اقتصادية .. لأن قريش كانت تعتمد في تجارتها على المرور بطريق يثرب
(4) أثر غزوة بدر على الأعراب حول المدينة
كانت حياة الأعراب تقوم أساسا على السلب والنهب.. فهم لصوص وقطاع طرق .. وكان قيام دعوة أخلاقية داخل المدينة المنورة في دولة قوية مثل دولة الإسلام .. يهدد حياتهم وسلوكهم غير القويم ..
فكيف يتخلص الأعراب من هذا المأزق ؟!
بدأوا يفكرون في محاولة لجمع أنفسهم للقيام بغزو المدينة المنورة...!!
فجمعت بنو سُليم الأعداد وأعدّت نفسها لتغزو المدينة.. فعلم (صلى الله عليه وسلم) بذلك .. فجمع صحابته وانطلق إلى بني سليم .. وبمجرد أن رأوه .. فروا إلى الجبال وتركوا كل شيء ورائهم .. فرجع (صلى الله عليه وسلم) بمجموعة كبيرة من الغنائم .. ما يقرب 500 بعير .. تم تقسيمها على جيش المدينة المنورة .. وكان هذا بعد 7 أيام فقط على بدر .. !
(5) أثر بدر على طائفة المنافقين
قبل بدر ..كان تقسيم الطوائف السكانية داخل المدينة المنورة.. مسلمين ومشركين ويهود لكن بعد (بدر) تغير الوضع كثيرا .. وتغيرت شريحة المسلمين .. فهم أما مسلمين باقتناع .. وأما منافقين .. !
وهؤلاء دائما يظهرون .. حينما تقوى شوكة المسلمين .. فكثرتهم علامة صحية على قوة دولة الإسلام.. وكان على رأس هذه الطائفة .. (ابن سلول) ..
إذ أنه بعد (بدر) .. دخلت مجموعة كبيرة من الأوس والخزرج ممن لم يسلموا قبلا .. في الإسلام.. لكن دخولهم ذاك .. كان نفاقا وخوفا من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ..
(6) أثر بدر في السيطرة العسكرية للمسلمين على الجزيرة
بعد (بدر) .. سيطر المسلمون سيطرة كاملة على شمال مكة المكرمة والطريق إلى الشام فقطعوا عن قريش عصب التجارة الشامية ..
فاجتمعت قريش وقال (صفوان ابن أمية) .. وهو قائد الحملة التجارية الآن ..
"إن محمدا وصحبه عوَّروا علينا متجرنا.. فما ندري كيف نفعل بأصحابه.. وهم لا يبرحون الساحل (ساحل البحر الأحمر)؟! وأهل الساحل قد وادعهم... ودخل عامَّتهم معهم.. فما ندري أين نسلك؟ وإن أقمنا في دارنا هذه أكلنا رءوس أموالنا.. فلم يكن لها من بقاء.. وإنما حياتنا بمكة على التجارة إلى الشام في الصيف.. وإلى الحبشة في الشتاء"
فقام (الأسود بن عبد المطلب) وقال له .. فنكّب (اترك) عن الساحل وخذ طريق العراق..
المشكلة أن طريق العراق طويل جدا .. ولم تكن قريش تعرف هذا الطريق .. وستحتاج إلى دليل ماهر .. ووجدوا ضالتهم في الدليل (فرات بن حيان) من بني بكر بن وائل ..
وخرجت قافلة قريش (بقيادة صفوان بن أمية).. منطلقة في الطريق الجديد.. وعلى الفور نقلت المخابرات الإسلامية أخبار هذه القافلة.. فجهز رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سرية بقيادة (زيد بن حارثة) .. وكان عددهم 100 راكب .. وانطلقوا مسرعين لاعتراض طريق هذه القافلة .. فأمسكوا بهم .. وفر (صفوان بن أمية) ومن معه .. وبقي الدليل (فرات) .. وأخذ المسلمون القافلة جميعها بما حوت .. وتم أسر الدليل .. فكانت غنيمة كبيرة جدا من الأواني والفضة .. قدرت قيمتها بـ 100 ألف دينار .. تم تقسيمها على أفراد السرية .. بعد أن أخذ (صلى الله عليه وسلم) منها الخمس .. أما المفاجأة .. فقد أسلم الدليل (فرات بن حيان) .. !
فكانت ضربة أخرى لقريش .. ومأساة جديدة .. بعد (بدر) .. | |
|
| |
المغربي المراقبون
عدد المساهمات : 1622 تاريخ التسجيل : 27/01/2014
| موضوع: رد: سيرة سيد الخلق الثلاثاء 10 يونيو 2014, 10:46 | |
| قريش تفكر في قتل رسول الله
بعد الهزيمة المُرة التي نالتها قريش من المسلمين في بدر .. بدأ تفكير قريش في غزو المدينة المنورة... ومحاولة قتل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ..
(1) محاولة عمير بن وهب الجمحي وإسلامه
كان الابن (وهب بن عمير بن وهب) أسيرا لدى المسلمين.. وكان أبوه (عمير) يريد أن يفك ابنه من الأسر.. لكن قلب (عمير) مليء بحقد كبير على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)..
فماذا يفعل ؟!
جلس (عمير) مع (صفوان ابن أمية) في حجر الكعبة .. يتذاكران أمر بدر .. وكان أبو صفوان وأخوه قد قتلا في بدر ..
فقال (صفوان) ..والله إن في العيش بعدهم خير..
أي لا خير في العيش بعد أن قتل هؤلاء..
فقال له عمير .. صدقت والله.. أما والله لولا دين علي ليس له عندي قضاء.. وعيال أخشى عليهم الضيعة بعدي.. لركبتُ إلى محمد حتى أقتله.. فإني لي قبلهم علة .. ابني أسير في أيديهم..
قال (صفوان).. علي دينك... وعيالك مع عيالي أواسيهم ما بقوا..
قال (عمير).. فاكتم عني شأني وشأنك..
قال (صفوان) .. أفعل ..
وجهز (عمير) سيفه جيدا ووضعه في السم مدة .. ثم أخذه وانطلق إلى المدينة المنورة .. ووصل إليها ثم مر على أصحابه (صلى الله عليه وسلم).. وهم يتحدثون في أمر بدر .. وكان من بينهم (عمر بن الخطاب).. فلما رآه (عمر) وكان صاحب فراسة شديدة .. "هذا الكلب عدو الله عمير.. ما جاء إلا لشرٍ".. ثم دخل (عمر) سريعا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم).. فقال .. يارسول الله .. هذا عدو الله عمير بن وهب .. قد جاء متوشحا سيفه..
فقال (صلى الله عليه وسلم).. "فأدخله علي"..
فوضع (عمر) سيف (عمير) على رقبته .. وأدخله مكتوفا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم).. ولم يكتف (عمر) بذلك .. بل قال لرجال من الأنصار... ادخلوا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فاجلسوا عنده واحذروا عليه من هذا الخبيث... فإنه غير مأمون"...
ولما دخل به (عمر) على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بهذه الهيئة
قال له (صلى الله عليه وسلم) ببساطة شديدة .. "أرسله يا عمر .. ادنُ يا عمير"..
فاقترب (عمير) منه (صلى الله عليه وسلم).. ثم قال للنبي .. أنعموا صباحا ..
فقال له (صلى الله عليه وسلم) .. "قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير.. بالسلام تحية أهل الجنة .. "
ثم قال له (صلى الله عليه وسلم).. "ما جاء بك يا عمير؟!"
قال .. جئتُ لهذا الأسير الذي في أيديكم فاحسنوا إليه..
فقال (صلى الله عليه وسلم).. "فما بال السيف في عنقك ؟"
قال .. قبحها الله من سيوف .. وهل أغنت عنا شيئا ؟!..
فقال (صلى الله عليه وسلم) .. "أصدقني ..ما الذي جئت له؟!"
قال .. ما جئتُ إلا لذاك ..
فقال (صلى الله عليه وسلم) .. "بل قعدتَ أنت وصفوان بن أمية في الحجر.. فذكرتما أصحاب القليب من قريش.. ثم قلتَ: لولا دين علي وعيال عندي لخرجتُ حتى أقتل محمدا .. فتحمّل لك صفوان بن أمية بدينك وعيالك على أن تقتلني.. والله حائل بينك وبين ذلك"
قال (عمير) .. أشهد أنك رسول الله.. قد كنا يا رسول الله نكذِّبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء وما ينزل عليك من الوحي وهذا أمرٌ لم يحضره إلا أنا وصفوان.. فوالله إني لأعلم ما أتاك به إلا الله... فالحمد لله الذي هداني للإسلام وساقني هذا المساق..
وسبحان الله!
فـ (عمير) إنما جاء لقتل النبي (صلى الله عليه وسلم) .. فأصبح من كبار الصحابة ..
بعدها .. قال (صلى الله عليه وسلم) لأصحابه .. "فقهوا أخاكم في دينه وعلموه القرآن .. واطلقوا اسيره"
ففعلوا ..
وكان (صفوان) في ذلك الوقت .. يلف في شوارع مكة .. وهو يقول .. "أبشروا بوقعة تأتيكم الآن في أيام.. تنسيكم وقعة بدر"...
كما كان (صفوان) يسأل عن صاحبه الركبان..حتى قدم راكب فأخبره عن إسلامه فحلف أن لا يكلمه أبدا ولا ينفعه بنفع أبدا... وظل كذلك بالفعل حتى فتح مكة...
الغريب في قضية إسلام (عمير بن وهب) .. أنه ما أن أسلم .. وليس عنده من العلم إلا القليل ... حتى قال قولا عجيبا ..
قال .. يارسول الله .. إني كنت جاهدا على إطفاء نور الله.. شديد الأذى لمن كان على دين الله وأنا أحب أن تأذن لي فأقدم مكة..فأدعوهم إلى الله وإلى رسوله وإلى الإسلام لعل الله يهديهم .. وإلا آذيتهم في دينهم كما كنتُ أوذي أصحابك في دينهم..
فأذن له رسول الله (صلى الله عليه وسلم)... فلحق بمكة. ومع أن كل ما تعلمه (عمير) ما هو إلا مجموعة قليلة جدا من الآيات والأحكام إلا أنه كان يمتلك إيجابية عظيمة للغاية... فرجع إلى مكة المكرمة وبدأ يدعو إلى الله ... وكان من عائلة قوية (بني جمح) واستطاعوا حمايته... وكان سيد قومه .. وظل يدعو إلى الله حتى فتح مكة... وبعد فتح مكة كان له دور كبير في إسلام صديقه القديم (صفوان بن أمية) .. ودخوله في حظيرة الإسلام..
(2) محاولة أبي سفيان بن حرب قتل الرسول
كانت هذه أيضا إحدى المحاولات الخطيرة لقريش لقتل رسول الله (صلى الله عليه وسلم).. وقد قام بها (أبو سفيان) زعيم مكة بعد أن فَقَدت مكة كل زعمائها السابقين.. وكان (أبو سفيان) قد أخذ قرارا بعد بدر .. ألا يمس رأسه ماء من جنابة .. حتى يغزو محمدا... فاستشار قريش بعدم التصرف في أموال القافلة التي نجت.. وجعلها تمويلا لغزو المدينة بعد ذلك..
وإلى أن يتم تجهيز هذا الجيش حاول (أبو سفيان) عمل محاولة قرصنة لصوصية للمدينة المنورة.. لتحقيق بعض المكاسب ورفع هِمَّة القرشيين وأن تعود لقريش بعض هيبتها المفقودة في الجزيرة العربية...
فجمع 200 فارس .. وذهب إلى المدينة المنورة ليبر يمينه .. وبالفعل وصل إلى المدينة المنورة.. لكنه خشي من دخولها نهارا.. فدخل في الظلام واستطاع أن يقتل رجلين من الأنصار.. وأخذ بعض الماشية.. وانطلق في طريقه إلى مكة راجعا.. فكانت محاولة طفولية وصبيانية.. فبرغم أنه معه 200 فارس .. لكنه لم يواجه المسلمين في قتال .. ولم يقتل منهم إلا 2 ..
ثم علم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما فعل (أبو سفيان).. فجمع أصحابه (صلى الله عليه وسلم) وخرج سريعا يتتبع أثره .. ولقد استطاع (أبو سفيان) الهروب سريعا .. وكان معهم أحمال ثقيلة من السويق .. فألقوا هذا الطعام ليتخففوا من أحمالهم ... وجمع المسلمون هذا السويق وأخذوه بعد ذلك كغذاء في المدينة المنورة... وعُرِفت هذه الغزوة بغزوة السويق... وكانت في ذي الحجة 2هـ... أي بعد بدر بشهرين فقط .. | |
|
| |
المغربي المراقبون
عدد المساهمات : 1622 تاريخ التسجيل : 27/01/2014
| موضوع: رد: سيرة سيد الخلق الثلاثاء 10 يونيو 2014, 10:47 | |
| استعدادات قريش لغزوة أحد
كان موقف قريش بعد هزيمتهم في غزوة بدر سيئا للغاية فهي في أزمة اقتصادية كبيرة حيث قُطعت طرق تجارتها مع الشام.. وأزمة سياسية ضخمة حيث أُهينت كرامتها وضاعت هيبتها في الجزيرة العربية ... إضافة إلى وجود أزمة اجتماعية بقتل 70 من أشرافها.. فكلٌ يريد أن يأخذ الثأر لأبيه أو أخيه أو عمه أو خاله أو كذا من أقاربه.. ثم إن لديهم أزمة دينية.. لأن الله سبحانه أخبر أن الصراع مستمر بين أهل الكفر وأهل الإيمان ما دام أهل الإيمان على إيمانهم..
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ)
فهذا أحد الأهداف الواضحة عندهم ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) مستمر بنشر الإسلام في المدينة المنورة وما حولها وهذا بلا شك... يرفع من درجة الفوران والغليان في داخل مكة...
وقلنا من قبل .. أن قريش استخدمت أموال القافلة التي نجت بقيادة (أبو سفيان) لتمويل الجيش المكي من جديد ..
فتم تهيئة 3000 مقاتل .. وأخرجوا كل زعمائهم على رأس هذا الجيش.. وكان القائد له (أبو سفيان بن حرب) .. وأكبر المساعدين له في هذه المعركة هم.. صفوان بن أمية.. وعكرمة بن أبي جهل.. وخالد بن الوليد..
أما قوة السلاح .. فقد تم تجهيز 3000 بعير.. وهو رقم كبير جدا .. و 200 فرس .. و700 درع .. وخرج مع الجيش 15 امرأة من نساء قريش.. تتقدمهم سيدة مكة الأولى في ذلك الوقت (هند بنت عتبة) زوجة (أبي سفيان).. ومعها زوجات القادة العظام الكبار في جيش مكة ..
ثم أشعلت قريش حربا إعلامية ضخمة تحفز الناس على حرب المسلمين.. وقاد هذه الحرب الإعلامية (أبو عزة الجمحي).. وهو الأسير الذي أطلقه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) منّا بغير فداء .. وأخذ عليه عهدا ألا يشارك مع المشركين ولا يحفِز أحدًا على حرب المسلمين.. وها هو الآن يخالف العهد...
ومع أن هذا الجيش بهذه القوة وبهذا الإعداد الجيد.. إلا أنه كان من المفترض أن تكون هذه الموقعة أسهل على المسلمين من موقعة بدر.. وذلك لعدة أسباب..
(1) فَقَدت قريش معظم قادتها في بدر.. فهذا الجيش يخلو من أسماء ضخمة في تاريخ مكة.. وليس في هذا الجيش.. الوليد بن المغيرة.. أو أبو جهل.. أو عقبة بن أبي معيط.. أو النضر بن الحارث.. أو أميّة بن خلف... وأضرابهم ممن قُتل في بدر...
(2) كان المسلمون يعلمون بأمر هذه الحرب وعلى استعداد لها فقد وصل الخبر من مكة إلى المدينة المنورة مباشرة.. ولدى المسلمين من الوقت ما يستطيعون فيه أن يجهزوا أنفسهم لهذه الحرب جيدا ثم يخرجون ومعهم عُدة المحارب وليس المسافر كما كانوا في بدر..
(3) مكان المعركة سيكون إما في المدينة المنورة أو قريبا منها.. ومعنى ذلك أن على المشركين (وهم 3000) أن يسيروا مسافة 500 كم في الصحراء .. وهي مسافة كبيرة جدا عليهم وتعتبر شاقة .. أما بالنسبة للمسلمين فإن خرجوا من المدينة ..فسوف يخرجون إلى مكان قريب.. في مسافة لاتتجاوز 20 كم على الأكثر .. وهذا سيجعل الجيش الإسلامي متوافر النشاط وغير منهك في السير ..
(4) الحالة المعنوية لكلا الفريقين مختلفة تماما .. فالجيش الإسلامي في حالة معنوية مرتفعة للغاية... بينما الحالة المعنوية لكفار قريش في الحضيض .. بسبب ما حصل في بدر .. وبسبب ما حصل في سرية زيد بن حارثة .. | |
|
| |
المغربي المراقبون
عدد المساهمات : 1622 تاريخ التسجيل : 27/01/2014
| موضوع: رد: سيرة سيد الخلق الثلاثاء 10 يونيو 2014, 10:48 | |
| استعدادات المسلمين لغزوة أحد
وصلت أنباء الاستعدادات القرشية للمدينة المنورة فكان أول ما فعله رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مع أصحابه .. الشورى وانبثق عنها عدة أمور:
(1) تأمين المدينة المنورة... فكانت هناك فرقة لحماية رسول الله (صلى الله عليه وسلم).. فهو بلا شك مستهدف وربما تحدث أي جريمة اغتيال.. وهذا سيؤثر حتما على المدينة المنورة.. وكان على رأس هذه الفرقة التي تحمي الرسول (صلى الله عليه وسلم) كبار الأوس والخزرج.. منهم (سعد بن معاذ.. و سعد بن عبادة.. و أسيد بن حضير).. وكانت هذه فرقة من أقوى الفرق الإسلامية وبدأت مهمتها بإحاطة بيت الرسول (صلى الله عليه وسلم) والمسجد النبوي والسير معه (صلى الله عليه وسلم) في كل وقت وفي كل مكان..
(2) عمل فرق لحماية مداخل المدينة المنورة.. حتى لا يباغت المسلمون ليلا أو نهارا..
(3) عمل دوريات مراقبة حول المدينة المنورة.. لاستطلاع مكان وخطوات وتحركات جيش المشركين..
(4) كان الجميع في المدينة المنورة (مهاجرين وأنصار) لا يتحركون إلا بالسلاح وفي أثناء الصلاة أيضا يكون معهم سلاحهم وهذا الأمر يوضح صفة في غاية الأهمية من صفات الجيش المنتصر.. وهي الإعداد الجيد.. و مخابرات قوية ومتمكنة أتت بالأخبار.. وحماية قوية للقائد.. وحماية قوية للمدينة ...واستعداد كامل للقتال..
وهنا ... بدأ المسلمون في التفكير في الأمر ..
ماذا يصنعون ؟!
هل يخرجون لملاقاة الجيش القادم خارج المدينة المنورة.. أم ينتظرون قدومه إليهم؟
هل يحددون أرض المعركة أم يتركون ذلك لعدوهم؟
وقبل أن يحددوا موقفهم من هذا الأمر .. قصَ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عليهم رؤيا.. وقال لهم (صلى الله عليه وسلم)..
"إني قد رأيتُ والله خيرا .. رأيتُ بقرا تُذبح.. ورأيتُ في ذباب سيفي ثلما.. ورايتُ أني أدخلتُ يدي في درع حصينة"
فرسول الله (صلى الله عليه وسلم) رأى 3 أشياء..
(1) رأى (صلى الله عليه وسلم) بقرا يُذبح.. وأوّل ذلك أن نفرا من أصحابه يُقتلون.. (2) رأى أن في سيفه كسرا.. فأوَّل ذلك بأن رجلا من أهل بيته يُصاب.. (3) رأى أنه أدخل يده في درع حصينة.. وأوَّل ذلك بالمدينة المنورة.. أي أنه سيقاتل داخلها..
وهو (صلى الله عليه وسلم) عندما قصَ للمسلمين هذه الرؤيا .. لم يقصها على أنها قرار يجب عليهم أن يأخذوا به لكنه (صلى الله عليه وسلم)عرضها عليهم في صورة رأي يستأنسون به ولأنه لو كان وحيا ما جاز له (صلى الله عليه وسلم) أن يستشيرهم فيه.. كما أنه (صلى الله عليه وسلم) يشير من بعيد إلى أنه يفضّل أن يقاتل في داخل المدينة المنورة.. وقد صرَح (صلى الله عليه وسلم) بعد ذلك بهذا الرأي ..
فقال.. "يقاتل المسلمون على أفواه الأزقة .. والنساء من فوق البيوت"
أي أنهم لو ظلوا في المدينة المنورة ....فسيضطر جيش مكة إلى دخول المدينة وستكون الحرب حرب شوارع وهذه الحرب سوف تكون صعبة جدا على الجيش المهاجم...
لكن المشكلة أن معظم المسلمين في المدينة الذين لم يشاركوا في بدر .. كانوا في شوق إلى قتال المشركين خارج المدينة المنورة..
حتى قال قائلهم.. يارسول الله .. كنا نتمنى هذا اليوم وندعو الله.. فقد ساقه إلينا وقرب المسير اخرج إلى أعدائنا لا يرون أنا جَبُنَّا عنهم..
وكان من أشد المتحمسين للخروج (حمزة بن عبد المطلب).. وقد قال (حمزة) كلمة عجيبة لرسول الله (صلى الله عليه وسلم).. :
قال .. والذي أنزل عليك الكتاب... لا أطعم طعاما حتى أجالدهم بسيفي خارج المدينة..
وكان معظم الناس على هذا الرأي... ولم يكن على رأي الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلا القليل من الصحابة ...
الغريب .. أنه كان ممن وافق رأيه (صلى الله عليه وسلم) .. هو زعيم المنافقين (عبد الله بن أُبي بن سلول) .. وبالطبع لم يكن رأيه عن اقتناع.. لكن ليسهل عليه الفرار في داخل المدينة ..
المهم .. أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) نزل في نهاية الأمر على الشورى .. حتى وإن كان مخالفا لرأيه... وإن كان يتأوَّل في رؤياه أن نفرا من أصحابه سوف يقتلون.. وأن واحدا من أهل بيته سيُصاب.. وأنه من الأفضل أن يقاتل داخل المدينة.. لكنه (صلى الله عليه وسلم) لما رأى أن ذلك ليس وحيا من الله .. تنازل (صلى الله عليه وسلم) عن رأيه لصالح رأي الأغلبية.. وقرر (صلى الله عليه وسلم) الخروج من المدينة ... لقتال المشركين..
فما الذي حدث بعدها ؟!
لقد صلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوم الجمعة بالناس .. ووعظهم وأمرهم بالاجتهاد والجد وبشرهم بالنصر إن هم صبروا... وإن هم ساروا على نهج الله ونهج نبيه (صلى الله عليه وسلم)... وقد فرح الناس بالخروج وتجهزوا بنشاط..
وبعد أن صلى (صلى الله عليه وسلم) العصر في ذلك اليوم الجمعة 6 من شوال حشد أهل العوالي وأهل المدينة المنورة وجمع أصحابه أجمعين..
وبدأ هو (صلى الله عليه وسلم) شخصيا يستعد للخروج للقتال.. فأخذ (صلى الله عليه وسلم) معه (أبا بكر وعمر) ودخل بيته ليجهزاه بعدَة الحرب.. ولبس العدة الكاملة للحرب... فلبس درعين.. وحمل سيفه.. وقبل أن يخرج (صلى الله عليه وسلم) من بيته .. اجتمع الأنصار مع المهاجرين.. وقال لهم (سعد بن معاذ وأسيد بن حضير)..
"استكرهتم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على الخروج .. فردوا الأمر إليه"
إذن، فعموم الصحابة يشعرون أن الأمر على غير رأي الرسول (صلى الله عليه وسلم).. ويعلمون أن رأيه (صلى الله عليه وسلم) هو الأحكم والأعلم والأنسب لأنه رسول الله.. فقرروا أن يردوا إليه الأمر مرة ثانية..
فلما خرج (صلى الله عليه وسلم) وهو يرتدي عدة الحرب
قالوا له...يا رسول الله، ما كان لنا أن نخالفك.. فاصنع ما شئت.. إن أحببت أن تمكث بالمدينة فافعل..
لكن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قد أخذ القرار واستعد للخروج فعلا ..
فقال لهم كلمة جميلة .. "ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته (درع الحرب) أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه"
وهذا الأمر يوضح لنا أهمية الحسم وعدم التردد وهي صفة مهمة من صفات الجيش المنتصر...
وكان (صلى الله عليه وسلم) قد حفَز الجيش بالجنة في خطبة الجمعة.. وكذلك عندما خرج بعد صلاة العصر.. ثم عندما سمع الناس بعد ذلك نداء الجهاد في سبيل الله ...خرج الجميع للجهاد حتى خرج (حنظلة بن عامر) .. وكان حديث عهد بعرس... لكنه خرج مباشرة دون تردد..
وبدأ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يُعد العدة ويصف الصفوف.. فجهز (صلى الله عليه وسلم) 2000 مقاتل .. وجعل على كتيبة المهاجرين (مصعب بن عمير).. وعلى كتيبة الأوس (أسيد بن حضير) وعلى كتيبة الخزرج (الحباب بن المنذر) وجهز الجيش بـ 200 درع .. ولم يكن مع المسلمين في هذه الموقعة .. أي خيول .. نظرا لما كانوا عليه من الفقر ..!
وكان أن أراد أحد مشركي المدينة المنورة .. المساهمة في هذا الجيش ..
فرده (صلى الله عليه وسلم) وقال ... "لا أستعين بمشرك" ..
بل جاءته كتيبة كاملة حسنة التسليح ... للاشتراك معه في أحد .. فسأل عنها (صلى الله عليه وسلم).. فقالوا له .. هذه كتيبة من اليهود من حلفاء الخزرج ..
فقال (صلى الله عليه وسلم) .. "هل أسلموا؟"
قال المسلمون .. لا..
فردهم (صلى الله عليه وسلم) وقال.. "قولوا لهم فليرجعوا .. فإنّا لانستعين بالمشركين على المشركين"
كما أجاز (صلى الله عليه وسلم) مشاركة الشباب اليافع في أحد .. وهم الغلمان في عمر 11-15 سنة ..
ثم .. حصل بعد ذلك أمر غريب ..
إذ خرج الجيش الإسلامي وتوجه في طريق أُحد... وذلك لأنه يعرف أن جيش المشركين يعسكر بالقرب منها .. وحاول الرسول (صلى الله عليه وسلم) التكتم قدر استطاعته أثناء السير.. فسار (صلى الله عليه وسلم) من وسط المزارع التي تقع حول المدينة .. حتى لا يُكتشف أمره من قِبل الجيش المشرك..
ثم وصل (صلى الله عليه وسلم) إلى منطقة أُحُد.. ومن بعيد رأى جيش المشركين.
لكن ... بينما هم على مسافة قريبة من أُحُد ...حدث أمر هائل في الجيش المسلم... فقد كان (ابن سلول) مقاتلا ضمن جيش المسلمين .. فخرج فجأة في حركة تمرد على المسلمين وأبدى أنه غير موافق على القتال في هذه المعركة.. متعللا بأنه لم يكن من الموافقين على رأي الخروج من المدينة.. ثم قرر الرجوع .. بل لقد رجع معه 300 مقاتل مسلم .. !! أي ما يقابل ثلث الجيش ..
وناشد الصحابي (عبد الله بن حرام) هؤلاء المنافقين وهم ينصرفون من أرض المعركة..
فقال لهم .. تعالوا قاتلوا في سبيل الله ...أو ادفعوا..
فقالوا... لو نعلم أنكم تقاتلون لم نرجع...!!
وحاول (عبد الله بن حرام) معهم كثيرا لكنه لم يفلح ..
فقال لهم .. أبعدكم الله أعداء الله .. فسيُغني الله عنكم نبيه ..
ونزل بعدها قوله تعالى ..
(وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا ... وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَتَّبَعْنَاكُمْ ... هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ.. يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ...وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ)
وقد يتصور أحد أن هذه خسارة للجيش المسلم.. لكن على العكس ..
فقد قال الله سبحانه يصف حال المنافقين
(لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً وَلأَوْضَعُوا خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ)
فوجود المنافقين في الصف المسلم خطر كبير.. ليس فقط لأنهم سوف يدلون بآراء فاسدة للجيش المسلم.. لكن الأخطر أنهم قد يثيرون بعض الشبهات بين المسلمين .. التي تجعل بعض المؤمنين الصادقين يترددون في أمر القتال..
فلقد أثرت كلمات هذا الفرج المنافق في طائفتين من المسلمين .. طائفة بني حارثة من الأوس... وطائفة بني سلمة من الخزرج.. فهاتان الطائفتان فكرت كل منهما جديا في أمر الرجوع.. لولا أن الله ثبّتهم بصدق إيمانهم.. وقد وقف معهم الرسول (صلى الله عليه وسلم) والصحابة معه .. وأقنعوهم بالبقاء في أرض المعركة
حتى قال الله عنهم ..
(إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلاَ وَاللهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)
| |
|
| |
المغربي المراقبون
عدد المساهمات : 1622 تاريخ التسجيل : 27/01/2014
| موضوع: رد: سيرة سيد الخلق الثلاثاء 10 يونيو 2014, 10:49 | |
|
وصول الجيشين إلى أحد
دخل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أرض أُحُد وبدأ (صلى الله عليه وسلم) ينظر إلى أرض المعركة نظرة عسكرية ثاقبة ويختار لمعسكره المكان المناسب.. فاختار (صلى الله عليه وسلم) مكانا في منتهى العبقرية وهو مكان يكون فيه جبل أُحُد حاميا لظهر المسلمين .. وخصوصا ميمنة الجيش .. وسيكون فيه المسلمين في مكان مرتفع نسبيا.. والجيش المكي في مكان منخفض.. وهذا يعطي قوة أكثر على القتال...
ثم اكتشف (صلى الله عليه وسلم) في أرض المعركة جبلا صغيرا.. عُرف بعد ذلك في التاريخ ... بـ "جبل الرماة"..
وكان هذا الجبل على شمال الجيش الإسلامي.. وهو ثغرة ضد المسلمين إذا التف المشركون حوله.. وقد تكون هناك مشكلة .. فمن أجل أن يؤمِّن النبي (صلى الله عليه وسلم) هذه النقطة الحساسة والخطيرة في أرض القتال انتخب (صلى الله عليه وسلم) من أصحابه 50 من الرماة المهرة.. و وضعهم على هذا الجبل وأمرهم أن يصدوا عنه هجمات الفرسان المشركين.. وكان على رأس هؤلاء الفرسان (عبد الله بن جبير الأوسي البدري).. وهو من أعظم الصحابة وأمهر الرماة..
ثم .. ذكر الرسول (صلى الله عليه وسلم) له ..وللفرقة التي معه ...بعض الأوامر.
أولا .. خاطب النبي (صلى الله عليه وسلم) قائدهم (عبد الله بن جبير) .. أمام الجميع ..
قال له .. "انضح عنا الخيل بالنُبل"
وهذه الجملة وحدها كانت تكفي.. فالمهمة في غاية الوضوح.. وهي منع جيش المشركين من الالتفاف حول الجيش الإسلامي.. فلم تكن مهمة هؤلاء المسلمين النزول إلى الجبهات .. ولكن المنع عن طريق الرمي فقط ..
ثم لم يكتف (صلى الله عليه وسلم) بذلك ..بل قال له .. "لايأتون من خلفنا" ..
وهذا تأكيد وتوضيح للأمر السابق...
ثم قال له (صلى الله عليه وسلم)..كلاما عجيبا .. "إن كانت لنا أو علينا .. فاثبت مكانك" .. !!!
فكأنه (صلى الله عليه وسلم) يرى ما سوف يحدث بالفعل على أرض المعركة.. وينبّه الناس مرة بعد مرة..
ثم قال (صلى الله عليه وسلم) .. "لا نؤتينّ من قِبَلك" ..
فانظر كيف يُحرك (صلى الله عليه وسلم) في (عبد الله) مشاعر عظيمة .. ويحمله مسئوليات جسيمة.. فكأن خسارة المسلمين أو نجاحهم معتمدة على هذا القائد ومجموعته ..
ثم ألتفت (صلى الله عليه وسلم) إلى الرماة .. فقال لهم كلاما أعجب ..
قال .. "إن رأيتمونا تخطفنا الطير .. فلا تبرحوا مكانكم حتى أرسل إليكم" .. !!!
وأكمل ... "وإن رأيتمونا هزمنا القوم ووطئناهم .. فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم"
أي في حال النصر الساحق أو في حال هزيمة المسلمين .. لا تبرحوا أماكنكم ..
وبعد كل هذا التأكيد .. فإذا حدثت مخالفة... فلا شك أنها ستكون مخالفة متعمدة.. وإذا حدثت مخالفة متعمدة لأمره (صلى الله عليه وسلم).. فلا تتوقع نصرا على الإطلاق..
بعدها ... نزل (صلى الله عليه وسلم) إلى جيشه .. وبدأ يحفز الناس على الجهاد في سبيل الله.. ويذكرهم بالجنة...
فماذا فعل (صلى الله عليه وسلم) ؟!
أخذ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سيفا من السيوف ...ورفعه بين الصحابة..
وقال... "من يأخذ هذا السيف بحقه؟"
فقام إليه رجال ومنهم علي بن أبي طالب والزبير بن العوام... وعمر بن الخطاب وغيرهم.. حتى قام إليه (أبو دجانة سِمَاك بن خَرَشَة الأنصاري)... رضي الله عنه..
فقال الحبيب (أبو دجانة) .. ما حقه يارسول الله ؟!
قال (صلى الله عليه وسلم) ... "أن تضرب به وجوه العدو حتى ينحني" ..!
فقال (أبو دجانة) بمنتهى القوة .. "أنا آخذ بحقه يارسول الله"
فأعطاه النبي (صلى الله عليه وسلم) السيف.. وما إن أخذه ..وأمسك به ...حتى أخرج من جيبه عصابة حمراء وربط بها رأسه..
فلما رأوه الأنصار قالوا ..لقد ربط أبو دجانة عصابة الموت..
فهذه العصابة الحمراء كان (أبو دجانة) يضعها على رأسه عندما يطلب الموت.. ثم بدأ يمشي متبخترا بين صفوف المسلمين والمشركين..
فرآه (صلى الله عليه وسلم) فقال .. "هذه مشية يكرهها الله ورسوله إلا في هذا الموطن" ..
وعلى الجانب الآخر وفي جيش المشركين.. بدأ (أبو سفيان) يرتب جيشه وينظمه.. فوضع (خالد بن الوليد) على الميمنة.. و(عكرمة بن أبي جهل) على الميسرة.. و(صفوان بن أمية) على المشاة.. و(عبد الله بن ربيعة) على رماة النبل.. وأعطى اللواء لبني عبد الدار..
وكما نعرف أن بني عبد الدار كانوا دائما حملة اللواء.. سواء قبل الإسلام أو بعد ظهوره.. ففي بدر كانوا يحملون اللواء.. وها هم في أُحُد يحملونه..
لكن أبا سفيان يريد أن يستثير كل ما عند القوم من حميّة وبأس وقوة..
فقال لهم... يا بني عبد الدار.. قد وُلِّيتم لواءنا يوم بدر.. فأصابنا ما قد رأيتم.. وإنما يُؤتى الناس من قِبل راياتهم... إذا زالت زالوا.. فإما أن تكْفُونا لواءنا.. وإما أن تخلوا بيننا وبينه فنكفيكموه...
وأثار هذا الكلام من (أبي سفيان) حميَة وغضب بني عبد الدار...
فقالوا...نحن نُسلم إليك لواءنا..!..ستعلم غدًا إذا التقينا كيف نصنع..
وقد صدقوا في كلمتهم.. وأبيدوا بالفعل على بكرة أبيهم وهم حول اللواء.. كما سيتبين في أحداث الغزوة...
ثم وقفت (هند بنت عتبة) ومن معها من النساء .. يشجعن الجيش المشرك على القتال وينشدن الأشعار في ذلك...
بعدها .. حاول (أبي سفيان) تشتيت الجيش المسلم..
فراسل الأنصار قائلاً لهم... خلوا بيننا وبين بني عمنا وننصرف عنكم.. لا حاجة لنا إلى قتالكم..
لكن هيهات لهذه الكلمات أن تجد لها موقعا في قلوب الأنصار .. وهم من أعظم الناس إيمانا.. فرد عليه الأنصار ردا عنيفا.. وأسمعوه ما يكره..
واقتربت ساعة الصفر...
و دنا الجيشان بعضهما من بعض...
فقامت قريش بمحاولة أخرى لتفتيت الجيش المسلم.. وخرج (أبو عامر الفاسق) .. وكان يسمى الراهب.. وقد تحدثنا عنه من قبل .. فهو من سكان المدينة .. ثم نادى على قومه الأوس .. يا معشر الأوس.. أنا أبو عامر"...
وكان ابنه (حنظلة بن أبي عامر) في صف المسلمين.. وشتان بين الابن وأبيه..
فقالوا له...لا أنعم الله بك عينا يا فاسق..
فقال..لقد أصاب قومي بعدي شر..
ففشلت محاولة قريش هذه ...
وستبدأ بعد قليل .. معركة من أشرس المعارك في تاريخ المسلمين .. ولقد كانت بدايتها .. شديدة الشبه ببدر .. لولا أن بعضا من المسلمين هداهم الله .. قد ركنوا للدنيا ..
| |
|
| |
المغربي المراقبون
عدد المساهمات : 1622 تاريخ التسجيل : 27/01/2014
| |
| |
المغربي المراقبون
عدد المساهمات : 1622 تاريخ التسجيل : 27/01/2014
| |
| |
المغربي المراقبون
عدد المساهمات : 1622 تاريخ التسجيل : 27/01/2014
| موضوع: رد: سيرة سيد الخلق الثلاثاء 10 يونيو 2014, 10:54 | |
| شهداء أحُد
شهداء أحد هم رجال ... رباهم النبي (صلى الله عليه وسلم) .. باعوا الدنيا.. واشتروا الآخرة بأغلى الأثمان... وقدموها لله .. إنهم القدوة لمن جاء بعدهم... ولمن أحب أن يصدق فيه قوله تعالى
(وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا)
وعند الكلام عن شهداء أُحد ...فلا بد أن نبدأ بسيد الشهداء (حمزة بن عبد المطلب)..
كما قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم)... "سيد الشهداء .. حمزة"
(حمزة بن عبد المطلب)
أسلم في العام السادس من النبوة.. كان قبل الإسلام يعيش حياة لهو ولعب وعبادة للأصنام.. ويذهب للصيد.. حياة لا قيمة لها.. أما بعد الإسلام فقد انتقل من كونه سيِدا في قبيلته الصغيرة.. إلى كونه سيدا لشهداء الأرض كلها إلى يوم القيامة.. وانت له مواقف تميزه سواء في مكة أو في شِعب بني هاشم..
قال عنه المشركون في غزوة بدر .. من هذا الملثم الذي على صدره ريشة النعام؟ ..
قيل .. حمزة ..
فقالوا .. هذا الذي فعل بنا الأفاعيل ..
وقد أنفق (حمزة) رضي الله عنه كثيرا .. وضحى كثيرا .. وبذل كثيرا .. حتى وصل إلى مرتبة الشهادة في سبيل الله... إذن أنت حين تطلب الشهادة بصدق .. فقد تنالها وأنت على فراشك ..
(مصعب بن عمير)
أورد الإمام القرطبي في تفسيره عن أبي هريرة .. أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حين انصرف من أُحد .. مر على (مصعب بن عمير) وهو مقتول .. فوقف عليه ودعا له .. ثم تلا هذه الآية ..
(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً)
ثم قال (صلى الله عليه وسلم) كلاما عجيبا ..
"أشهد أن هؤلاء شهداء عند الله يوم القيامة .. فأتوهم و زوروهم .. والذي نفسي بيده .. لايسلم عليهم أحد إلى يوم القيامة .. إلا ردوا عليه"
!!!
فزيارة شهداء أُحد .. سُنّة شرعها لنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم).. وكان عليه الصلاة والسلام .. يحرص على زيارتهم ويدعو لهم ..
(سعد بن الربيع)
لما قدم النبي (صلى الله عليه وسلم) المدينة مع أصحابه .. وآخى بين المهاجرين والأنصار.. آخى بين (عبد الرحمن بن عوف) و (سعد بن الربيع الأنصاري).. فعرض (سعد) على (عبد الرحمن) أن يناصفه ماله ..
ثم قال .. له .. انظر أيّ زوجتيَّ شئتَ... أنزل لك عنها...
فقال عبد الرحمن.. بارك الله لك في أهلك ومالك.. ورفض العطية وفضّل العمل ..
ولقد حضر (سعد) معركة أحد .. وقُتل شهيدا ..
وبعد انتهاء المعركة ...
قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم)...
"من رجل ينظر لي ما فعل سعد بن الربيع..أ في الأحياء هو أم في الاموات ؟!"
فقال رجل من الأنصار... أنا أنظر لك يا رسول الله ما فعل..
فنظر فوجده جريحا في القتلى به رمق..
فقال له .. إن رسول الله أمرني أن أنظر له.. أفي الأحياء أنتَ أم في الأموات؟..
قال (سعد) .. فأنا في الأموات.. أبلغ رسول الله عني السلام وقل له.. إن سعد بن الربيع يقول لك: جزاك الله خير ما جزِي نبيا عن أمته.. وأبلغ عني قومك السلام.. وقل لهم: إن سعد بن الربيع يقول لكم .. إنه لا عذر لكم عند الله إن خُلِصَ إلى نبيكم (صلى الله عليه وسلم) وفيكم عين تطرف..
ثم لم يبرح حتى مات .. رضي الله عنه ..
(عبد الله بن حرام)
يقول (عبد الله بن حرام) ..
" رأيتُ في النوم قبل أُحد كأني رأيت مبشر بن عبد المنذر (من شهداء بدر) يقول لي: أنت قادم علينا في هذه الأيام فقلت: وأين أنت؟ قال: في الجنة نسرح فيها كيف نشاء قلت له: ألم تُقتل يوم بدر؟ قال: بلى.. ثم أحييت"
فذكر (عبد الله بن حرام) ذلك لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) ..
فقال له المصطفى .. "هذه الشهادة يا أبا جابر"
و (أبو جابر) .. هو ذاته الرجل الذي سخر من (أبن سلول) لما فر من أحد .. حين قال له .. بعد أن حاول أن يثبته على القتال .. قبحك الله! سوف يغني رسول الله عنك..
وروى ابن ماجه أنه لما استشهد (أبو جابر) يوم أحد جاء ابنه (جابر) وهو متأثر بموت أبيه... فيكشف عن وجهه ثم يضع الغطاء ثم يعيده ثم يضعه ثانية.. والصحابة ينهونه والرسول لا ينهاه... لأنه يقدِّر موقف الصحابي الجليل من فَقد أبيه...
فقال له (صلى الله عليه وسلم) ... "يا جابر .. ألا أخابرك ما قال الله لأبيك ؟!"
قال الشاب .. بلى يا رسول الله..
قال (صلى الله عليه وسلم)... "ما كلم الله أحدا قط إلا من وراء حجاب .. وكلم أباك كِفاحا .. فقال: ياعبدي .. تمنّ علي أعطك.. قال: يارب تحييني .. فأقتل فيك ثانية ... فقال الله سبحانه: إنه سبق مني إنهم إليها لايُرجعون قال: يارب .. فأبلِغ من ورائي .. فأنزل الله تعالى ..(وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)
فـ (أبو جابر) حريصٌ حتى بعد موته.. على المسلمين ..
(خيثمة أبو سعد)
في غزوة بدر... اقترع (خيثمة) مع ابنه (سعد) .. فخرجت القرعة على الابن .. فاستشهد في بدر.. وفي غزوة أُحد .. ذهب الأب (خيثمة) إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)...
فقال له .. رأيت ابني أمس على أحسن صورة يسرح في ثمار الجنة وأنهارها، ويقول لي: الْحَق بنا.. وقد أصبحت مشتاقًا إلى مرافقته في الجنة... فادع الله لي يارسول الله أن أرافقه في الجنة.. وقد كبرت سني ورقَ عظمي..
فدعا له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) .. فنال الشهادة في سبيل الله .. لأنه صدق في طلبها ..
(عمرو بن الجموح)
كان (عمرو بن الجموح) أعرج شديد العرج.. وكان كبير السن...وله 4 شباب يغزون مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم).. فلما أراد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يتوجه إلى أُحد.. طلب الذهاب معه ..
فقال له بنوه .. إن الله قد جعل لك رخصة فلو قعدتَ ونحن نكفيك... فقد وضع الله عنك الجهاد"
فأتى (عمرو بن الجموح) إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)..
فقال... يا رسول الله.. إن بَنِيّ هؤلاء يمنعون أن أخرج معك.. والله إني لأرجو أن أستشهد فأطأ بعرجتي هذه في الجنة..
فقال له (صلى الله عليه وسلم).. "أما أنت فقد وضع الله عنك الجهاد .."
ثم قال (صلى الله عليه وسلم) لبنيه .. "وما عليكم أن تدعوه.. لعل الله عز وجل أن يرزقه الشهادة"
فخرج مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم)... فقُتل يوم أُحد شهيدا..
(حنظلة بن أبي عامر)
كان (حنظلة) حديث عرس حينما خرج إلى أحد .. وحينما سمع داعي الجهاد .. خرج مهرولا متعجلا دون غسل .. فلما قُتل شهيدا .. أخبر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أصحابه .. أن الملائكة غسَّلته.. فسمي (حنظلة) .. "غسيل الملائكة"
وأن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال لامرأة حنظلة.. "ما كان شأنه؟"
قالت.. خرج وهو جُنُب حين سمع الهاتفة..
فقال (صلى الله عليه وسلم) .... "لذلك غسلته الملائكة"
(عبد الله بن جحش)
جهاد طويل لهذا الصحابي الجليل.. جهاد في مكة.. وجهاد في الحبشة.. وجهاد في المدينة المنورة..
وقد دار حوار رائع بينه وبين (سعد بن أبي وقاص)...
إذ قال (عبد الله) لـ (سعد) .. ألا تأتي لندعو الله ؟!
فخلا في ناحية..
فدعا (سعد) .. يا رب... إذا لقينا القوم غدا.. فلَقِّني رجلا شديدا بأسه.. شديدا حَرده .. فأقاتله فيك ويقاتلني... ثم ارزقني عليه الظفر حتى أقتله وآخذ سلبه..
فقال (عبد الله بن جحش) .. اللهم ارزقني غدا رجلا شديدا حردُه.. شديدا بأسه.. أقاتله فيك ويقاتلني... ثم يأخذني فيجدع أنفي وأذني... فإذا لقيتك غدا قلت: يا عبد الله... فيمَ جدع أنفك وأذنك؟ فأقول: فيك وفي رسولك فتقول: صدقت"..
يقول (سعد) بعد انتهاء المعركة لابنه .. يا بُني... كانت دعوة عبد الله بن جحش خيرا من دعوتي لقد رأيته آخر النهار وإن أذنه وأنفه لمعلقان في خيط..
(الأصيرم)
في موقعة أُحد ... نجد رجلا قد انتقل من الكفر إلى الإيمان في لحظة واحدة .. وهو (الأصيرم) .. رضي الله عنه .. فقد كان يأبى الإسلام على قومه.. فلما كان يوم أُحد وخرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى المعركة .. بدا له الإسلام فجأة .. فأسلم .. ! فأخذ سيفه فغدا حتى أتى القوم فدخل في عرض الناس... فقاتل حتى أثبتته الجراحة.. فبينما رجال (بني عبد الأشهل) يلتمسون قتلاهم في المعركة إذا هم به..
فقالوا...والله إن هذا للأصيرم.. وما جاء به؟ لقد تركناه وإنه لمنكر هذا الحديث..!
فسألوه ولم يكن قد مات بعد .. قالوا .. ما جاء بك يا عمرو.. أحربا على قومك أو رغبة في الإسلام؟!
قال.. بل رغبة في الإسلام.. آمنتُ بالله ورسوله وأسلمت... ثم أخذت سيفي فغدوت مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) .. فقاتلت حتى أصابني ما أصابني..
ثم لم يلبث أن مات في أيديهم.. فذكروه لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)..
فقال (صلى الله عليه وسلم) .. "إنه لمن أهل الجنة" ..
يقول (أبو هريرة) عنه .. ولم يصل لله صلاة قط ..
فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء... لأنها لحظة إيمان وصدق.
(مخيريق)
لما خرج النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى أُحد جاء (مخيريق) وكان يهوديا لكنه اسلم ..
فقال لليهود .. ألا نتصرون محمدا؟!.. والله إنكم لتعلمون أن نصرته حق عليكم..
فقالوا .. اليوم يوم سبت ..
فقال لهم .. لا سبت ..
وأخذ سيفه ومضى إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقاتل حتى أثبتته الجراحة فلما حضره الموت ..قال... أموالي إلى محمد يضعها حيث شاء...وقُتل يوم أُحد..
فقال عنه (صلى الله عليه وسلم) "مخيريق خير يهود"
وعلى النقيض من الصورة السابقة نجد قصة الصحابي (قزمان) .. وكنا قد تحدثنا عن قتاله الشديد في المعركة .. فقد قتل 3 من حملة راية المشركين في أحد .. وبشره المسلمون بالجنة إن شاء الله ..
فقال لهم كلاما غريبا .. ما قاتلتُ إلا عن أحساب قومي .. ولولا ذلك ما قاتلت...!
وكانت جراحه شديدة .. فنحر نفسه .. !
فأخبر المسلمون رسول الله (صلى الله عليه وسلم) .. فقال .. "إنه من أهل النار"
لذلك يا أخوان .. لا يدخل الجنة إلا من يقاتل حتى تكون كلمة الله هي العليا.. أما من يقاتل من أجل القومية أو الوطنية أو القبيلة ...فلا ينال الشهادة في سبيل الله..
وروى الترمذي وأحمد، أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) .. قال ..
"يا ايها الناس .. إن الله وضع عنكم عُبّيّة الجاهلية وتعاظمها بآبائها .. فالناس رجلان .. بر تقي كريم على الله.. وفاجر شقي هين على الله .. والناس بنو آدم .. وخلق الله آدم من تراب .. قال الله (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)
فالفخر بالقبائل والأحساب لا قيمة له...لكن التقوى هي ميزان الأفضلية.. | |
|
| |
المغربي المراقبون
عدد المساهمات : 1622 تاريخ التسجيل : 27/01/2014
| |
| |
المغربي المراقبون
عدد المساهمات : 1622 تاريخ التسجيل : 27/01/2014
| موضوع: رد: سيرة سيد الخلق الثلاثاء 10 يونيو 2014, 10:57 | |
| الأرملة الشابة
لم يشهد بدرا من (بني سهم) غير رجل واحد .. هو الصحابي الجليل (خنيس بن حذافة بن قيس بن عدي السهمي القرشي).. وكان من أصحاب الهجرتين .. هاجر إلى الحبشة مع المهاجرين الأولين إليها .. ثم إلى المدينة .. ثم شهد مع المسلمين أحد .. وترك وراءه أرملته .. (حفصة بنت عمر بن الخطاب) ..
ولقد تألم (عمر) ... لابنته الشابة التي ترملت .. في الـ 18 من عمرها .. وأوجعه أن يلمح الترمل يغتال شبابها ويمتص حيويتها ويخنق صباها .. وبدأ يشعر بانقباض أليم .. كلما دخل بيته .. ورأى ابنته في حزنها .. فبدا له بعد تفكير طويل .. أن يختار لها زوجا .. فتسترد في صحبته بعض الأنس بعد مضي 6 شهور .. من وفاة زوجها ..
ووقع اختيار (عمر) على (أبي بكر).. صفي الرسول وصهره .. وصاحبه الصديق ..
وارتاح للفكرة .. فإن (أبا بكر) في رزانة كهولته وسماحة خلقه ووداعة طبعه .. كفيل بأن يحتمل (حفصة) بما ورثته من أبيها من شدة الغيرة وصرامة الخلق .. وما ابتلاها به الترمل من كآبة وضجر ..
ثم إن (أبا بكر) هو أحب رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)...
ولم يتردد (عمر) .. بل سعى من فوره إلى (أبي بكر) ..
فحدثه عن (حفصة) .. والصديق يصغي في عطف ومواساة..
ثم عرض عليه أن يتزوجها .. وفي يقينه أن (أبا بكر) سيرحب بالشابة التقية .. ابنة الرجل الذي أعز الله الإسلام به ..
لكن المفاجأة .. أن (أبا بكر) .. أمسك لايُجيب .. !
وانصرف (عمر) .. لايكاد يصدق أن صاحبه رفض ابنته ..رغم أنه قد عرضها عليه ..
وسارت به قدماه إلى بيت (عثمان بن عفان) .. وكانت زوجته السيدة (رقية) بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)... قد مرضت بالحصبة بعد عودتها من الحبشة.. ثم ماتت بعد أن تم النصر للمؤمنين في بدر ..
فتحدث (عمر) إلى صاحبه (عثمان) .. وعرض عليه ابنته .. وهو لايزال يحس مهانة الرفض من صاحبه الأول.. فلعل الله قد اختار لحفصة (عثمان) .. والله يعلم أي الرجلين أصلح للأرملة الشابة ..
وكان جواب (عثمان) أن يستمهله أياما ..
ثم جاء بعدها يقول له .. ما أريد أن أتزوج اليوم !!!
فكاد (عمر) أن يتميز غيضا من قسوة الموقف .. ثم ثار به الغضب.. فانطلق إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يشكو صاحبيه ..
أمثلُ (حفصة) في شبابها وتقواها وشرفها .. تُرفض ؟!
وممن ؟!!
من (أبو بكر وعثمان) .. صاحبي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وصهريه .. وأولى المسلمين بأن يعرفا قدر (عمر) .. وأحق الصحابة بألا يردا مثله صهرا ؟!
واستأذن (عمر) على النبي (صلى الله عليه وسلم) .. وما يملك نفسه من غضب وقهر .. فتلقاه (صلى الله عليه وسلم) ببشاشته المعهودة .. يسأله عما ألمّ به .. وفضفض (عمر) للنبي الكريم .. ما يرهقه ويقهره .. مما بدر من صاحبيه ..
فتبسم (صلى الله عليه وسلم) .. وقال ..
"يتزوج حفصة من هو غير من عثمان..ويتزوج عثمان من هي خير من حفصة .."
و ردد (عمر) مأخوذا من روعة المفاجأة .. يتزوج حفصة من هو خير من عثمان ؟!!....
وأشرقت في خاطره لمحة مضيئة .. أيتزوج (صلى الله عليه وسلم) ابنته ؟!
ذاك والله شرف لم تتطاول إليه أمانيه ..
ونهض إلى الرسول يصافحه متهللا .. وقد زال عنه ما كان يجد من مهانة الرفض ..
وخرج مسرعا ليزف الخبر إلى ابنته .. وإلى (أبي بكر وعثمان) .. وإلى المدينة كلها شرى الخطبة المباركة ..
وكان (أبو بكر) أول من لقيه .. فما نظر إليه حتى أدرك على الفور سر فرحته .. فمد يده لـ (عمر) .. مهنئا معتذرا .. وهو يقول ..
"لاتجد علي ياعمر .. فإن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ذكر حفصة .. فلم أكن لأفشي سر رسول الله (صلى الله عليه وسلم).. ولو تركها لتزوجتها "
(رضي الله عنك يا أبا بكر)
ثم مضى كلاهما إلى ابنته ..
(أبو بكر) ليهون على (عائشة) الخبر ..و (عمر) ليبشر ابنته (حفصة) بأكرم زوج..
وباركت المدينة يد النبي (صلى الله عليه وسلم) وهي تمتد لتكرم (عمر) وتأسو جراح ابنته ..
كما باركت بعد قليل .. زواج (عثمان بن عفان) .. من (أم كلثوم بنت محمد) .. في جمادي الآخرة .. | |
|
| |
المغربي المراقبون
عدد المساهمات : 1622 تاريخ التسجيل : 27/01/2014
| موضوع: رد: سيرة سيد الخلق الثلاثاء 10 يونيو 2014, 10:57 | |
| زينب بنت خزيمة (أم المساكين)
لم يكن قد مضى على دخول (حفصة) البيت المحمدي .. غير وقت قصير.. حين دخلته أرملة شهيد قرشي من المهاجرين الأولين ..
اسمها .. (زينب بنت خزيمة بن الحارث)..
وبسبب قصر مقامها في بيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) .. فلم يصل لنا من أخبارها سوى بضع روايات .. لاتسلم من تناقض واختلاف..
واختلفت عليها آراء العلماء .. فمنهم من يقول إنها كانت متزوجة .. ثم استشهد زوجها في أحد.. ومنهم من يقول إنها كانت مطلقة ..
كما اختلف العلماء في المدة التي أقامتها في بيت النبي (صلى الله عليه وسلم).. ففي (الإصابة) .. يقول ..
"كان دخوله (صلى الله عليه وسلم) بها .. بعد دخوله على حفصة بنت عمر.. ثم لم تلبث عنده شهرين أو ثلاثة .. وماتت"
وابن الكلبي يقول .. أقامت عنده 8 أشهر وماتت ..
وفي شذرات الذهب ... 4 أشهر وماتت ..
لكن ..
هذا كله ليس مهما ..
فالمهم إنها أصبحت (أم المؤمنين) .. وهذا شرف ما بعده شرف ..
والمهم إنها كانت تسمى (أم المساكين) .. لرحمتها إياهم ورقتها عليهم .. ولأنها كانت تطعمهم (رضي الله عنها) وتتصدق عليهم ..
والراجح ...أنها ماتت في الـ 30 من عمرها .. وهي قريرة العين بما نالت من شرف الزواج منه (صلى الله عليه وسلم).. منصرفة عن شواغل الحريم .. قانعة بحظها من تقدير النبي (صلى الله عليه وسلم) ... لايرهقها طمع .. ولا تنهكها غيرة ..
ورقدت (رضي الله عنها) بسلام ..
كما عاشت بسلام ..
وصلى عليها النبي (صلى الله عليه وسلم).. ودفنها بالبقيع ..
فكانت أول من دفن فيه من أمهات المؤمنين .. رضي الله عنهن..
ولم يمت في حياته (صلى الله عليه وسلم) .. إلا اثنان .. (خديجة) .. و (زينب بنت خزيمة) .. رضي الله عنهما .. | |
|
| |
المغربي المراقبون
عدد المساهمات : 1622 تاريخ التسجيل : 27/01/2014
| موضوع: رد: سيرة سيد الخلق الثلاثاء 10 يونيو 2014, 10:58 | |
| توابع غزوة أحُد
تجرأ الأعداء على الإسلام بعد غزوة (أحد) .. خصوصا بعد أستشهاد بعض 70 من أكابر الصحابة رضي الله عنهم ..
فاقتسم الناس إلى 4 اقسام ..
(1) قريش
هدأت قريش لأنها قد انتصرت في أُحد.. لكنها بقيت تتربص بالمسلمين الدوائر لأن المسلمين يسيطرون على التجارة... فهم يهددون قريشا .. والرسول (صلى الله عليه وسلم) ما زال حيا.. وأبو بكر وعمر .. وهؤلاء يستطيعون أن يغيروا الجزيرة العربية في أي وقت..
(2) المنافقون
زاد عدد المنافقين في المدينة بعد أحد .. فالذين كانوا يبطنون الكفر أصبحوا يُظهِرون عداءهم للإسلام... ونحن لا ننسى رجوع (ابن سلول) بثلث الجيش قبل المعركة .. وهؤلاء جميعا يعيشون في داخل المدينة المنورة ..
(3) اليهود
كان (صلى الله عليه وسلم) يعامل اليهود بحذر شديد ... لأنه يعلم طبيعتهم ..
(4) الأعراب
بدأ الأعراب حول المدينة بالكيد للمسلمين .. لأنهم يريدون التخلص ممن كان سببا في توقف النهب والسلب..
لذلك ..
كانت هناك أزمات .. واجهها المسلمون بعد أحد .. وكادت أن تأتي على الصرح الذي بناه النبي (صلى الله عليه وسلم)..
فما هي تلك الأزمات ؟! | |
|
| |
المغربي المراقبون
عدد المساهمات : 1622 تاريخ التسجيل : 27/01/2014
| موضوع: رد: سيرة سيد الخلق الثلاثاء 10 يونيو 2014, 10:59 | |
| أزمة بني اسد ومحاربتهم للمسلمين
كان فيهم (طليحة بن خويلد الأسدي)..أخذوا يتجمعون لحرب المسلمين..
فبعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سرية بقيادة (أبي سلمة)..
ونجحت في تشتيت تجمُّع بني أسد في المحرم 4هـ...
وقاتل فيها المسلمون قتالا ضاريا .. ونالت (أبو سلمة) بعض الجروح ..
ثم عادوا بعدها إلى مكة ..
لكن (أبو سلمة).. مات متأثرا بجراحه . | |
|
| |
المغربي المراقبون
عدد المساهمات : 1622 تاريخ التسجيل : 27/01/2014
| موضوع: رد: سيرة سيد الخلق الثلاثاء 10 يونيو 2014, 11:02 | |
| أزمة تجمع هُذيل
تجمعت قبائل (هذيل) لمحاربة المسلمين .. وكان يقودهم رجل من أشرس المقاتلين العرب وأشدهم.. فبعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى الصحابي (عبد الله بن أُنَيس).. لكي يقتل هذا الرجل...
يقول (عبد الله بن أنيس)..
"دعاني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) .. فقال: إنه قد بلغني أن خالد بن سفيان بن نبيح الهذلي يجمع لي الناس ليغزوني.. وهو بعُرنة.. فاتِه فاقتله".. فقلت: يارسول الله انعته لي حتى اعرفه.. قال: إذا رأيته وجدت له قشعريرة! قال: فخرجتُ متوشحا سيفي حتى وقعتُ عليه وهو بعرنة مع ضعن يرتاد لها منزلا.. حين كان وقت العصر .. فلما رأيته وجدتُ ما وصف لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من القشعريرة.. فأقبلتُ نحوه وخشيت أن يكون بيني وبينه مُجاولة تشغلني عن الصلاة .. فصليتُ وأنا أمشي نحوه أوميء برأسي للركوع والسجود .. فلما انتهيتُ إليه قال: من الرجل قلت: رجل من العرب سمع بك وبجمعك لهذا الرجل فجاءك لذلك.. قال: أجل .. أنا في ذلك .. قال: فمشيت معه شيئا حتى إذا أمكنني الله منه حملتُ عليه السيف حتى قتلته.. ثم خرجتُ وتركتُ ضعائنه منكبّات عليه.... فلما قدمتُ على رسول الله (صلى الله عليه وسلم).. فرآني قال: أفلح الوجه .. فقلت: قتلته يارسول الله .. قال: صدقت .. ثم قام معي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فدخل في بيته .. فاعطاني عصا .. فقال: امسك هذه عندك ياعبد الله بن أنيس.. فخرجتُ بها على الناس .. فقالوا: ما هذه العصا ؟! قلت: أعطانيها رسول الله (صلى الله عليه وسلم).. وأمرني أن أمسكها.. قالوا: أوَلا ترجع إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فتسأله عن ذلك؟ فرجعتُ إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم).. فقلت: يا رسول الله.. لم أعطيتني هذه العصا؟ قال: آية بيني وبينك يوم القيامة ..إن أقل الناس المختصّرون يومئذ (أو المتخصّرون يومئذ).."
فقرنها (عبد الله) بسيفه ..
فلم تزل معه حتى إذا مات .. أمر بها فضُمت في كفنه .. ثم دُفناه جميعا..
أزمة بعث الرجيع
كان ذلك في صفر من السنة الرابعة من الهجرة..
وسبب هذا البعث أن (بني لحيان) من هُذيل ..مشوا إلى عضل والقارة.. وهما قبيلتان من بني الهون .. على ان يكلموا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يخرج إليهم نفرا من أصحابه..
فقدم نفر منهم فقالوا.. يا رسول الله.. إن فينا إسلاما فابعث معنا نفرا من أصحابك.. يفقهوننا في الدين.. ويقرئوننا القرآن.. ويعلموننا شرائع الإسلام..
فلما جاء هؤلاء النفر يطلبون من يفقههم.. بعث معهم (صلى الله عليه وسلم) 10 من أصحابه .. وجعل عليهم اميرا .. (عاصم بن ثابت) ..
فخرج هؤلاء حتى أتوا الرجيع ... فغدروا بهم.. واستصرخوا عليهم هذيلا ليعينوهم على قتلهم.. فلم يَرع القوم وهم في رحالهم ...إلا الرجال بأيديهم السيوف.. فأخذ (عاصم) ومن معه أسيافهم ليقاتلوا القوم..
فقالوا أولئك لهم .. إنا والله لا نريد قتلكم.. ولكم عهد الله وميثاقه أن لا نقتلكم..
ولقد نطقوا بهذا لأنهم يريدون أن يُسلِموهم لكفار قريش.. ويأخذوا عليهم مالا .. لعلمهم أنه لا شيء أحب إلى قريش من أن يأتوا بأحد من أصحاب محمد (صلى الله عليه وسلم) .. كي يمثِّلون به... ويقتلونه بمن قُتل منهم ببدر وأُحد..
فرفض (عاصم) ذلك العرض.. وقال .. والله لانقبل من مشرك عهدا ..
وقاتلوا حتى قتلوا.. فقُتل 7 من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) .. منهم (عاصم بن ثابت)..
وأما (زيد بن الدثنة وخُبيب بن عدي وعبد الله بن طارق) فلانُوا ورغبوا في الحياة .. فأعطوا بأيديهم فأسروهم... ثم خرجوا بهم إلى مكة ليبيعوهم بها..
حتى إذا كانوا بالظهران ...انتزع (عبد الله بن طارق) يده من القران... ثم أخذ سيفه واستأخر عنه القوم... فرموه بالحجارة حتى قتلوه ...فقبره بالظهران...
وأما (خبيب بن عدي وزيد بن الدثنة) فقدموا بهما مكة فباعوهما.. فابتاع (خبيبا) .. (حُجير بن أبي إهاب التميمي).. وكان (حجير) أخا لـ (حارث بن عامر) لأمِّه ...ليقتله بأبيه...
وأما (زيد بن الدثنة) ...فابتاعه (صفوان بن أمية) ليقتله بأبيه .. وكان شراؤهما في ذي القعدة.. فحبسوهما حتى خرجت الأشهر الحرم ..فقتلوا (زيدا)..
وأما خبيب فمكث أسيرا حتى خرجت الأشهر الحرم ثم أجمعوا على قتله.. وكانوا في أول الأمر أساءوا إليه في حبسه..
فقال لهم...ما يصنع القوم الكرام هكذا بأسيرهم..
فأحسنوا إليه بعد ذلك وجعلوه عند امرأة تحرسه ...هي (ماوِيَّة) مولاة حجير..
تقول (ماوية).. كان خبيب يتهجد بالقرآن.. فإذا سمعه النساء بكين ورققن عليه..
فقلت له..هل لك من حاجة؟..
قال..لا.. إلا أن تسقيني العذب.. ولا تطعميني ما ذُبح على النصب.. وتُخبِريني إذا أرادوا قتلي..
تقول .. فلما أرادوا ذلك أخبرته.. فوالله ما اكترث ..
ولما خرجوا (بخبيب) من الحرم ليقتلوه..
قال.. دعوني أُصلِّي ركعتين..
فتركوه فصلى سجدتين..
فكانت سُنّة لمن قُتل صبرا أن يصلي ركعتين..
ثم قال (خبيب)... لولا أن تحسبوا أن ما بي جزع لزدتُ..
ثم قال... اللهم أحصهم عددا.. واقتلهم بددا...ولا تبقِ منهم أحدا..
وأنشأ يقول...
ولستُ أبالي حين أقتـل مسلما - على أي جنب كان في الله مصرعي وذلك في ذات الإله وإن يشـأ - يُبارك على أوصـال شِلْوٍ مُمَـزَّعِ
ثم قام إليه (أبو سِرْوعة عُقبة بن الحارث).. فقتله..
وعن (عروة بن الزبير) قال...لما أرادوا قتل خبيب ووضعوا فيه السلاح والرماح والحراب.. وهو مصلوب نادوه وناشدوه...أتحب أن محمدا مكانك؟ قال.. لا والله... ما أحب أن يفديني بشوكة يشاكها في قدمه..
وكان (أبو سفيان) يقول .. ما رأيت من الناس أحدا يحب أحدا كحُب أصحاب محمد محمدا..
وقد كانت هذيل حين قُتل (عاصم بن ثابت) قد أرادوا رأسه ليبيعوه إلى (سُلافة بنت سعد)..
وكانت قد نذرت حين أصاب ابنيها يوم أُحد.. لئن قدرت على رأس عاصم لتشربن في قِحفه الخمر..
فمنعتهم عنه الدَبر (النحل) ... فلما حالت بينهم وبينه ..
قالوا...دعوه حتى يمسي فتذهب عنه... فنأخذه..
فبعث الله سيلا... ولم يكن هناك سحاب في السماء كما يقول الرواة.. فاحتمل (عاصما) إلى حيث لا يعلم أحد... وكان (عاصم) قد أعطى الله عهدا أن لا يمسه مشرك أبدا... ولا يمس مشركا أبدا...
وعن هذا يقول (عمر بن الخطاب).. يحفظ الله العبد المؤمن.. كان عاصم نذر أن لا يمسه مشرك... ولا يمس مشركا أبدا في حياته.. فمنعه الله بعد وفاته كما امتنع منه في حياته..
وهكذا ... مات 10 من خيار الصحابة في وقت واحد ..
إنه لموقف صعب ..
لكن بعدها .. حدثت مأساة أخرى على المسلمين ..
| |
|
| |
المغربي المراقبون
عدد المساهمات : 1622 تاريخ التسجيل : 27/01/2014
| موضوع: رد: سيرة سيد الخلق الأربعاء 11 يونيو 2014, 11:10 | |
| العزة والجمال
تذكرون .. قصة (أم سلمة) .. تلك المرأة التي رغبت بالهجرة من مكة إلى المدينة.. بعد أن منعها أهلها عن اللحاق بزوجها .. ثم فُصل عنها ابنها .. ولم تره إلا بعد مرور سنة .. ثم عطف عليها أحد اقربائها .. ولم شملها بالولد .. ثم أنطلقت مهاجرة إلى المدينة .. بعد أن أعانها أحد المشركين في رحلتها .. ثم أسلم بعد ذلك..
زوج هذه المرأة .. هو (أبو سلمة) .. الذي هاجر مرتين .. مرة إلى الحبشة .. ومرة إلى المدينة.. وشهد بدرا .. وأحد .. ثم شارك في سرية بني أسد .. لكن الجرح الذي أصابه من ذلك القتال .. بقي يئن عليه .. وحضره النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو على فراش موته .. وبقي إلى جانبه يدعو له بخير حتى مات .. فأسبل(صلى الله عليه وسلم) بيده الكريمة عينه .. وكبر عليه 9 تكبيرات ..
فقيل له .. يارسول الله .. أسهوتَ أم نسيت ؟!
فقال (صلى الله عليه وسلم).. "لم أسه ولم أنس.. ولو كبّرتُ على أبي سلمة ألفا .. كان أهلا لذلك"
يقول ابن عبد البر .. إن أبا سلمة قال عند وفاته .. اللهم أخلفني في أهلي بخير .. وكان له 4 أولاد .. سلمة .. وعمر .. وزينب .. ودرة ..
ولما انتهت عدة (أم سلمة) .. تقدم إليها (أبو بكر) خاطبا..فرفضت في رفق ..
وتلاه (عمر) .. فلم يكن حظه منها غير حظ صاحبه ..
ثم بعث إليها (صلى الله عليه وسلم) يخطبها .. فتمنت لو يتاح لها ذاك الشرف العظيم .. لكنها أشفقت وقد جاوزت سن الشباب .. ومعها عيال صغار .. ألا تملأ مكانها في بيته (صلى الله عليه وسلم).. إلى جانب (عائشة وحفصة)..
فأرسلت إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) تعتذر ..
وتقول .. إنها غيرى.. مُسنة .. ذات عيال ..
فقال لها (صلى الله عليه وسلم).. "أما أنك مسنة فانا أكبر منكِ .. وأما الغيرة فيذهبها الله عنك ِ ..وأما العيال فإلى الله ورسوله "
فتزوجها (صلى الله عليه وسلم) .. وسكنت في بيت (زينب بنت خزيمة أم المساكين) ..
وأحدث دخولها ضجة في دُور النبي (صلى الله عليه وسلم).. وأشاع قلقا في الزوجتين الشابتين .. (عائشة وحفصة)..
فـ (أم سلمة) ضرة جديدة عزيزة .. عريقة المنبت.. ذات جمال وإباء وفطنة .. تزفها إلى بيت النبي (صلى الله عليه وسلم) امجاد تاريخ عريض.. فأبوها كان يلقب بـ (زاد الركب) لأنه إذا سافر مع رفقة .. فسيكفي الرفقة مؤونتهم .. وأمها من بني فراس.. كان جدها (علقمة) يلقب بجذل الطعان.. وزوجها هو (أبو سلمة) .. غني عن التعريف ..
وما من شك .. في أن (أم سلمة) قد سرها أن تلمح تأثير دخولها على (عائشة) الزوجة المفضلة .. ولعلها لذلك قد رضيت أن تبعث بطفلتها الصغيرة إلى حاضنة .. كي تتفرغ لواجباتها الزوجية ..
وفي الصحيحين .. من حديث أم سلمة .. قالت ..
قلت: يارسول الله .. هل لي من أجر في بني أبي سلمة أن أنفق عليهم ولستُ بتاركتهم هكذا وهكذا.. إنما هم بنيّ.. قال (صلى الله عليه وسلم).. نعم .. لك ِ أجر ما أنفقتِ عليهم"
وكانت (أم سلمة) تعرف قدرها في بيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم).. فأبت مرة على (عمر) أن يتكلم في مراجعة أمهات المؤمنين لزوجهن الرسول ..
فقالت له منكرة .. عجبا لك يابن الخطاب.. قد دخلتَ في كل شيء حتى تبتغي أن تدخل بين رسول الله وأزواجه !
فقال (عمر) .. فأخذتني أخذا كسرتني به عن بعض ما كنتُ أجد ..
وما قالت كلمتها هذه إلا وهي مدركة بمكانها منه (صلى الله عليه وسلم)... وفي بيته .. فقد كان (صلى الله عليه وسلم) يعدها من أهله ..
وفي رواية ..
أنه (صلى الله عليه وسلم) كان يوما عندها وابنتها زينب هناك .. فجاءته الزهراء مع ولديها الحسن والحسين رضي الله عنهم .. فضمهما إليه .. ثم قال: رحمة الله وبركاته عليهم أهل البيت إنه سميع مجيد .. فبكت (أم سلمة) .. فنظر إليها رسو الله (صلى الله عليه وسلم) وسألها في حنو.. "ما يبكيك ِ ؟" قالت: يارسول الله حصصتهم وتركتني وابنتي.. فقال : إنكِ وابنتكِ من اهل البيت"
وقد شبّت ابنتها (زينب) في رعاية الرسول (صلى الله عليه وسلم).. فكانت من أفقه نساء زمانها ..
ويروى أنها دخلت على النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو يغتسل .. فنضح في وجهها .. الماء .. فلم يزل ماء الشباب في وجهها حتى كبرت وعجزت ..
وبلغ (صلى الله عليه وسلم) من اعزازه بالولد (سلمة) ابنها .. أن زوّجه (أمامة بنت حمزة بنت عبد المطلب) .. عمه الشهيد رضي الله عنه .. | |
|
| |
المغربي المراقبون
عدد المساهمات : 1622 تاريخ التسجيل : 27/01/2014
| موضوع: رد: سيرة سيد الخلق الأربعاء 11 يونيو 2014, 11:10 | |
| مأساة بئر معونة
قدم على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ... رجلٌ من بني عامر وهي من القبائل القوية.. وهذا الرجل هو (أبو براء عامر بن مالك).. قدّم هدية إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) .. ثم دعاه الرسول إلى الإسلام فرفض ..
وقال.. يا محمد.. لو بعثتَ رجالا من أصحابك إلى أهل نجد يدعونهم إلى أمرك..فإني أرجو أن يستجيبوا لك
فقال (صلى الله عليه وسلم).. "إني أخاف عليهم أهل نجد"
فقال (أبو براء) ... أنا جارٌ لهم..
فبعث (صلى الله عليه وسلم) الصحابي (المنذر بن عمرو من بني ساعدة) .. في 70 من خيرة الصحابة .. وكانوا يُعرفون بالقُرّاء .. لأنهم يقرأون القرآن ويتدارسونه ليل نهار .. وكان منهم (حرام بن ملحان .. وعامر بن فهيرة) ..
فنزلوا بئر معونة بين أرض بني عامر .. ومنطقة بني سليم ..
وبعثوا (حرام بن ملحان) برسالة من الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلى عامر بن الطفيل يدعوه إلى الإسلام..
و(عامر بن الطفيل) هو ابن أخي (عامر بن مالك) .. الرجل الذي جاء إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) في بداية قصتنا ..
وكان (عامر بن الطفيل) رجلا شريرا غادرا.. فأوصى أحد حراسه أن يأتي من خلف (حرام بن ملحان) ويطعنه في ظهره.. علما أن الرسل لا تُقتل.. وجاء الحارس من خلفه وطعنه بحربة كبيرة من خلفه فخرجت من بطنه.. فلما رأى (حرام) ذلك.. أخذ الدم الذي يسيل من جسده ويدهن به وجهه وهو يقول... فزتُ ورب الكعبة ..
وكان الذي قتل (حرام) هو المشرك (جبار بن سلمى) ..
ولقد استوقفته عبارة (حرام) ... فقال .. ما فاز.. أوَلستُ قد قتلته؟!!!
فقالوا له... إنها الشهادة عند المسلمين...
فذهب (جبار بن سلمى) من فوره إلى المدينة المنورة ...ودخل في الإسلام..!!!
لكن ..
لماذا أصلا فعل (عامر بن الطفيل) ذلك ؟!!
لأن بينه وبين رسول الله (صلى الله عليه وسلم) موقفا قديما.. فقد وفد على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مرة ..
وقال له .. إني أعرض عليك ثلاثة أمور.. أن يكون لك أهل السهل ولي أهل المدر... أو أن أكون خليفتك من بعدك.. أو أن أغزوك بأهل غطفان..
فرفضها (صلى الله عليه وسلم) جميعا ..
لذلك .. فإن (عامر بن الطفيل) لم ينظر حتى في رسالته (صلى الله عليه وسلم).. التي بعثها له بيد (حرام بن ملحان) .. بل استعدى عليهم بني عامر... فأبوا لجوار (أبي براء عامر بن مالك) إياهم..
فاستعدى بني سُليم فنهضت منهم عُصيَّة ورِعل وذَكوان... وقتلوهم عن آخرهم..
إلا الصحابي (كعب بن زيد) .. فقد أصيب بجروحٍ وظنوه قد قتل لكنه عاش حتى شهد الخندق في العام الخامس.. ولقي ربه شهيدا..
وتزامن مع هذه الوقعة مرور الصحابيان (المنذر بن عقبة وعمرو بن أمية الضمري).. فنظرا إلى الطير تحوم على العسكر.. فأسرعا إلى أصحابهما فوجدوهم في مضاجعهم..
فأما (المنذر بن عقبة) فقاتل حتى قتل.. وأما (عمرو بن أمية) فقد أسره الطفيل..ثم أعتقه لرقبة كانت عن أمه..
وفي الطريق لقي (عمرو بن أمية) رجلين من بني كلاب.. وهم فرع من بني عامر فنزلا معه في ظل شجرة... فلما ناما فتك بهما (عمرو بن أمية)... وكان معهما عهد من النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يعلم به (عمرو)..
فقدم على النبي فأخبره بذلك..
فقال له (صلى الله عليه وسلم).. "لقد قتلتَ قتيلين .. لأدينّهما"..
هذا هو السمو الأخلاقي من رسول الله (صلى الله عليه وسلم).. فقد جاء خبر هذين القتيلين مع خبر استشهاد 70 من صحابة رسول الله في بئر معونة.. ومع ذلك قرر رسول الله أن يُعطِي الدية لهذين القتيلين اللذين قُتلا عن طريق الخطأ.
إنها عظمة الإسلام الذي جاء لينشر دعوة العدل والحق في ربوع العالم كله!! لقد كانت مأساة بئر معونة قاسية على المسلمين.. فهم من القُرَّاء ومن الدعاة ومن العلماء..
وهكذا في عام واحد .. فقد الصحابة 70 في بئر معونة .. و10 في بعث الرجيع .. وقبلهم 70 في أحد .. وهذا كان عددا كبيرا والأمة في بداية نشأتها .. | |
|
| |
المغربي المراقبون
عدد المساهمات : 1622 تاريخ التسجيل : 27/01/2014
| موضوع: رد: سيرة سيد الخلق الأربعاء 11 يونيو 2014, 11:11 | |
| خيانة بني النضير
أخذ الرسول (صلى الله عليه وسلم) مجموعة من الصحابة ..فيهم (أبو بكر وعمر) ... وذهبوا يطلبون من بني النضير أن يساعدوهم في دفع دية الرجلين .. اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري عن طريق الخطأ.. لعهد الأمان الذي كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) أعطاهما.. وكان بين بني النضير وبني عامر عهدٌ وحلف..
فلما أتاهم (صلى الله عليه وسلم) قالوا..نعم يا أبا القاسم.. نعينك على ما أحببت..
لكن ..
اتفق اليهود على قتل الرسول (صلى الله عليه وسلم) قائد الدولة الإسلامية.. وهو بين أيديهم .. حيث من السهل أن يتخلصوا منه والمسلمون في أزمة بعد أزمة .. رغم أن في هذا مخالفة صريحة للعهد الذي بينهم وبين الرسول (صلى الله عليه وسلم)..
فقالوا..فمن يعلو على هذا البيت... فيلقي عليه صخرة ويريحنا منه؟..
فانتدب لذلك (عمرو بن جِحَاش).. فقال...أنا لذلك..
فصعد ليلقي عليه صخرة كما قال.. والرسول (صلى الله عليه وسلم) في نفرٍ من أصحابه فأتى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الخبر من السماء بما أراد القوم... فقام وخرج راجعا إلى المدينة حتى لا يلفت الأنظار إليه..
فلما رآه الصحابة يسير نحو المدينة قاموا في طلبه
فلقوا رجلا مُقبلا من المدينة فسألوه عنه.. فقال....رأيته داخلا المدينة..
فأقبل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى انتهوا إليه فأخبرهم الخبر بما كان اليهود يريدون من الغدر به.. فبعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ... (محمد بن مسلمة) .. يأمر بني النضير بالخروج من جواره وبلده.. ولا يساكنوه..وقد أمهلهم 10 أيام .. فمن وجده بعد ذلك ضرب عنقه..
فبعث إليهم أهل النفاق بقيادة (ابن سلول) يحرضونهم على المقام ويعدونهم النصر
يقول الله تعالى
(أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلاَ نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ لَئِنْ أُخْرِجُوا لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لاَ يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنْصَرُونَ)
فالمنافقون خطر كبير على المسلمين.. يبطنون الكفر ويظهرون الإيمان.. ولذلك هم أشد الناس عذابا يوم القيامة من الكفار ..
(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا)
أما اليهود .. فقد عرفهم الله لنا بآياته .. حتى نكون على حذر عند التعامل معهم..
(لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَفْقَهُونَ)
فهم لا يخافون الله.. ولا يجلونه.. وهو الذي خلقهم ورزقهم لكنهم يهابون المسلمين أكثر منه عز وجل..
(لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلاَّ فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَعْقِلُونَ)
(وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ)
فهم يحرصون على الحياة بأي وسيلة مهما كانت ذليلة ومهينة .. المهم أن يحيون ..
وكان الموقف في تلك اللحظات معه (صلى الله عليه وسلم) صعب للغاية .. لكن لا بد من المواجهة مع بني النضير مهما تكن النتائج..
ولما أرسل المنافقون إلى اليهود قويت عند ذلك نفوسهم.. وحمي (حُييّ بن أخطب) وبعثوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنهم لا يخرجون.. ونابذوه بنقض العهد..
فأمر (صلى الله عليه وسلم) الناس بالخروج إليهم.. والتهيؤ لحربهم.. لتأديبهم جزاء غدرهم وحقدهم.. فحاصرهم المسلمون 6 ليال.. واستعمل (صلى الله عليه وسلم) على المدينة (ابن أم مكتوم).. وانسحب المنافقون ولم ينصروا اليهود كما تنبأت الآية القرآنية ..وتركوهم يواجهون المصير المحتوم وتحصنوا في الحصون..
فأمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بقطع النخيل وحرقها..
فنادوه...أن يا محمد قد كنت تنهى عن الفساد.. وتعيب من صنعه.. فما بال قطع النخيل وتحريقها؟..
وقذف الله في قلوبهم الرعب... وهو جند من جنوده .. فسأل يهود بني النضير رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم) أن يجليهم ويكف عن دمائهم.. وأن يترك لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا الحلقة.. ولم يؤمن من هذه القبيلة الكبيرة العدد إلا رجلين ..
وخرج اليهود من المدينة إلى خيبر في شمال الجزيرة العربية.. وخرج المسلمون من حصار بني النضير أكثر قوة... وارتفعت مكانتهم في شبه جزيرة العرب.. | |
|
| |
المغربي المراقبون
عدد المساهمات : 1622 تاريخ التسجيل : 27/01/2014
| موضوع: رد: سيرة سيد الخلق الأربعاء 11 يونيو 2014, 11:11 | |
| تأديب أهل نجد
بعد إخراج بني النضير من المدينة .. بعث الرسول (صلى الله عليه وسلم) السرايا إلى بعض جهات الجزيرة.. وخرج (صلى الله عليه وسلم) بنفسه على رأس الجيش لتأديب أهل نجد .. الذين أوقعوا بالمسلمين في بئر معونة وماء الرجيع..
وسبحان الله! ..
فلقد فر أهل نجد من أمام جيش المسلمين..!
بعدها .. خرج (أبو سفيان) إلى منطقة قريبة من مر الظهران.. ومعه 50 فرسا ...
ثم بدا لـ (أبو سفيان) الرجوع.. فقال .. يا معشر قريش.. إنه لا يصلحكم إلا عام خصب ترعون فيه الشجر.. وتشربون فيه اللبن.. وإن عامكم هذا عام جدب .. وإني راجع فارجعوا..
فرجع.. ورجع الناس.. فسماهم أهل مكة جيش السَّوِيق... قالوا .. إنما خرجتم تشربون السَّوِيق..!
وكانت هذه حيلة دبرها (أبو سفيان) .. بعد أن بعث إلى المدينة رجلا اسمه (نعيم) .. ليرجف أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بكثرة عدد المشركين .. لكن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لم يبالِ بما سمع من كثرة عدد الجيش.. وعلم ما يريده المشركون من تثبيط همة الناس..
فقال (صلى الله عليه وسلم) ... "والذي نفسي بيده لو لم يخرج معي أحد لخرجتُ وحدي"
فخرج (صلى الله عليه وسلم)... ومعه 1500 من الصحابة .. واستعمل على المدينة (عبد الله بن رواحة الخزرجي).. وحمل اللواء (علي)..
وأقام (صلى الله عليه وسلم) ببدر 8 أيام .. وفي هذه المدة باع المسلمون ما معهم من التجارة فربحوا كثيرا..
ثم سمع (صلى الله عليه وسلم) أن بعض القبائل في دومة الجندل تُغِير على المسلمين وتقتلهم.. فقرر (صلى الله عليه وسلم) الذهاب إلى دومة الجندل.. والمسافة بين دومة الجندل والمدينة أكثر من 450 كم ..
وقام (صلى الله عليه وسلم) بتفريق الصحابة إلى مجموعات .. لتأديب هذه القبائل .. لكنه لم يلق قتالا .. لأن القبائل فرت عن بكرة أبيها ..
فعادت الهيبة إلى المسلمين في الجزيرة العربية وأصبح الناس في حذر من خرق المعاهدات مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم).. | |
|
| |
المغربي المراقبون
عدد المساهمات : 1622 تاريخ التسجيل : 27/01/2014
| موضوع: رد: سيرة سيد الخلق الأربعاء 11 يونيو 2014, 11:12 | |
| قتل كعب بن الأشرف
كان أحد يهود بني النضير يقود حربا ضروسا ضد المسلمين.. اسمه (كعب بن الأشرف).. وهو من قادة وزعماء بني النضير... وكان يصرِّح بسبِّ الله سبحانه وسب الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم).. وينشد الأشعار في هجاء الصحابة رضي الله عنهم .. ولم يكتفِ بهذا الأمر.. بل ذهب يؤلِّب القبائل على الدولة الإسلامية... وحرض قريش على المسلمين .. فيذكرهم بقتلاهم يوم بدر ..
ولأنه كان من اليهود .. وهم أهل كتاب .. سأله القريشيون وهم يعبدون الأصنام .. أديننا أحب إليك أم دين محمد وأصحابه؟ وأي الفريقين أهدى سبيلا؟..
فقال (كعب) .. أنتم أهدى منهم سبيلا ..!
وفي ذلك نزل قوله تعالى ..
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاَءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً)
وهذا الكلام الذي قاله كعب لقريش .. كانت نتيجته أنه شجعهم على حرب المسلمين.. ثم تطورت الفحشاء عنده .. فبدأ ينشد الأشعار في هجاء نساء الصحابة .. رضي الله عنهن ..
النتيجة ..
ارتكب (كعب بن الأشرف) مجموعة من الجرائم والمخالفات الصريحة للمعاهدة بينه وبين الرسول (صلى الله عليه وسلم)... لأنه كان من نصوص المعاهدة ألا تُجار قريش ولا تُنصر على المسلمين..
فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قرارا في منتهى الحسم ..
قال .. "من لي بكعب بن الأشرف .. فإنه آذى الله ورسوله"
فقام (محمد بن مسلمة وعباد بن بشر وأبو نائلة والحارث بن أوس).. ومجموعة من الأوس وقرروا القيام بهذه المهمة.. وأدوها على أحسن وجه.. وبهذا تخلصت الدولة الإسلامية من أحد ألدِّ أعدائها، وهو كعب بن الأشرف.
لكن .. لماذا قتل الرسول (كعب بن الأشرف) وحده دون قبيلته.. فهو من بني النظير ..؟!
تقول بعض الروايات .. أن قتل (كعب بن الأشرف) .. كان قبل خيانة بني النظير لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) .. وكانت قبيلة بني النضير لم تجاهر بالعداء إلى هذه اللحظة.. وأنهم بعد قتل (كعب بن الأشرف) .. جاءوا لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقرون بالعهد ..
نستنتج من ذلك ..
إن السيئة عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لاتُعمّ...! | |
|
| |
المغربي المراقبون
عدد المساهمات : 1622 تاريخ التسجيل : 27/01/2014
| موضوع: رد: سيرة سيد الخلق الأربعاء 11 يونيو 2014, 11:13 | |
| غدر بني قينقاع
عندما دخل الرسول (صلى الله عليه وسلم) المدينة في أول الهجرة .. جمع يهود بني قينقاع وحذرهم من محاولة الطغيان والمخالفة المستمرة التي كانوا عليها..
وقال لهم (صلى الله عليه وسلم).. "يامعشر يهود.. أسلموا قبل أن يصيبكم مثل ما أصاب قريشا"
وهو (صلى الله عليه وسلم) بذلك لا يكرههم على الإسلام أو على الإيمان.. لكنه يوضح لهم أن قريشا لما ظاهرت على أمر الله .. أذلها الله .. وهذا الأمر له بوادر كثيرة عند اليهود... فهم يخالفون ويسيئون الأدب مع أنبيائهم .. ومع رب العالمين ..
لكن رد فعل بني قينقاع كان عنيفا للغاية..
فقد قالوا ..يا محمد لايغرنك من نفسك أنك قتلت نفرا من قريش .. كانوا أغمارا لايعرفون القتال.. إنك لو قاتلتنا لعرفتَ أنّا نحن الناس .. وأنك لم تلق مثلنا ..
!!!!
فهذا إعلان واضح وصريح من اليهود بالحرب.. ومخالفة صريحة وواضحة لبنود المعاهدة التي تنص على وقف الحرب بين الطائفتين.. بل وتجعل من الواجب على اليهود أن يناصروا المسلمين في حربهم ضد من يغزو المدينة ..
فلما قال يهود بني قينقاع هذا الكلام..
أنزل الله آيات بينات توضح العلاقة بين المسلمين واليهود في الفترة القادمة ..
(قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ المِهَادُ)
ثم نزل فيهم ..
(قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُولِي الأَبْصَارِ)
ولأن بصائر اليهود مطموسة تماما.. فلم يفقهوا هذه الآيات ولم يهتموا بها..
لكن الأمر لم يقف عند هذا الحد .. بل تصاعد كثيرا..
إذ أن امرأة من المسلمين قدمت إلى سوق بني قينقاع.. وجلست إلى أحد الصاغة اليهود تبيع وتشتري منه.. فجعل اليهود يريدونها على كشف وجهها.. فرفضت المرأة .. فجاء أحد اليهود من خلفها وربط طرف ثوبها برأسها دون أن تشعر... وعندما وقفت انكشفت المرأة فصرخت.. فجاء أحد المسلمين وقتل اليهودي الذي فعل ذلك.. فاجتمع يهود بني قينقاع على المسلم وقتلوه..
فكانت هذه بوادر أزمة ضخمة في داخل المدينة المنورة.. فقد كشفوا امرأة مسلمة .. وقتلوا مسلما .. !
وصل الأمر إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعلى الفور جمع (صلى الله عليه وسلم) الصحابة وجهز جيشا.. وانتقل سريعا إلى حصون بني قينقاع..
وحاصر الحصون والقوم في داخلها .. وأصر (صلى الله عليه وسلم) على استكمال الحصار حتى ينزل اليهود على أمره..
وهكذا .. حرَّك (صلى الله عليه وسلم) هذا الجيش بكامله من أجل أن امرأة واحدة ..!
واستمر الحصار اسبوعين كاملين .. وقذف الله في قلوب اليهود الرعب .. وكان حكمه (صلى الله عليه وسلم) عليهم بسبب تراكمات كثيرة .. ومخالفات مستمرة .. وسب الصحابة ...واثارة الفتن بين المسلمين ..
واخيرا .. نزل اليهود على حكم رسول الله (صلى الله عليه وسلم).. وخرجوا من حصونهم... وكان القرار هو قتل بني قينقاع..!
فجاء رأس النفاق (ابن سلول) وكان حليفا لهم .. وطلب من الرسول (صلى الله عليه وسلم) أن يحسن في مواليه بني قينقاع.. لكنه (صلى الله عليه وسلم) رفض طلبه .. فما فعلوه كان جريمة عسكرية كبرى .. فكرر (ابن سلول) طلبه مرة ثانية وثالثة .. ثم أدخل يده في جيب درع رسول الله (صلى الله عليه وسلم)..
فقال له (صلى الله عليه وسلم) ... "أرسلني" ..
ثم غضب منه (صلى الله عليه وسلم) غضبا شديدا ..
وقال له .. "ويحك ! .. أرسلني .."
لكن هذا المنافق أصر على إمساك الرسول (صلى الله عليه وسلم)..
وقال له..لا والله لا أرسلك حتى تحسن في مواليّ.. 400 حاسر و 300 دارع .. قد منعوني من الأحمر والأسود.. وتحصدهم في غداة واحدة.. إني والله امرؤ أخشى الدوائر...
قال (ابن سلول) هذا الكلام هكذا بمنتهى الصراحة.. فقد كان هذا المنافق حليفا لبني قينقاع.. ولهم جيش قوامه 700 رجل .. 400 حاسر أي من غير دروع.. وهؤلاء الـ 700 قد منعوه من الأحمر والأسود.. فهو يخشى أن يخسر هذه القوة العسكرية المانعة .. وهذه القوة تمنعه من كل الناس .. ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) يريد ان يقتلهم جميعا في ضربة واحدة.. فكأن علاقة (ابن سلول) باليهود أقوى من انتمائه لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)..
فاشترط النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يترك بني قينقاع المدينة المنورة بكاملهم.. فوافقوا .. وخرجوا من المدينة المنورة إلى منطقة تسمى (أذرعات) بالشام.. ويقال إنهم قد هلكوا هناك بعد فترة وجيزة... وانتهى أثرهم..
لكن هناك أمور مهمة علينا تعلمها جميعا ..
(1) لم يقف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هذه الوقفة الجادة والقوية مع اليهود إلا بعد أن اطمأن تماما على قوة المسلمين اقتصاديا وعسكريا.. فلم يجازف بحياة المسلمين ويقلب الدنيا فوضى ..! لكن الماء كان قد أصبح بيد المسلمين .. ولهم بئر رومة .. والجيش المسلم يعتمد اعتمادا كُلِّيا على أفراده..لا على معونات خارجية.. ولا على أي مساعدات من خارج المهاجرين والأنصار.. بينما كان (ابن سلول) يعتمد على اليهود ..
(2) لم يتساهل الرسول (صلى الله عليه وسلم) مطلقا مع اليهود بعد موقفهم مع المرأة المسلمة.. ومع الرجل المسلم الذي قُتل.. ولو سكت الرسول (صلى الله عليه وسلم) على مخالفة اليهود .. لتطاولوا ثم لدخلوا في مرحلة اخرى من الاستهزاء بالدولة الإسلامية..
(3) المشكلة الأخرى .. كانت قوة العلاقة بين اليهود والمنافقين.. فمع أن المنافقين لا يختلفون عن المسلمين في أسمائهم وأشكالهم.. إلا أنهم يتعاملون مع اليهود بمنتهى الحمية والقوة.. وذلك لأنهم يبطنون الكفر ويظهرون الإسلام.. وقد استغل اليهود هذه العلاقة من أيامه (صلى الله عليه وسلم) وحتى يومنا هذا ..
كما قال الحق سبحانه ..
(أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلاَ نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ)
فجعل الله المنافقين إخوانا للذين كفروا من أهل الكتاب.. فهذا الأمر في غاية الوضوح في كتاب رب العالمين.. | |
|
| |
المغربي المراقبون
عدد المساهمات : 1622 تاريخ التسجيل : 27/01/2014
| موضوع: رد: سيرة سيد الخلق الأربعاء 11 يونيو 2014, 11:14 | |
| شريفةً ومولى
حين دخلت (أم سلمة) بيت النبي (صلى الله عليه وسلم) .. تحدث (عائشة) إلى (حفصة) .. عما تجد من لواذع الغيرة لما سمعت من جمال العروس.. لكن .. لفتتها (حفصة).. إلى أنها على جمالها .. كبيرة في السن .. ثم أوصتها أن تستبقي غيرتها لمن هي أولى ..
وكأنما كانت (حفصة) تنطق بظهر الغيب .. فما مضى على زواج النبي (صلى الله عليه وسلم) من (أم سلمة) غير عام أو بعض عام.. حتى دخلت بيت الرسول (صلى الله عليه وسلم) من هي أولى بغيرة (عائشة)..
وهي .. (زينب بنت جحش بن رئاب بن يعمر الأسدية).. الشابة الشريفة الحسناء .. سليلة بني اسد بن خزيمة المضري .. وحفيدة عبد المطلب بن هاشم ..فأمها (أميمة بنت عبد المطلب) .. عمته (صلى الله عليه وسلم)..
ولو كانت (زينب) قد جاءت معتزة بجمالها وشبابها .. وقرابتها للنبي (صلى الله عليه وسلم) فحسب .. لكانت بهذا كله كفيلة بأن تثير غيرة من في بيته من أزواج .. فكيف وقد كان زواجها بأمر الله تعالى .. في القرآن الكريم ..
ولا نعرف من بين أمهات المؤمنين .. من شغل زواجها مدينة الرسول .. مثل (زينب بنت جحش) .. ذلك لما سبق هذا الزواج وأحاط به .. من ظروف خاصة .. وما أثاره من شبهةٍ حسمها الوحي ..
ولبيان هذا الأمر .. يحق علينا أن نرجع بالقصة إلى الوراء... إلى ما قبل المبعث .. حين رجع (حكيم بن خزام بن خويلد الأسدي) .. من تجارة له .. ومع رقيق .. فيهم غلام في الـ 8 من العمر ... اسمه (زيد) ...
وما كان (زيد) عبدا .. بل هو (زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب الكلبي).. من كلب بن وبرة القضاعي القحطاني .. من بني زيد اللات .. خرجت به أمه (سعدى بنت ثعلبة) لتزور أهلها بني معن بن طيء .. فأصابتها خيل من بني القين بن جسر .. فباعوه بسوق من أسواق العرب ..
وكان (حكيم بن حزام) هو الذي اشتراه..
وجاءت (خديجة) .. وهو يومئذ زوجة رسول الله (صلى الله عليه وسلم).. تزور ابن أخيها (حكيم) .. فعزم عليها أن تختار من شاءت من الغلمان .. فأخذت (زيدا) .. ورآه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) .. فوهبته له راضية ..
وكان أبو زيد .. (شراحيل) قد جزع عليه أشد الجزع .. وخرج يلتمسه حتى سمع بمكانه في مكة .. فانطلق مع أخيه (كعب) حتى وقفا على محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم)..
فقالا له .. يا ابن عبد المطلب.. يا ابن سيد قومه.. أنتم جيران الله .. تفكون العاني وتطعمون الجائع.. وقد جئتك في ابننا .. فتحسّن إلينا في فدائه..
قال (صلى الله عليه وسلم).. "أو غير ذلك؟"
قالا .. وما هو ؟!
قال (صلى الله عليه وسلم).. "أدعوه وأخيره.. فإن اختاركما فذاك .. وان اختارني فوا الله ما أنا بالذي أختار على من اختارني أحدا"
فهتفا معا ... قد زدتَ على النصفة ...
ودُعي (زيد) .. فعرف أباه وعمه .. وخيّره رسول الله (صلى الله عليه وسلم).. إن شاء ذهب معهما .. وإذا أحب أقام معه .. فاختار رسول الله (صلى الله عليه وسلم)...
وتوسل إليه أبوه ... يازيد .. أتختار العبودية على أبيك وأمك .. وبلدك وقومك؟!..
فتماسك (زيد) ليجيب .. إني قد رأيتُ من هذا الرجل شيئا .. وما أنا بالذي أفارقه أبدا ..
فعند ذلك ... أخذه (صلى الله عليه وسلم) بيده .. وهذا الحدث قبل النبوة كما نعلم .. وقام به إلى الملأ من قريش .. فأشهدهم أن (زيدا) ابنه وارثا وموروثا ..
ودُعي الغلام ... (زيد بن محمد)..
وكان أول من أسلم بعد (علي بن أبي طالب) ..
وعندما آخى (صلى الله عليه وسلم) بين أصحابه المهاجرين .. كان (زيد) أخا لـ (حمزة بن عبد المطلب)..
ولما بلغ (زيد) سن الزواج .. اختار له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) .. ابنة عمته (أميمة بن عبد المطلب) .. وهي (زينب بنت جحش) ..
وكرهت (زينب) كما كره أخوها (عبد الله بن جحش).. أن تزف الشريفة المضرية .. إلى مولى من الموالي ..
وفزعا إلى إبن خالهما يسالانه ألا يلحق بهما مثل ذلك الضيم .. فما كانت بنات الأشراف ليتزوجن من موالٍ وأن أعتقوا ..
وقالت (زينب) .. لا أتزوجه أبدا ..
فحدثهما (صلى الله عليه وسلم) عن مكان (زيد) في الإسلام .. وعن أصله العربي الصريح .. لكنهما على حبهما للنبي .. وحرصهما على طاعته .. كرها هذا الزواج ..
حتى نزل فيهما قول الله تعالى ..
(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا )
فتزوجت (زينب) من (زيد) .. طاعة لأمر الله ورسوله (صلى الله عليه وسلم).. وإلزاما بالمبدأ الإٍسلامي .. لايتفاضل فيه الناس .. إلا بالتقوى.. | |
|
| |
المغربي المراقبون
عدد المساهمات : 1622 تاريخ التسجيل : 27/01/2014
| موضوع: رد: سيرة سيد الخلق الأربعاء 11 يونيو 2014, 11:15 | |
| الطـــلاق
لكن حياة الزوجين .. (زينب وزيد) .. لم تصفُ أبدا .. فما نسيت (زينب) قط أنها الشريفة التي لم يجر عليها رق .. ولا أساغت لحظة أن تكون تحت مولى ..
ولقد قاسى (زيد) من صدها وإبائها وترفعها ما استنفد صبره .. فشكا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أكثر من مرة .. ما يجد من معاملة (زينب) له .. فكان (صلى الله عليه وسلم).. يوصيه بمزيد من الصبر والاحتمال .. ويأمره أن ..
"امسك عليك زوجك واتق الله ... "
لكن .. تطلق الزوجان ... | |
|
| |
| سيرة سيد الخلق | |
|